للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكًا يَتِمُّ لَهُمْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ إذَا مَلَكَهُ الموجفون عَلَيْهِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَا بَعْدَهُ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ أَسْرُهُمْ إيَّاهُ وَغَلَبَتُهُمْ عَلَيْهِ كَبَيْعِ مَوْلَاهُ لَهُ مِنْهُمْ أَوْ هِبَتِهِ إيَّاهُ ثُمَّ أَوْجَفَ عَلَيْهِ أَلَّا يَكُونَ لِلْمُوجِفِينَ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت: أَفَتَعْدُو غَلَبَةُ الْعَدُوِّ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا فَيَكُونُ كَمَالٍ لَهُمْ سَوَاءٌ مِمَّا وُهِبَ لَهُمْ أَوْ اشْتَرَوْهُ أَوْ تَكُونُ غَصْبًا لَا يَمْلِكُونَهُ عَلَيْهِ؟ فَإِذَا كَانَتْ السُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْإِجْمَاعُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَالْغَصْبِ قَبْلَ أَنْ يُقْسَمَ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَمَا يُقْسَمُ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُسْلِمًا مُتَأَوِّلًا أَوْ غَيْرَ مُتَأَوِّلٍ لَوْ أَوْجَفَ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ أُخِذَ مِنْ يَدِ مَنْ قَهَرَهُ عَلَيْهِ كَانَ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْ مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ بِغَصْبٍ كَانَ الْمُشْرِكُ أَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَالِكًا مَعَ أَنَّك لَمْ تَجْعَلْ الْمُشْرِكَ مَالِكًا وَلَا غَيْرَ مَالِكٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَيَدْخُلُهُ وَلَكِنَّا قُلْنَا فِيهِ بِالْأَثَرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَك قَائِلٌ: هَذِهِ السُّنَّةُ وَالْأَثَرُ تُجَامِعُ مَا قُلْنَا وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ فَكَيْفَ صِرْت إلَى أَنْ تَأْخُذَ بِشَيْءٍ دُونَ السُّنَّةِ وَتَدَعَ السُّنَّةَ وَشَيْءٍ مِنْ الْأَثَرِ أَقَلَّ مِنْ الْآثَارِ وتدع الْأَكْثَرَ فَمَا حُجَّتُك فِيهِ؟ قَالَ: إنَّا قَدْ قُلْنَا بِالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الَّتِي ذَهَبَتْ إلَيْهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ كَهُوَ قَبْلَهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): قُلْت لَهُ: أَمَا فِيهَا بَيَانُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ مَلَكُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مَا أَحْرَزُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مِلْكًا تَامًّا كَانَ ذَلِكَ لِمَنْ مَلَكَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ دُونَ مَالِكِهِ الْأَوَّلِ؟ قَالَ: بَلَى قُلْت: أَوَّلًا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ بِكُلِّ حَالٍ أَوْ لِلْعَدُوِّ إذَا أَحْرَزُوهُ؟ فَقَالَ: إنَّ هَذَا لَيُدْخِلُ ذَلِكَ وَلَكِنْ صِرْنَا إلَى الْأَثَرِ وَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقُلْت لَهُ فَهَذِهِ السُّنَّةُ وَالْآثَارُ وَالْقِيَاسُ عَلَيْهَا فَقَالَ: قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ قَبْلَ مَا يُقْسَمُ حُكْمُهُ بَعْدَ مَا يُقْسَمُ حُكْمُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقُلْت لَهُ: أَمَا فِي قِيَاسٍ أَوْ عَقْلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَوْ كَانَ إلَّا بِالْأَثَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ لَمْ يُرْوَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهِ شَيْءٌ وَيُرْوَى عَمَّنْ دُونَهُ فَلَيْسَ فِي أَحَدٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ قَالَ: أَفَيَحْتَمِلُ مَنْ رَوَى عَنْهُ قَوْلُنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَكُونَ ذَهَبَ عَلَيْهِ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقُلْت: أَفَيَحْتَمِلُ عِنْدَك؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَقُلْت: فَمَا مَسْأَلَتُك عَنْ أَمْرٍ تَعْلَمُ أَنْ لَا مَسْأَلَةَ فِيهِ؟ قَالَ فَأَوْجِدْنِي مِثْلَ هَذَا فَقُلْت: نَعَمْ وَأَبْيَنُ قَالَ مِثْلُ مَاذَا؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السِّنِّ بِخَمْسٍ وَقَضَى عُمَرُ فِي الضِّرْسِ بِبَعِيرٍ فَكَانَ يَحْتَمِلُ لِذَاهِبٍ لَوْ ذَهَبَ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنْ يَقُولَ السِّنُّ مَا أَقْبَلَ وَالضِّرْسُ مَا أَكَلَ عَلَيْهِ ثُمَّ يَكُونُ هَذَا وَجْهًا مُحْتَمَلًا يَصِحُّ الْمَذْهَبُ فِيهِ؟ فَلَمَّا كَانَتْ السِّنُّ دَاخِلَةً فِي مَعْنَى الْأَسْنَانِ فِي حَالٍ فَإِنْ بَايَنَتْهَا بِاسْمٍ مُنْفَرِدٍ دُونَهَا كَمَا تَبَايَنَ الْأَسْنَانُ بِأَسْمَاءٍ تُعْرَفُ بِهَا صِرْنَا وَأَنْتَ إلَى مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جُمْلَةً وَجَعَلْنَا الْأَعَمَّ أَوْلَى بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْأَخَصِّ وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَخَصَّ مِنْ حُكْمِ كَثِيرٍ غَيْرِ هَذَا نَقُولُ فِيهِ نَحْنُ وَأَنْتَ بِمِثْلِ هَذَا قَالَ: هَذَا فِي هَذَا وَغَيْرِهِ كَمَا تَقُولُ قُلْت فَمَا أَحْرَزَ الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ أُحْرِزَ عَنْهُمْ فَكَانَ لِمَالِكِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَلَمْ يَأْتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ الْقَسْمِ أَثَرٌ غَيْرُ هَذَا فَأَحْرَى لَا يَحْتَمِلُ مَعْنًى إلَّا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُحْرِزُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا قَالَ: فَإِنَّا نَأْخُذُ قَوْلَنَا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إذَا دَخَلَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَأَخْذُهُ مِنْ أَنَّا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ» وَرَوَيْنَا عَنْهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ أَسْلَمَ عَلَى مَالِ قَوْمٍ قَدْ قَتَلَهُمْ وَأَخْفَاهُ فَكَانَ لَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَرَأَيْت مَا رَوَيْت عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ لَهُ " أَيَثْبُتُ؟ قَالَ هُوَ مِنْ حَدِيثِكُمْ قُلْت نَعَمْ مُنْقَطِعٌ وَنَحْنُ نُكَلِّمُك عَلَى تَثْبِيتِهِ فَنَقُولُ لَك أَرَأَيْت إنْ كَانَ ثَابِتًا أَهُوَ عَامٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>