للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ؟ قِيلَ نَعَمْ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ عِيسَى الرَّقَاشِيُّ قَالَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى عَدِيٍّ أَنْ يَسْأَلَ الْحَسَنَ لِمَ أَقَرَّ الْمُسْلِمُونَ بُيُوتَ النِّيرَانِ وَعِبَادَةَ الْأَوْثَانِ وَنِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ وَالْأَخَوَاتِ؟ فَسَأَلَهُ فَقَالَ الْحَسَنُ لِأَنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ لَمَّا قَدِمَ الْبَحْرَيْنِ أَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَحَدٍ لَقِيتُهُ أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَعْدٍ الْحَارِثِيِّ مَوْلَى عُمَرَ أَوْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَا نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ وَمَا يَحِلُّ لَنَا ذَبَائِحُهُمْ وَمَا أَنَا بِتَارِكِهِمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ أَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ سَأَلْت عُبَيْدَةَ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ فَقَالَ لَا تَأْكُلْ ذَبَائِحَهُمْ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ نَصْرَانِيَّتِهِمْ إلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا أَحْفَظُهُ وَلَا أَحْسَبُهُ وَغَيْرَهُ إلَّا وَقَدْ بَلَغَ بِهِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قَالَ عَطَاءٌ: لَيْسَ نَصَارَى الْعَرَبِ بِأَهْلِ كِتَابٍ إنَّمَا أَهْلُ الْكِتَابِ بَنُو إسْرَائِيلَ وَاَلَّذِينَ جَاءَتْهُمْ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فَأَمَّا مَنْ دَخَلَ فِيهِمْ مِنْ النَّاسِ فَلَيْسُوا مِنْهُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَتُنْكَحُ الْمُسْلِمَةُ عَلَى الْكِتَابِيَّةِ وَالْكِتَابِيَّةُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَتُنْكَحُ أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ كَمَا تُنْكَحُ أَرْبَعُ مُسْلِمَاتٍ وَالْكِتَابِيَّةُ فِي جَمِيعِ نِكَاحِهَا وَأَحْكَامِهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا وَتَحْرُمُ كَالْمُسْلِمَةِ لَا تُخَالِفُهَا فِي شَيْءٍ وَفِيمَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ لَهَا وَلَا تُنْكَحُ الْكِتَابِيَّةُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ مُسْلِمَيْنِ وَبِوَلِيٍّ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا كَوَلِيِّ الْمُسْلِمَةِ جَازَ فِي دِينِهِمْ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَجُزْ وَلَسْتُ أَنْظُرُ فِيهِ إلَّا إلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَوْ زُوِّجَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ نِكَاحٌ فَاسِدٌ كَانَ نِكَاحُهَا صَحِيحًا وَلَا يُرَدُّ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ مِنْ شَيْءٍ إلَّا رُدَّ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ مِنْ مِثْلِهِ وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُسْلِمَةِ بِشَيْءٍ إلَّا جَازَ نِكَاحُ الْكِتَابِيَّةِ بِمِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ وَلِيُّ الذِّمِّيَّةِ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ أَبَاهَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَطَعَ الْوِلَايَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ وَتَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ وَوَلِيَ عُقْدَةَ نِكَاحِهَا ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ وَكَانَ مُسْلِمًا وَأَبُو سُفْيَانَ حَيٌّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا وِلَايَةَ بَيْنَ أَهْلِ الْقَرَابَةِ إذَا اخْتَلَفَ الدِّينَانِ وَإِنْ كَانَ أَبًا وَأَنَّ الْوِلَايَةَ بِالْقَرَابَةِ وَاجْتِمَاعِ الدِّينَيْنِ قَالَ وَيَقْسِمُ لِلْكِتَابِيَّةِ مِثْلَ قِسْمَتِهِ لِلْمُسْلِمَةِ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا وَلَهَا عَلَيْهِ مَا لِلْمُسْلِمَةِ وَلَهُ عَلَيْهَا مَا لَهُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ إلَّا أَنَّهُمَا لَا يَتَوَارَثَانِ بِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ فَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ آلَى مِنْهَا أَوْ ظَاهَرَ أَوْ قَذَفَهَا لَزِمَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْمُسْلِمَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَذَفَ كِتَابِيَّةً وَيُعَزَّرُ.

وَإِذَا طَلَّقَهَا فَلَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ فِي الْعِدَّةِ، وَعِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُسْلِمَةِ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَنَكَحَتْ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ وَأُصِيبَتْ لَمْ تَحْلِلْ لَهُ وَإِنْ نَكَحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا بَعْدَ مُضِيّ الْعِدَّةِ ذِمِّيًّا فَأَصَابَهَا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَكَمُلَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ يُحِلُّهَا لِلزَّوْجِ كُلُّ زَوْجٍ أَصَابَهَا يَثْبُتُ نِكَاحُهُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَالْإِحْدَادُ كَمَا يَكُونُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ وَإِذَا مَاتَتْ فَإِنْ شَاءَ شَهِدَهَا وَغَسَّلَهَا وَدَخَلَ قَبْرَهَا وَلَا يُصَلِّي عَلَيْهَا وَأَكْرَهُ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لَوْ كَانَ هُوَ الْمَيِّتَ فَإِنْ غَسَّلَتْهُ أَجْزَأَ غُسْلُهَا إيَّاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ وَلَهُ جَبْرُهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضَةِ وَلَا يَكُونُ لَهُ إصَابَتُهَا إذَا طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ حَتَّى تَغْتَسِلَ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {حَتَّى يَطْهُرْنَ} فَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ حَتَّى تَرَى الطُّهْرَ قَالَ {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يَعْنِي بِالْمَاءِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي سَفَرٍ لَا تَجِدُ الْمَاءَ فَتَتَيَمَّمُ فَإِذَا صَارَتْ مِمَّنْ تَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ بِالطُّهْرِ حَلَّتْ لَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يُجْبِرَهَا عَلَى الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَعَلَى النَّظَافَةِ بِالِاسْتِحْدَادِ وَأَخْذِ الْأَظْفَارِ وَالتَّنَظُّفِ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَهِيَ مَرِيضَةٌ يَضُرُّ بِهَا الْمَاءُ أَوْ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ يَضُرُّ بِهَا الْمَاءُ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْكَنِيسَةِ وَالْخُرُوجِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>