للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا، وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً، وَلَمْ يُقِمْ الْآخَرُ أَجَزْت بَيِّنَةَ الَّذِي أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَدَاعَى الرَّجُلَانِ الدَّارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ هِيَ لِي فِي يَدَيْ، وَأَقَامَا مَعًا عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً جَعَلْتهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّا إنْ قَبِلْنَا الْبَيِّنَةَ قَبِلْنَا بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَأَلْغَيْنَاهَا عَمَّا فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ فَأَسْقَطْنَاهَا، وَجَعَلْنَاهَا كَدَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلَّهَا فَيُقْضَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنِصْفِهَا، وَنُحَلِّفُهُ إذَا أَلْغَيْنَا الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَاهُ آخَرُ، وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي يَدَيْهِ أَمْسِ فَإِنَّهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي يَدَيْهِ مَا لَيْسَ لَهُ، وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ أَخَذَهُ هَذَا مِنْهُ أَوْ انْتَزَعَ مِنْهُ الْعَبْدَ أَوْ اغْتَصَبَهُ مِنْهُ أَوْ غَلَبَهُ عَلَى الْعَبْدِ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَتِهِ فَاعْتَرَضَهُ هَذَا مِنْ الطَّرِيقِ فَذَهَبَ بِهِ أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ أَبَقَ مِنْ هَذَا فَأَخَذَهُ هَذَا فَإِنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ جَائِزَةٌ، وَيُقْضَى لَهُ بِالْعَبْدِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَعَلَى الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدِ الْيَمِينُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِيءَ، وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ مَا ادَّعَى، وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ دَعْوَاهُ، وَإِنَّمَا أُحَلِّفُهُ عَلَى مَا ادَّعَى صَاحِبُهُ.

(قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ) - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ، وَيُتْرَكُ فِي يَدَيْهِ كَمَا كَانَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ، وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَالِ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ أَوْ بَعْضَهُ فَقَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ لَيْسَ هَذَا بِمِلْكٍ لِي، وَهُوَ مِلْكٌ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فُلَانٌ حَاضِرًا صَيَّرَ لَهُ، وَكَانَ خَصْمًا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا كَتَبَ إقْرَارَهُ لَهُ، وَقِيلَ لِهَذَا الْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَعْوَاك، وَلِلَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ ادْفَعْ عَنْهُ فَإِنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قُضِيَ لَهُ بِهِ عَلَى الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ، وَكَتَبَ فِي الْقَضَاءِ إنِّي إنَّمَا قَبِلْتُ بَيِّنَةَ فُلَانٍ الْمُدَّعِي بَعْدَ إقْرَارِ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ فِي يَدَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ، وَلَمْ يَكُنْ فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ، وَلَا وَكِيلٌ لَهُ حَاضِرًا فَقَالَتْ الْبَيِّنَةُ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي هَذِهِ الدَّارَ عَلَى مَا حَكَيْت فِي كِتَابِي، وَيَحْكِي شَهَادَةَ الشُّهُودِ، وَقَضَيْت لَهُ بِهَا عَلَى فُلَانٍ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ، وَجَعَلْت فُلَانًا الْمُقَرَّ لَهُ بِهَا عَلَى حُجَّتِهِ يَسْتَأْنِفُهَا فَإِذَا حَضَرَ أَوْ وَكِيلٌ لَهُ اسْتَأْنَفَ الْحُكْمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَإِنْ أَقَامَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لِفُلَانٍ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهَا أَوْ أَكْرَاهُ إيَّاهَا فَمَنْ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ سَمِعَ بَيِّنَتَهُ، وَقَضَى لَهُ، وَأُحَلِّفُهُ لِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ لَحَقٌّ، وَمَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، وَكَتَبَ لَهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ إنِّي سَمِعْتُ بَيِّنَتَهُ، وَيَمِينَهُ، وَفُلَانٌ الَّذِي ذَكَرَ أَنَّ لَهُ الدَّارَ غَائِبٌ لَمْ يَحْضُرْ، وَلَا وَكِيلٌ لَهُ فَإِذَا حَضَرَ جَعَلَهُ خَصْمًا، وَسَمِعَ بَيِّنَتَهُ إنْ كَانَتْ، وَأَعْلَمَهُ الْبَيِّنَةَ الَّتِي شَهِدَتْ عَلَيْهِ فَإِنْ جَاءَ بِحَقٍّ أَحَقَّ مِنْ حَقِّ الْمَقْضِيِّ لَهُ قَضَى لَهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ أَنْفَذَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ سَأَلَ الْمَحْكُومُ لَهُ الْأَوَّلُ الْقَاضِيَ أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ كِتَابًا بِالْحُكْمِ الثَّانِي عِنْدَ حَضْرَةِ الْخَصْمِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ فَيَحْكِيَ مَا قَضَى بِهِ أَوَّلًا حَتَّى يَأْتِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَحْكِيَ أَنَّ فُلَانًا حَضَرَ، وَأَعَدْت عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ، وَسَمِعْت مِنْ حُجَّتِهِ وَبَيِّنَتِهِ ثُمَّ يَحْكِيهَا ثُمَّ يَحْكِي أَنَّهُ لَمْ يَرَ لَهُ فِيهَا شَيْئًا، وَأَنَّهُ أَنْفَذَ عَلَيْهِ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ، وَقَطَعَ حُجَّتَهُ بِالْحُكْمِ الْآخَرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَيْسَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ إمَّا لَا يُقْضَى عَلَى غَائِبٍ بِدَيْنٍ، وَلَا غَيْرِهِ، وَإِمَّا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ وَغَيْرِهِ، وَنَحْنُ نَرَى الْقَضَاءَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْأَعْذَارِ، وَقَدْ كَتَبْنَا الْأَعْذَارَ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ هَذَا، وَسَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ قَبْلَ شَهَادَةِ الشُّهُودِ أَوْ بَعْدَهَا، وَسَوَاءٌ هَذَا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهَا لَهُ آجَرَهَا إيَّاهُ، وَادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا لَهُ، وَأَنَّهُ أَوْدَعَهَا إيَّاهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ، وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَقْضِي بِهَا نِصْفَيْنِ، وَقَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

(قَالَ الرَّبِيعُ) حِفْظِي عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الشَّهَادَتَيْنِ بَاطِلَتَانِ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ.

(قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>