فَكَانَتْ الْآيَةُ عَامَّةً عَلَى رَامِي الْمُحْصَنَةِ فَكَانَ سَوَاءٌ قَالَ الرَّامِي لَهَا رَأَيْتهَا تَزْنِي أَوْ رَمَاهَا وَلَمْ يَقُلْ رَأَيْتهَا تَزْنِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْمُ الرَّامِي قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} إِلَى {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الْآيَةُ فَكَانَ الزَّوْجُ رَامِيًا قَالَ رَأَيْت أَوْ عَلِمْتُ بِغَيْرِ رُؤْيَةٍ فَلِمَا قُبِلَ مِنْهُ مَا لَمْ يَقُلْ فِيهِ مِمَّنْ الْقَذْفُ رَأَيْت يُلَاعِنُ بِهِ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي جُمْلَةِ الْقَذَفَةِ غَيْرُ خَارِجٍ مِنْهُمْ إذَا كَانَ إنَّمَا قُبِلَ فِي هَذَا قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ شَاهِدٍ لِنَفْسِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ إنَّ هَذَا الْحَمْلَ لَيْسَ مِنِّي وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْتِبْرَاءً قَبْلَ الْقَذْفِ لِاخْتِلَافٍ بَيْنَ ذَلِكَ.
(قَالَ): وَقَدْ يَكُونُ اسْتَبْرَأَهَا وَقَدْ عَلِقَتْ مِنْ الْوَطْءِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَالَتْ قَدْ اسْتَبْرَأَنِي تِسْعَةَ أَشْهُرٍ حِضْت فِيهَا تِسْعَ حِيَضٍ ثُمَّ جَاءَتْ بَعْدُ بِوَلَدٍ لَزِمَهُ وَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْزَمُهُ بِالْفِرَاشِ وَأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا مَعْنَى لَهُ مَا كَانَ الْفِرَاشُ قَائِمًا فَلَمَّا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِبْرَاءُ قَدْ كَانَ وَحَمْلٌ قَدْ تَقَدَّمَهُ فَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَهَا وَالْحَمْلُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ كَاذِبًا فِي جَمِيعِ دَعْوَاهُ لِلزِّنَا وَنَفْيِ الْوَلَدِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ اللَّهُ مِنْ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ وَنَفَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْهُ الْوَلَدَ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إنَّمَا هُوَ بِقَوْلِهِ وَلَمَّا كُنَّا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ حَدَدْنَاهُ وَأَلْحَقْنَا بِهِ الْوَلَدَ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنْ نَفْيَ الْوَلَدِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ نَفْيُ الْوَلَدِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاسْتِبْرَاءِ فَمَضَى الْحُكْمُ بِنَفْيِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُلْحِقَهُ نَفْسَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِقَوْلِهِ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِبْرَاءُ غَيْرُ قَوْلِهِ فَلَمَّا قَالَ اللَّهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - بَعْدَ مَا وَصَفَ مِنْ لِعَانِ الزَّوْجِ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} الْآيَةُ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعَذَابَ وَالْعَذَابُ الْحَدُّ لَا تَحْتَمِلُ الْآيَةُ مَعْنًى غَيْرَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَقُلْنَا لَهُ حَالُهُ قَبْلَ الْتِعَانِهِ مِثْلُ حَالِهِ بَعْدَ الْتِعَانِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَحْدُودًا بِقَذْفِهِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ بِاللِّعَانِ فَكَذَلِكَ أَنْتِ مَحْدُودَةٌ بِقَذْفِهِ وَالْتِعَانِهِ بِحُكْمِ اللَّهِ أَنَّك تَدْرَئِينَ الْحَدَّ بِهِ فَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنِي حُدِدْتِ حَدَّكِ كَانَ حَدُّكِ رَجْمًا أَوْ جَلْدًا لَا اخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ بَيْنَكِ وَبَيْنَهُ.
(قَالَ): وَلَا يُلَاعَن وَلَا يُحَدُّ إلَّا بِقَذْفٍ مُصَرَّحٍ وَلَوْ قَالَ لَمْ أَجِدْكِ عَذْرَاءَ مِنْ جِمَاعٍ وَكَانَتْ الْعُذْرَةُ تَذْهَبُ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَمِنْ جِمَاعٍ فَإِذَا قَالَ هَذَا وُقِفَ فَإِنْ أَرَادَ الزِّنَا حُدَّ أَوْ لَاعَنَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ حَلَفَ وَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ (أَخْبَرَنَا) سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ وَلَا أَقُولُ ذَلِكَ مِنْ زِنًا فَلَا يُحَدُّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِنْ قَذَفَهَا وَلَمْ يُكْمِلْ اللِّعَانَ حَتَّى رَجَعَ حُدَّ وَهِيَ امْرَأَتُهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ قَالَ لِعَطَاءٍ أَرَأَيْت الَّذِي يَقْذِفُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يَنْزِعُ عَنْ الَّذِي قَالَ قَبْلَ أَنْ يُلَاعِنَهَا؟ قَالَ هِيَ امْرَأَتُهُ وَيُحَدُّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ أَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا بِغَيْرِ وَلَدٍ حُدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ يَنْفِيه عَنْهُ أَخْبَرَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ إذَا خَالَعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ قَذَفَهَا حُدَّ وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيه لَاعَنَهَا بِنَفْيِ الْوَلَدِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَى الْوَلَدَ بَعْدَ الْفُرْقَةِ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَهَا.
فَإِنْ قَذَفَهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُلَاعِنَهَا وَرِثَتْهُ لِأَنَّهُمَا عَلَى النِّكَاحِ حَتَّى يَلْتَعِنَ هُوَ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ طَلَاقٍ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فِي الْعِدَّةِ لَاعَنَهَا وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ فَهِيَ مِثْلُ الْمَبْتُوتَةِ الَّتِي لَا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ امْرَأَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْيُهُ وَإِنْ قَذَفَهَا بَعْدَ مَا يُقِرّ أَنَّهُ مِنْهُ جُلِدَ الْحَدَّ وَهُوَ وَلَدُهُ وَإِنْ قَالَ هَذَا الْحَمْلُ مِنِّي وَقَدْ زَنَتْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مِنْهُ وَيُلَاعِنُهَا لِأَنَّهَا قَدْ تَزْنِي قَبْلَ الْحَمْلِ مِنْهُ وَبَعْدَهُ وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ وَلَدِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِهِ مَرَّةً فَأَكْثَرَ بِأَنْ لَا يَرَاهُ يُشْبِهُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الدَّلَالَاتِ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَلَيْسَ لَهُ إنْكَارُهُ بِحَالٍ أَبَدًا إلَّا أَنْ يُنْكِرَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ؟ قَالَ نَعَمْ: قَالَ: وَمَا أَلْوَانُهَا؟ قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute