للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةَ: الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ مَا أَصَابَهُ نَصْرَانِيًّا وَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جُنِيَ عَلَيْهِ نَصْرَانِيًّا فَتَهَوَّدَ أَوْ يَهُودِيًّا فَتَمَجَّسَ فَقَدْ قِيلَ: عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَةِ جُرْحِهِ نَصْرَانِيًّا أَوْ دِيَتِهِ مَجُوسِيًّا وَقِيلَ: عَلَيْهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَكَانَ كَرُجُوعِهِ إلَى الْمَجُوسِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ الَّذِي كَانَ يُقَرُّ عَلَيْهِ إلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا جَنَى النَّصْرَانِيُّ عَلَى النَّصْرَانِيِّ أَوْ الْمُشْرِكِ الْمَمْنُوعِ الدَّمِ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ جِنَايَتِهِ، وَإِنْ ارْتَدَّ النَّصْرَانِيُّ الْجَانِي عَنْ النَّصْرَانِيَّةِ إلَى مَجُوسِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ غَرِمَتْ عَاقِلَةُ الْجَانِي الْأَقَلَّ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ دِيَةِ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا ضَمِنُوا أَرْشَ الْجُرْحِ وَهُوَ عَلَى دِينِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ مُوضِحَةً فَمَاتَ مِنْهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ يَرْتَدَّ الْجَانِي إلَى غَيْرِ النَّصْرَانِيَّةِ ضَمِنَتْ عَاقِلَتُهُ أَرْشَ مُوضِحَةٍ وَضَمِنَ فِي مَالِهِ زِيَادَةَ النَّفْسِ عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فَإِنْ لَمْ تَزِدْ النَّفْسُ عَلَى الْمُوضِحَةِ بِشَيْءٍ حَتَّى تَحَوَّلَ حَالُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ دِينِهِ ضَمِنَتْ الْعَاقِلَةُ كَمَا هِيَ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ لِلُزُومِهَا لَهَا يَوْمَ جَنَى صَاحِبُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى نَصْرَانِيٌّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مُوضِحَةً، ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَانِي وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ضَمِنَتْ عَاقِلَتُهُ مِنْ النَّصَارَى أَرْشَ الْمُوضِحَةِ وَضَمِنَ الْجَانِي فِي مَالِهِ الزِّيَادَةَ عَلَى أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَا يَعْقِلُ عَاقِلَةُ النَّصْرَانِيِّ مَا زَادَتْ جِنَايَتُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ لِقَطْعِ الْوِلَايَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَتَغْرَمُ مَا لَزِمَهَا مِنْ جِرَاحِهِ وَهُوَ عَلَى دِينِهَا وَلَا يَعْقِلُ الْمُسْلِمُونَ عَنْهُ زِيَادَةَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ وَهُوَ مُشْرِكٌ وَالْمَوْتَ بِالْجِنَايَةِ كَانَ وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَهَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ هُوَ وَعَاقِلَتُهُ لَمْ يَعْقِلُوا إلَّا مَا لَزِمَهُمْ وَهُوَ عَلَى دِينِهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى نَصْرَانِيٌّ عَلَى رَجُلٍ خَطَأً، ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ الْجَانِي فَلَمْ يَطْلُبْ الرَّجُلُ جِنَايَتَهُ إلَّا وَالْجَانِي مُسْلِمٌ فَإِنْ قَالَتْ لَهُ عَاقِلَتُهُ مِنْ النَّصَارَى جَنَى عَلَيْكَ مُسْلِمًا وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: جَنَى عَلَيْكَ مُشْرِكًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمْ مَعًا فِي أَنْ لَا يَضْمَنُوا عَنْهُ مَعَ إيمَانِهِمْ وَكَانَتْ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ بِحَالِهِ يَوْمَ جَنَى فَتَعْقِلُ عَنْهُ عَاقِلَتُهُ مِنْ النَّصَارَى إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا مَا لَزِمَهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ وَيَكُونَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ أَوْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ جَنَى مُسْلِمًا فَيَعْقِلُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ إنْ كَانَ لَهُ فِيهِمْ عَاقِلَةٌ.

وَإِذَا رَمَى النَّصْرَانِيُّ إنْسَانًا فَلَمْ تَقَعْ رَمْيَتُهُ حَتَّى أَسْلَمَ فَمَاتَ الْمَرْمِيُّ لَمْ تَعْقِلْ عَنْهُ عَاقِلَتُهُ مِنْ النَّصَارَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ جِنَايَةً لَهَا أَرْشٌ حَتَّى أَسْلَمَ وَلَا الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَةَ كَانَتْ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ وَكَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا تَهَوَّدَ أَوْ تَمَجَّسَ، ثُمَّ جَنَى لَمْ تَعْقِلْ عَنْهُ عَاقِلَتُهُ مِنْ النَّصَارَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى دِينٍ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ وَلَا الْيَهُودَ وَلَا الْمَجُوسَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَلَا الْمَجُوسِيَّةِ مَعَهُمْ وَكَانَ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ، وَهَكَذَا لَوْ رَجَعَ إلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ مَجُوسِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَا تَعْقِلُ عَنْهُ إذَا بَدَّلَ دِينَهُ عَاقِلَةُ وَاحِدٍ مِنْ النِّصْفَيْنِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ ثَانِيَةً، ثُمَّ يَجْنِيَ فَيَعْقِلَ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ بِالْوِلَايَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا جَنَى الرَّجُلُ مَجُوسِيًّا فَقُتِلَ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْجَانِي بَعْدَ الْقَتْلِ وَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ضَمِنَ عَنْهُ الْمَجُوسُ الْجِنَايَةَ؛ لِأَنَّهَا عَاقِلَتُهُ مِنْ الْمَجُوسِ كَانَتْ وَهُوَ مَجُوسِيٌّ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا فَهِيَ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا تَضْمَنُ عَاقِلَةُ مَجُوسِيٍّ وَلَا مُسْلِمٍ إلَّا مَا جَنَى خَطَأً تَقُومُ بِهِ بَيِّنَةٌ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ إذَا قَتَلَ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ فَقَتَلَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْمَقْتُولَةَ كَانَتْ مُكَافِئَةً بِنَفْسِ الْقَاتِلِ حِينَ قَتَلَ وَلَيْسَ إسْلَامُهُ الَّذِي يُزِيلُ عَنْهُ مَا قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْقَوَدُ بَيْنَ كُلِّ كَافِرَيْنِ لَهُمَا عَهْدٌ سَوَاءٌ كَانَا مِمَّنْ يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْتَأْمَنٌ أَوْ كِلَاهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا لَهُ عَهْدٌ وَيُقَادُ الْمَجُوسِيُّ مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ، وَكَذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ مَمْنُوعُ الدَّمِ يُقَادُ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ دِيَةً مِنْهُ كَمَا يُقَادُ الرَّجُلُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ وَالرَّجُلُ أَكْثَرُ دِيَةً مِنْهَا وَالْعَبْدُ مِنْ الْعَبْدِ وَهُوَ أَكْثَرُ ثَمَنًا مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>