للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّصَارَى، وَكَذَلِكَ يَقْتَصُّ نِسَاؤُهُمْ مِنْهُمْ وَنَجْعَلُ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةً وَكَذَلِكَ نُوَرِّثُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ لِلْقَرَابَةِ وَيَقْتَصُّ الْمُسْتَأْمَنُ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُعَاهَدِينَ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ ذِمَّةً وَلَا تَفَاوُتَ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ فَنَمْنَعُ بِهِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ بِالْقِصَاصِ كَفَوْتِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا يُحْكَمُ عَلَى الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ إذَا جَنَى يُقْتَصُّ مِنْهُ وَيُحْكَمُ فِي مَالِهِ بِأَرْشِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاقِلَةٌ إلَّا عَاقِلَةٌ حَرْبِيَّةٌ لَا يَنْفُذُ حُكْمُنَا عَلَيْهِمْ جَعَلْنَا الْخَطَأَ فِي مَالِهِ كَمَا نَجْعَلُهُ فِي مَالِ مَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَهَكَذَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ إذَا أَصَابُوا مُسْلِمًا بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ أَصَابَ أَهْلُ الذِّمَّةِ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ لَمْ يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ طَلَبَتْ وَرَثَتُهُ؛ لِأَنَّ دَمَهُ مُبَاحٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ حَرْبِيًّا مُسْتَأْمَنًا إلَّا أَنَّا إذَا لَمْ تُودِ عَاقِلَةُ الْحَرْبِيِّ عَنْهُ أَرْشَ الْخَطَأِ كَمَا حَكَمْنَا بِهِ فِي مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ لَحِقَ الْحَرْبِيُّ الْجَانِي بَعْدَ الْجِنَايَةِ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ رَجَعَ مُسْتَأْمَنًا حَكَمْنَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَزِمَهُ أَوَّلًا وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِلُحُوقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ مَاتَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ وَعِنْدَنَا لَهُ مَالٌ كَانَ لَهُ أَمَانٌ أَوْ وَرَدَ عَلَيْنَا وَهُوَ حَيٌّ مَالٌ لَهُ أَمَانٌ أَخَذْنَا مِنْ مَالِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لِوَلِيِّهَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ فِي مَالِهِ فَمَتَى أَمْكَنَنَا أَعْطَيْنَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ أَمَّنَّا لَهُ مَالَهُ عَلَى أَنْ لَا نَأْخُذَ مِنْهُ مَا لَزِمَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ مَا لَزِمَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى وَهُوَ عِنْدَنَا جِنَايَاتٍ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ أَمَّنَّاهُ عَلَى أَنْ لَا نَحْكُمَ عَلَيْهِ حَكَمْنَا عَلَيْهِ وَكَانَ مَا أَعْطَيْنَاهُ مِنْ الْأَمَانِ عَلَى مَا وَصَفْنَا بَاطِلًا لَا يَحِلُّ وَهَكَذَا لَوْ سُبِيَ وَأُخِذَ مَالُهُ وَقَدْ كَانَ لَهُ عِنْدَنَا فِي الْأَمَانِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يُغْنَمْ إلَّا وَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ حَقٌّ كَالدَّيْنِ وَسَوَاءٌ إنْ أُخِذَ مَالُهُ قَبْلَ أَنْ يُسْبَى أَوْ مَعَ السَّبْيِ أَوْ بَعْدَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَغُنِمَ مَالُهُ وَسُبِيَ أَوْ لَمْ يُسْبَ أَخَذْنَا الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا بِأَكْثَرَ مِنْ الرَّجُلِ يُدَانُ الدَّيْنَ، ثُمَّ يَمُوتُ فَنَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ مَالِهِ بِوُجُوبِهِ فَلَيْسَ الْغَنِيمَةُ لِمَالِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمِيرَاثِ لَوْ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ ذِمِّيٌّ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِلْوَرَثَةِ مِلْكَ الْمَوْتَى بَعْدَ الدَّيْنِ، وَكَذَلِكَ الْغَنَائِمُ؛ لِأَنَّهُمْ خَوَّلُوهَا بِأَنَّ أَهْلَهَا أَهْلُ دَارِ حَرْبٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى وَهُوَ مُسْتَأْمَنٌ، ثُمَّ لَحِقَ بِبِلَادِ الْحَرْبِ نَاقِضًا لِلْأَمَانِ، ثُمَّ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَأَحْرَزَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ وَالدَّيْنِ الَّذِي لَزِمَهُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكُلُّ هَذَا لَا يُخَالِفُ الْأَمَانَ يُمْلَكُ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ لَا يُمْلَكُ إلَّا لِسَيِّدِهِ، وَهُوَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا مَالِكٌ لِنَفْسِهِ وَيُخَالِفُ لَأَنْ يُجْنَى عَلَيْهِ وَهُوَ مُحَارَبٌ غَيْرُ مُسْتَأْمَنٍ بِبِلَادِ الْحَرْبِ وَجِنَايَتُهُ كُلُّهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ هَدَرٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ جِنَايَةً فَلَزِمَتْهُ فِي مَالِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ فَكَانَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ قُتِلَ عَلَى الرِّدَّةِ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مَالِهِ وَلَمْ يُغْنَمْ مِنْ مَالِهِ شَيْءٌ حَتَّى تُؤَدَّى جِنَايَتُهُ وَمَا لَزِمَهُ فِي مَالِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا جَنَى الذِّمِّيُّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ فَتَمَجَّسَ النَّصْرَانِيُّ بَعْدَ مَا يُجْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ مَجُوسِيًّا فَقَدْ قِيلَ: فَعَلَى الْجَانِي الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ جِرَاحِ النَّصْرَانِيِّ وَمِنْ دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ وَقِيلَ: عَلَيْهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ الْقَوَدُ مِنْ الذِّمِّيِّ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ، وَإِنْ تَمَجَّسَ فَهُوَ مَمْنُوعُ الدَّمِ بِالْعَقْدِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَيْسَ كَالْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ؛ لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمَ مُرْتَدًّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهَذَا لَوْ قَتَلَ مُرْتَدًّا عَنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ كَانَ عَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَالْقَوَدُ إنْ كَانَ كَافِرًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ جَنَى نَصْرَانِيٌّ فَتَزَنْدَقَ أَوْ دَانَ دِينًا لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ أَهْلِهِ وَقَدْ قِيلَ عَلَى الْجَانِي عَلَيْهِ إذَا غَرِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>