فَأُوجِرَهُ صَبِيٌّ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا حَتَّى يُتِمَّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لَمْ يَحْرُمْ لِأَنَّهُ لَبَنٌ وَاحِدٌ وَلَا يَكُونُ إلَّا رَضْعَةً وَاحِدَةً وَلَيْسَ كَاللَّبَنِ يَحْدُثُ فِي الثَّدْيِ كُلَّمَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ حَدَثَ غَيْرُهُ فَيُفَرَّقُ فِيهِ الرَّضَاعُ حَتَّى يَكُونَ خَمْسًا (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِي قَوْلٍ آخَرَ أَنَّهُ إذَا حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ فَأُرْضِعَ بِهِ الصَّبِيُّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَكُلُّ مَرَّةٍ تُحْسَبُ رَضْعَةً إذَا كَانَ بَيْنَ كُلِّ رَضْعَتَيْنِ قَطْعٌ بَيِّنٌ فَهُوَ مِثْلُ الْغِذَاءِ إذَا تَغَذَّى بِهِ ثُمَّ قَطَعَ الْغِذَاءَ الْبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ ثُمَّ عَادَ لَهُ كَانَ أَكْلَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ وَاحِدًا، وَكَذَلِكَ إذَا قُطِعَ عَنْ الصَّبِيِّ الرَّضَاعُ الْقَطْعَ الْبَيِّنَ وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ وَاحِدًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ صَبِيَّةً ثُمَّ أَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ الَّتِي وَلَدَتْهُ أَوْ أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ أَوْ ابْنَتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ امْرَأَةُ ابْنِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِلَبَنِ ابْنِهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الصَّبِيَّةُ أَبَدًا وَكَانَ لَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَرَجَعَ عَلَى الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ صَدَاقِ مِثْلِهَا تَعَمَّدَتْ إفْسَادَ النِّكَاحِ أَوْ لَمْ تَتَعَمَّدْهُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ أَفْسَدَ شَيْئًا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَفْسَدَ تَعَمَّدَ الْفَسَادَ أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَقِيمَتُهُ نِصْفُ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ مِنْهَا مِمَّا يَلْزَمُ زَوْجَهَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَا أَصْدَقَهَا أَوْ أَقَلَّ إنْ كَانَ أَصْدَقَهَا شَيْئًا أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهَا صَدَاقًا لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا كَانَ وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُسَمِّيَ لَهَا شَيْئًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهُ مَهْرَهَا كُلَّهُ أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا وَقَعَتْ بِإِرْضَاعِهَا فَفَسَادُ نِكَاحِهَا غَيْرُ جِنَايَةٍ إلَّا بِمَعْنَى إفْسَادِ النِّكَاحِ وَإِفْسَادِ النِّكَاحِ كَانَ بِالرَّضَاعِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ نِكَاحِهِ جَائِزًا لَهَا وَبَعْدَ نِكَاحِهِ إلَّا بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ فَسَادًا عَلَيْهِ فَلَمَّا كَانَ فَسَادًا عَلَيْهِ أَلْزَمْتهَا مَا كَانَ لَازِمًا لِلزَّوْجِ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ وَذَلِكَ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُلْزِمَهَا نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي لَزِمَهُ بِتَسْمِيَتِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ حَابَى بِهِ فِي مَالِهِ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ إذَا أَفْسَدَ عَلَيْهِ ثَمَنَ مَا اسْتَهْلَكَ عَلَيْهِ مِمَّا لَزِمَهُ وَلَا أَزِيدُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ شَيْئًا عَلَى مَا لَزِمَهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَةٍ اسْتَهْلَكَهَا وَقِيمَتُهَا خَمْسُونَ لَمْ يَغْرَمْ مِائَةً. وَإِنَّمَا مَنَعَنِي أَنْ أُغَرِّمَهَا الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ مَا سَمَّى لَهَا أَنَّ أَبَاهَا لَوْ حَابَاهُ فِي صَدَاقِهَا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَمْ أُغَرِّمْهَا إلَّا مَا يَلْزَمُهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ إنْ كَانَ قِيمَةُ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا أَصْدَقَهَا وَإِنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ أَنْ أُسْقِطَ عَنْهَا الْغُرْمَ وَإِنْ كَانَ لَمْ يُفْرَضْ لَهَا صَدَاقًا أَنَّهُ كَانَ حَقًّا لَهَا عَلَيْهِ مِثْلَ نِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ طَلَّقَهَا وَلِأَنِّي لَا أُجِيزَ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةَ فِي صَدَاقِهَا فَإِنَّمَا أَغْرَمْتهَا مَا لَزِمَهُ بِكُلِّ حَالٍ وَأَبْطَلْت عَنْهَا مُحَابَاتَهُ كَهِبَتِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمَرْأَةِ الْمُتْعَةُ إذَا طَلُقَتْ وَلَمْ يُسَمِّ لَهَا إذَا كَانَتْ تَمْلِكُ مَالَهَا كَمَا يَكُونُ الْعَفْوُ لَهَا فَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَلَا تَمْلِكُ مَالَهَا وَلَا يَكُونُ لِأَبِيهَا الْمُحَابَاةُ فِي مَالِهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَلَمْ يُصِبْهَا حَتَّى تَزَوَّجَ عَلَيْهَا صَبِيَّةً تُرْضَعُ فَأَرْضَعَتْهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ الْأُمُّ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ وَلَا نِصْفَ مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِأَنَّهَا أَفْسَدَتْ نِكَاحَ نَفْسِهَا وَيَفْسُدُ نِكَاحُ الصَّبِيَّةِ بِلَا طَلَاقٍ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ وَأُمُّهَا مَعَهَا وَلِأَنَّ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا لَمْ تَصِرْ أُمَّهَا وَهَذِهِ ابْنَتُهَا إلَّا فِي وَقْتٍ فَكَانَتَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ كَمَنْ ابْتَدَأَ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَابْنَتَهَا فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ بِفَسَادِ النِّكَاحِ فَيَرْجِعُ عَلَى امْرَأَتِهِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلِهَا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ نَكَحَ صَبِيَّتَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُمَا امْرَأَتُهُ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ جَمِيعًا مَعًا فَسَدَ نِكَاحُ الْأُمِّ كَمَا وَصَفْت وَنِكَاحُ الصَّبِيَّتَيْنِ مَعًا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْمَهْرِ الَّذِي سَمَّى لَهَا وَيَرْجِعُ عَلَى امْرَأَتِهِ بِمِثْلِ نِصْفِ مَهْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا مَهْرًا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا وَتَحِلُّ لَهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الِانْفِرَادِ لِأَنَّهُمَا ابْنَتَا امْرَأَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ صَبَايَا فَأَرْضَعَتْ اثْنَتَيْنِ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا ثُمَّ أَزَالَتْ الْوَاحِدَةُ فَأَرْضَعَتْ الثَّالِثَةَ لَمْ تَحْرُمْ الثَّالِثَةُ وَحُرِّمَتْ الِاثْنَتَانِ اللَّتَانِ أُرْضِعَتَا الْخَامِسَةَ مَعًا لِأَنَّ الثَّالِثَةَ لَمْ تَرْضَعْ إلَّا بَعْدَمَا حُرِّمَتْ هَاتَانِ وَحُرِّمَتْ الْأُمُّ عَلَيْهِ فَكَانَتْ الثَّالِثَةُ غَيْرَ أُخْتٍ لِلْمَرْأَتَيْنِ إلَّا بَعْدَ مَا حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَغَيْرَ مُرْضَعَةٍ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مِنْ الْأُمِّ إلَّا بَعْدَمَا بَانَتْ الْأُمُّ مِنْهُ وَلَوْ أَرْضَعَتْ إحْدَاهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ. ثُمَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute