لَهُ أَنْ يَجْلِسَ مَا لَمْ يَنْضُلْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُول هُوَ شَيْءٌ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِغَيْرِ غَايَةٍ تُعْرَفُ وَقَدْ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَكُونُ مَنْضُولًا وَلَيْسَ بِإِجَارَةٍ فَيَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِمَّا عَمِلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ بِهِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَأَحْسَبُ الْعُذْرَ عِنْدَهُمْ أَنْ يَمُوتَ أَوْ يَمْرَضَ الْمَرَضَ الَّذِي يَضُرُّ بِالرَّمْيِ أَوْ يُصِيبُهُ بَعْضَ ذَلِكَ فِي إحْدَى يَدَيْهِ أَوْ بَصَرِهِ وَيَنْبَغِي إذَا قَالُوا لَهُ هَذَا أَنْ يَقُولُوا فَمَتَى تَرَاضَيَا عَلَى أَصْلِ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ فَلَا يَجُوزُ فِي وَاحِدٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسْبَقَ أَنَّ الْمُسْبَقَ إذَا جَلَسَ بِهِ كَانَ السَّبَقُ لَهُ بِهِ لِأَنَّ السَّبَقَ عَلَى النَّضْلِ وَالنَّضْلُ غَيْرُ الْجُلُوسِ وَهَذَانِ شَرْطَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ سَبَقَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا عَلَيْهِ ثُمَّ شَرَطَ هَذَا بَعْدَ السَّبَقِ سَقَطَ الشَّرْطُ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ لَهُ أَرْمِي مَعَك بِلَا عَدَدِ قُرَعٍ يَسْتَبِقَانِ إلَيْهِ أَوْ يتحاطانه، وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَسْبِقَهُ عَلَى أَنَّهُمَا إذَا تفالجا أَعَادَ عَلَيْهِ وَإِنْ سَبَقَهُ وَنِيَّتُهُمَا أَنْ يُعِيدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَالسَّبَقُ غَيْرُ فَاسِدٍ وَأَكْرَهَ لَهُمَا النِّيَّةُ إنَّمَا أَنْظُرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَى ظَاهِرِ الْعَقْدِ فَإِذَا كَانَ صَحِيحًا أَجَزْته فِي الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَتْ فِيهِ نِيَّةٌ لَوْ شُرِطَتْ أَفْسَدَتْ الْعَقْدَ لَمْ أُفْسِدْهُ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّ النِّيَّةَ حَدِيثُ نَفْسٍ وَقَدْ وَضَعَ اللَّهُ عَنْ النَّاسِ حَدِيثَ أَنْفُسِهِمْ وَكَتَبَ عَلَيْهِمْ مَا قَالُوا وَمَا عَمِلُوا.
وَإِذَا سَبَقَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ الْآخَرَ عَلَى أَنْ لَا يَرْمِيَ مَعَهُ إلَّا بِنَبْلٍ مَعْرُوفٍ أَوْ قَوْسٍ مَعْرُوفَةٍ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ السَّبَقُ مُطْلَقًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْقَوْسَ قَدْ تَنْكَسِرُ وَتَعْتَلُّ فَيَفْسُدُ عَنْهَا الرَّمْيُ فَإِنْ تَشَارَطَا عَلَى هَذَا فَالشَّرْطُ يُبْطِلُ السَّبَقَ بَيْنَهُمَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرْمِيَ النَّاشِبُ مَعَ صَاحِبِ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ سَابَقَهُ عَلَى أَنْ يَرْمِيَ مَعَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ رَمَى بِأَيِّ قَوْسٍ شَاءَ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْمِيَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ الْفَارِسِيَّةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْرُوفًا أَنَّ الصَّوَابَ عَنْ الْفَارِسِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْهُ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ وَكَذَلِكَ كُلُّ قَوْسٍ اخْتَلَفَتْ. وَإِنَّمَا فَرَّقْنَا بَيْنَ أَنْ لَا نُجِيزَ أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ لَا يَرْمِيَ إلَّا بِقَوْسٍ وَاحِدَةٍ أَوْ نَبْلٍ وَأَجَزْنَا ذَلِكَ فِي الْفَرَسِ إنْ سَابَقَهُ بِفَرَسٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْعَمَلَ فِي السَّبَقِ فِي الرَّمْيِ إنَّمَا هُوَ لِلرَّامِي وَالْقَوْسُ وَالنَّبْلُ أَدَاةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ الرَّمْيَ بِمِثْلِ الْقَوْسِ وَالنَّبْلِ الَّذِي شَرَطَ أَنْ يَرْمِيَ بِهَا فَيُدْخِلَ عَلَيْهِ الضَّرَرَ بِمَنْعِ مَا هُوَ أَرْفَقُ بِهِ مِنْ أَدَاتِهِ الَّتِي تُصْلِحُ رَمْيَهُ وَالْفَرَسُ نَفْسُهُ هُوَ الْجَارِي الْمُسْبِقُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُبَدِّلَهُ صَاحِبُهُ وَإِنَّمَا فَارِسُهُ أَدَاةٌ فَوْقَهُ وَلَكِنَّهُ لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُجَرِّيَهُ إلَّا إنْسَانٌ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَلَوْ أَجَزْنَا أَنْ يُرَاهِنَ رَجُلٌ رَجُلًا بِفَرَسٍ بِعَيْنِهِ فَيَأْتِيَ بِغَيْرِهِ أَجَزْنَا أَنْ يَسْبِقَ رَجُلٌ رَجُلًا ثُمَّ يُبَدِّلُ مَكَانَهُ رَجُلًا يُنَاضِلُهُ وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ إلَّا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يُبَدِّلُهُ بِغَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ عَنْ فَرَسٍ بِعَيْنِهِ فَلَا يُبَدَّلُ غَيْرُهُ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُمْنَعَ الرَّجُلُ أَنْ يَرْمِيَ بِأَيِّ نَبْلٍ أَوْ قَوْسٍ شَاءَ إذَا كَانَتْ مِنْ صِنْفِ الْقَوْسِ الَّتِي سَابَقَ عَلَيْهَا وَلَا أَرَى أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبُ الْفَرَسِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى فَرَسِهِ مَنْ شَاءَ لِأَنَّ الْفَارِسَ كَالْأَدَاةِ لِلْفَرَسِ وَالْقَوْسُ وَالنَّبْلُ كَالْأَدَاةِ لِلرَّامِي. وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُتَنَاضَلَانِ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ وَلَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَأْكُلَ لَحْمًا حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ السَّبَقِ وَلَا أَنْ يَفْتَرِشَ فِرَاشًا.
وَكَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَقُولَ الْمُتَسَابِقَانِ بِالْفَرَسِ لَا يَعْلِفُ حَتَّى يَفْرُغَ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ لِأَنَّ هَذَا شَرْطُ تَحْرِيمِ الْمُبَاحِ وَالضَّرَرُ عَلَى الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مِنْ النِّضَالِ الْمُبَاحِ.
وَإِذَا نَهَى الرَّجُلُ أَنْ يُحَرِّمَ عَلَى نَفْسِهِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ لِغَيْرِ تَقَرُّبٍ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِصَوْمٍ كَانَ أَوْ يَشْرِطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَرْمِيَ مَعَهُ بِقُرَعٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ لِلْمُسْبِقِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا شَاءَ النَّاضِلُ أَوْ مَا شَاءَ الْمَنْضُولُ وَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ مِمَّا يَحِلُّ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَاتِ. وَلَوْ سَبَقَهُ شَيْئًا مَعْلُومًا عَلَى أَنَّهُ إنْ نَضَلَهُ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْمِيَ أَبَدًا أَوْ إلَى مُدَّةٍ مِنْ الْمَدَدِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْمُبَاحِ لَهُ. وَلَوْ سَبَقَهُ دِينَارًا عَلَى أَنَّهُ إنْ نَضَلَهُ كَانَ ذَلِكَ الدِّينَارُ لَهُ وَكَانَ لَهُ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ صَاعَ حِنْطَةٍ بَعْدَ شَهْرٍ كَانَ هَذَا سَبَقًا جَائِزًا إذَا كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ مَالِ الْمَنْضُولِ وَلَكِنَّهُ لَوْ سَبَقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute