للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ كَسَرَ لَهُ طُنْبُورًا أَوْ مِزْمَارًا أَوْ كَبَرًا فَإِنْ كَانَ فِي هَذَا شَيْءٌ يَصْلُحُ لِغَيْرِ الْمَلَاهِي فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ الْكَسْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَصْلُحُ إلَّا لِلْمَلَاهِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَكَذَا لَوْ كَسَرَهَا نَصْرَانِيٌّ لِمُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ يَهُودِيٌّ أَوْ مُسْتَأْمَنٌ أَوْ كَسَرَهَا مُسْلِمٌ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ أَبْطَلْت ذَلِكَ كُلَّهُ قَالَ وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا أَفْسَدَ لِنَصْرَانِيٍّ مَا أَبْطَلَ عَنْهُ فَغَرِمَ الْمُفْسِدُ شَيْئًا بِحُكْمِ حَاكِمِهِمْ أَوْ شَيْئًا يَرَوْنَهُ حَقًّا يُلْزِمُهُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا أَوْ شَيْئًا تَطَوَّعَ لَهُ بِهِ وَضَمِنَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَضْمُونُ لَهُ حَتَّى جَاءَنَا الضَّامِنُ أَبْطَلْنَاهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ وَلَوْ لَمْ يَأْتِنَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ ثُمَّ سَأَلْنَا إبْطَالَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا نُبْطِلُهُ وَنَجْعَلُهُ كَمَا مَضَى مِنْ بُيُوعِ الرِّبَا وَالْآخَرُ أَنْ نُبْطِلَهُ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ آخِذٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ بَيْعٍ إنَّمَا أُخِذَ بِسَبَبِ جِنَايَةٍ لَا قِيمَةَ لَهَا. وَلَوْ كَانَ الَّذِي غَرِمَ لَهُ مَا أَبْطَلَ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ مُسْلِمًا وَقَبَضَهُ مِنْهُ ثُمَّ جَاءَنِي رَدَدْته عَلَى الْمُسْلِمِ كَمَا لَوْ أَرْبَى عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ أَرْبَى عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَتَقَابَضَا رَدَدْت ذَلِكَ بَيْنَهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَهَرَاقَ نَصْرَانِيٌّ لِمُسْلِمٍ خَمْرًا أَوْ أَفْسَدَ لَهُ شَيْئًا مِمَّا أَبْطَلَهُ عَنْهُ وَتَرَافَعَا إلَيَّ وَغَرِمَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ قِيمَتَهُ مُتَطَوِّعًا أَوْ بِحُكْمِ ذِمِّيٍّ أَوْ بِأَمْرٍ رَآهُ النَّصْرَانِيُّ لَازِمًا لَهُ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُسْلِمِ ثُمَّ جَاءَنِي أَبْطَلْته عَنْهُ وَرَدَدْت النَّصْرَانِيَّ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِمُسْلِمٍ قَبْضُ حَرَامٍ وَمَا مَضَى مِنْ قَبْضِهِ الْحَرَامِ وَبَقِيَ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ يَرُدُّ عَنْهُ وَأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى حَرَامٍ جَهِلَهُ وَلَا عَرَفَهُ بِحَالٍ.

وَيَجُوزُ لِلنَّصْرَانِيِّ أَنْ يُقَارِضَ الْمُسْلِمَ وَأَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُقَارِضَ النَّصْرَانِيَّ أَوْ يُشَارِكَهُ خَوْفَ الرِّبَا وَاسْتِحْلَالَ الْبُيُوعِ الْحَرَامِ وَإِنْ فَعَلَ لَمْ أَفْسَخْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْمَلُ بِالْحَلَالِ وَلَا أَكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ النَّصْرَانِيَّ وَأَكْرَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ النَّصْرَانِيُّ الْمُسْلِمَ وَلَا أَفْسَخُ الْإِجَارَةَ إذَا وَقَعَتْ وَأَكْرَهُ أَنْ يَبِيعَ الْمُسْلِمُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً وَإِنْ بَاعَهُ لَمْ يَبِنْ لِي أَنْ أَفْسَخَ الْبَيْعَ وَجَبَرْتُ النَّصْرَانِيَّ عَلَى بَيْعِهِ مَكَانَهُ إلَى أَنْ يَعْتِقَهُ أَوْ يَتَعَذَّرَ السُّوقُ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعِهِ فَأُلْحِقُهُ بِالسُّوقِ وَيَتَأَنَّى بِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ ثُمَّ أُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ قَالَ وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ، وَإِنْ بَاعَ مُسْلِمٌ مِنْ نَصْرَانِيٍّ مُصْحَفًا فَالْبَيْعُ مَفْسُوخٌ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ مِنْهُ دَفْتَرًا فِيهِ أَحَادِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّمَا فُرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنَّ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ قَدْ يَعْتِقَانِ فَيَعْتِقَانِ بِعِتْقِ النَّصْرَانِيِّ وَهَذَا مَالٌ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِلْكِ مَالِكِهِ إلَّا إلَى مَالِكٍ غَيْرِهِ وَإِنْ بَاعَهُ دَفَاتِرَ فِيهَا رَأْيٌ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ أَفْسَخْ الْبَيْعَ، وَإِنْ بَاعَهُ دَفَاتِرَ فِيهَا شِعْرٌ أَوْ نَحْوٌ لَمْ أَكْرَهْ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ أَفْسَخْ الْبَيْعَ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ طِبًّا أَوْ عِبَارَةَ رُؤْيَا وَمَا أَشْبَهَهُمَا فِي كِتَابٍ قَالَ: وَلَوْ أَنَّ نَصْرَانِيًّا بَاعَ مُسْلِمًا مُصْحَفًا أَوْ أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا لَمْ أَفْسَخْ لَهُ الْبَيْعَ وَلَمْ أَكْرَهْهُ إلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَصْلَ مِلْكِ النَّصْرَانِيِّ فَإِذَا أَوْصَى الْمُسْلِمُ لِلنَّصْرَانِيِّ بِمُصْحَفٍ أَوْ دَفْتَرٍ فِيهِ أَحَادِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبْطَلْت الْوَصِيَّةَ. وَلَوْ أَوْصَى بِهَا النَّصْرَانِيُّ لِمُسْلِمٍ لَمْ أُبْطِلْهَا وَلَوْ أَوْصَى الْمُسْلِمُ لِلنَّصْرَانِيِّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ فَمَنْ قَالَ أَفْسَخُ بَيْعَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ لَوْ اشْتَرَاهُ النَّصْرَانِيُّ أَبْطَلَ الْوَصِيَّةَ وَمَنْ قَالَ أُجْبِرُهُ عَلَى بَيْعِهِ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ، وَهَكَذَا هِبَةُ الْمُسْلِمِ لِلنَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْت، وَلَوْ أَوْصَى مُسْلِمٌ لِنَصْرَانِيٍّ بِعَبْدٍ نَصْرَانِيٍّ فَمَاتَ الْمُسْلِمُ ثُمَّ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الْقَوْلَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ بِمَوْتِ الْمُوصِي وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَيُبَاعُ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ النَّصْرَانِيُّ كَانَ كَوَصِيَّةٍ لَهُ بِعَبْدٍ لَا يَخْتَلِفَانِ، فَإِذَا أَوْصَى النَّصْرَانِيُّ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ فَجَاءَنَا وَرَثَتُهُ أَبْطَلْنَا مَا جَاوَزَ الثُّلُثَ إنْ شَاءَ الْوَرَثَةُ كَمَا نُبْطِلُهُ إنْ شَاءَ وَرَثَةُ الْمُسْلِمِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ يَبْنِي بِهِ كَنِيسَةً لِصَلَاةِ النَّصَارَى أَوْ يَسْتَأْجِرُ بِهِ خَدَمًا لِلْكَنِيسَةِ أَوْ يَعْمُرُ بِهِ الْكَنِيسَةَ أَوْ يَسْتَصْبِحُ بِهِ فِيهَا أَوْ يَشْتَرِي بِهِ أَرْضًا فَتَكُونُ صَدَقَةً عَلَى الْكَنِيسَةِ وَتَعْمُرُ بِهَا أَوْ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً،

<<  <  ج: ص:  >  >>