أَصْدَقْتُك خَادِمًا بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْخَادِمَ بِأَرْبَعِينَ دِينَارًا قَدْ يَكُونُ صَبِيًّا وَكَبِيرًا وَأَسْوَدَ وَأَحْمَرَ فَلَا يَجُوزُ فِي الصَّدَاقِ إلَّا مَا جَازَ فِي الْبُيُوعِ.
وَلَوْ قَالَ أَصْدَقْتُك خَادِمًا خُمَاسِيًّا مِنْ جِنْسِ كَذَا أَوْ صِفَةِ كَذَا جَازَ كَمَا يَجُوزُ فِي الْبُيُوعِ قَالَ وَلَوْ أَصْدَقَهَا دَارًا لَا يَمْلِكُهَا أَوْ عَبْدًا لَا يَمْلِكُهُ أَوْ حُرًّا فَقَالَ هَذَا عَبْدِي أَصَدَقْتُكَهُ فَنَكَحَتْهُ عَلَى هَذَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الدَّارَ وَالْعَبْدَ لَمْ يَكُونَا فِي مِلْكِهِ يَوْمَ عَقَدَ عَلَيْهَا فَعُقْدَةُ النِّكَاحِ جَائِزَةٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَا يَكُونُ لَهَا قِيمَةُ الْعَبْدِ وَلَا الدَّارُ وَلَوْ مَلَكَهُمَا بَعْدُ فَأَعْطَاهَا إيَّاهُمَا لَمْ يَكُونَا لَهَا إلَّا بِتَجْدِيدِ بَيْعٍ فِيهِمَا لِأَنَّ الْعُقْدَةَ انْعَقَدَتْ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُمَا كَمَا لَوْ انْعَقَدَتْ عَلَيْهِمَا عُقْدَةُ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَلَوْ مَلَكَهُمَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ سَلَّمَهُمَا مَالِكُهُمَا لِلْبَائِعِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُحْدِثَ فِيهِمَا بَيْعًا وَإِنَّمَا جَعَلْت لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُرَدُّ كَمَا لَا تُرَدُّ الْبُيُوعُ الْفَائِتَةُ النِّكَاحَ كَالْبُيُوعِ الْفَائِتَةِ قَالَ وَسَيِّدُ الْأَمَةِ فِي تَزْوِيجِ الرَّجُلِ بِغَيْرِ مَهْرِ مِثْلِ الْمَرْأَةِ الْبَالِغِ فِي نَفْسِهَا إذَا زَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُسَمِّي مَهْرًا أَوْ زَوَّجَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا فَطَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَلَهَا الْمُتْعَةُ وَلَيْسَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَإِذَا زَوَّجَ الْأَمَةَ سَيِّدُهَا وَأَذِنَتْ الْحُرَّةُ فِي نَفْسِهَا بِلَا مَهْرٍ ثُمَّ أَرَادَتْ الْحُرَّةُ وَأَرَادَ سَيِّدُ الْأَمَةِ أَنْ يَفْرِضَ الزَّوْجُ لَهَا مَهْرًا فُرِضَ لَهَا الْمَهْرُ.
وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَطَلَبَتْهُ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا أَوْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمَتَاعُ لَا يَجِبُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ إلَّا أَنْ يَفْرِضَ الْحَاكِمُ أَوْ بِأَنْ يَفْرِضَهُ هُوَ لَهَا بَعْدَ عِلْمِهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فَتَرْضَى كَمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَيَلْزَمُهُمَا جَمِيعًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ نَكَحَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَفَرَضَ لَهَا مَهْرًا فَلَمْ تَرْضَهُ حَتَّى فَارَقَهَا كَانَتْ لَهَا الْمُتْعَةُ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مِمَّا فَرَضَ لَهَا شَيْءٌ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الرِّضَا فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى الرِّضَا بِهِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقْضُ شَيْءٍ مِنْهُ كَمَا لَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نَقْضُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ الْعُقْدَةُ مِنْ الْمَهْرِ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا عَلَى نَقْضِهَا أَوْ يُطَلِّقُ قَبْلَ الْمَسِيسِ فَيُنْتَقَضُ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا يَلْزَمُهَا مَا فَرَضَ لَهَا بِحَالٍ حَتَّى يَعْلَمَا كَمْ مَهْرُ مِثْلِهَا لِأَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا بِالْعَقْدِ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ بِطَلَاقٍ فَإِذَا فَرَضَ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ هُوَ كَالْمُشْتَرِي وَهِيَ كَالْبَائِعِ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَعْلَمْ أَحَدُهُمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ أَبُو الْجَارِيَةِ الصَّغِيرَةِ وَلَا الْكَبِيرَةِ الْبِكْرِ كَسَيِّدِ الْأَمَةِ فِي أَنْ يَضَعَ مِنْ مَهْرِهَا وَلَا يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ مَهْرٍ فَإِنْ قِيلَ فَمَا فَرْقٌ بَيْنَهُمَا فَهُوَ يُزَوِّجُهُمَا مَعًا بِلَا رِضَاهُمَا؟ قِيلَ مَا يَمْلِكُ مِنْ الْجَارِيَةِ مِنْ الْمَهْرِ فَلِنَفْسِهِ يَمْلِكُهُ لَا لَهَا فَأَمْرُهُ يَجُوزُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ وَمَا مَلَكَ لِابْنَتِهِ مِنْ مَهْرِهَا فَلَهَا يَمْلِكُهُ لَا لِنَفْسِهِ وَمَهْرُهَا مَالٌ مِنْ مَالِهَا فَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ مَالَهَا فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ صَدَاقَهَا وَلَا يُزَوِّجَهَا بِغَيْرِ صَدَاقٍ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ مَا سِوَاهُ مِنْ مَالِهَا.
وَإِذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا مَهْرًا أَوْ قَالَ لِزَوْجِهَا أُزَوِّجُكهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ عَلَيْك فَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ لَهَا وَلَهَا عَلَى الزَّوْجِ مَهْرُ مِثْلِهَا لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ فَإِنْ ضَمِنَ لَهُ الْأَبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ مَهْرِهَا وَسَمَّاهُ فَلِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ صَدَاقُهَا فِي مَالِهِ عَاشَ أَوْ مَاتَ أَوْ عَاشَتْ أَوْ مَاتَتْ وَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَضْمَنْ لَهُ فِي مَالِهِ شَيْئًا فَيَلْزَمُهُ ضَمَانُهُ إنَّمَا ضَمِنَ لَهُ أَنْ يُبْطِلَ عَنْهُ حَقًّا لِغَيْرِهِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَكَيْفَ جَعَلْت عَلَيْهِ مَهْرَ مِثْلِ الصَّبِيَّةِ إنَّمَا زَوَّجَهُ إيَّاهَا أَبُوهَا وَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِالنِّكَاحِ إلَّا بِغَيْرِ مَهْرٍ؟ قِيلَ لَهُ أَرَأَيْت إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ الثَّيِّبُ الْمَالِكُ لِأَمْرِهَا الَّتِي لَوْ وَهَبَتْ مَالَهَا جَازَ تَنْكِحُ الرَّجُلَ عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا ثُمَّ تَسْأَلُ الْمَهْرَ فَأَفْرِضُ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا وَلَا أُبْطِلُ النِّكَاحَ كَمَا أُبْطِلُ الْبَيْعَ وَلَا أَجْعَلُ لِلزَّوْجِ الْخِيَارَ بِأَنْ طَلَبَتْ الصَّدَاقَ وَقَدْ نَكَحَتْ بِلَا صَدَاقٍ وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ أَقُولَ فِي الصَّبِيَّةِ؟.
فَإِنْ قَالَ هَكَذَا لِأَنَّهُمَا مَنْكُوحَتَانِ وَأَكْثَرُ مَا فِي الصَّبِيَّةِ أَنْ يَجُوزَ أَمْرُ أَبِيهَا عَلَيْهَا فِي مَهْرِهَا كَمَا يَجُوزُ أَمْرُ الْكَبِيرَةِ فِي نَفْسِهَا فِي مَهْرِهَا فَإِذَا لَمْ يَبْرَأْ زَوْجُ الْكَبِيرَةِ مِنْ الْمَهْرِ بِأَنْ لَمْ يَرْضَ أَنْ يَنْكِحَهَا إلَّا بِلَا مَهْرٍ وَنَكَحَتْهُ عَلَى ذَلِكَ فَلَزِمَهُ الْمَهْرُ وَلَمْ نَفْسَخْ النِّكَاحَ وَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ الْخِيَارَ وَلَوْ أَصَابَهَا كَانَ لَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ فَهَكَذَا الصَّبِيَّةُ فَإِنْ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنْ لِمَ جَعَلْت عَلَى زَوْجِ الصَّبِيَّةِ يُطَلِّقُهَا نِصْفَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute