للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَيْنَ الْمَحْدُودَيْنِ الْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَلَا أَرَاك لَاعَنْت بَيْنَهُمَا عَلَى الْعَدْلِ لِأَنَّك لَوْ لَاعَنْت بَيْنَهُمَا عَلَى الْعَدْلِ لَمْ تُلَاعِنْ بَيْنَ الْفَاسِقَيْنِ وَلَا أَرَاك لَاعَنْت بَيْنَهُمَا عَلَى مَا وَصَفَ صَاحِبُك مِنْ أَنَّ الْمَقْذُوفَةَ إذَا كَانَتْ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَعَلَى قَاذِفِهَا الْحَدُّ وَأَنْتَ لَا تُلَاعِنُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا الْحُرِّ الْمَحْدُودِ فِي الْقَذْفِ وَلَا زَوْجِهَا الْعَبْدِ وَمَا لَاعَنْت بَيْنَهُمَا بِعُمُومِ الْآيَةِ وَلَا بِالْحَدِيثِ مَعَ الْآيَةِ وَلَا مُنْفَرِدًا وَلَا قُلْت فِيهَا قَوْلًا مُسْتَقِيمًا عَلَى أَصْلِ مَا ادَّعَيْت ثَابِتًا كَانَ أَوْ غَيْرَ ثَابِتٍ قَالَ فَلِمَ لَا تَأْخُذُ أَنْتَ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ؟ قُلْت لَهُ لَا نَعْرِفُهُ عَنْ عَمْرٍو إنَّمَا رَوَاهُ عَنْهُ رَجُلٌ لَا يَثْبُتُ حَدِيثُهُ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَدِيثِهِ كَانَ مُنْقَطِعًا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَنَحْنُ لَا نَقْبَلُ الْحَدِيثَ الْمُنْقَطِعَ عَمَّنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْ عَمْرٍو إذَا كَانَ مُنْقَطِعًا وَقُلْنَا بِظَاهِرِ الْآيَةِ وَعُمُومِهَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ زَوْجٍ فِيهَا وَلَا زَوْجَةٍ إذْ ذَكَرَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَامَّةً فَقَالَ لِي كَيْفَ؟ قُلْت إذَا الْتَعَنَ، الزَّوْجُ فَأَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَلْتَعِنَ حُدَّتْ حَدَّهَا رَجْمًا كَانَ أَوْ جَلْدًا فَقُلْت لَهُ بِحُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ فَاذْكُرْهُ، قُلْت قَوْلَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، مِنْ بَعْدِ ذِكْرِهِ الْتِعَانَ الزَّوْجِ {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} الْآيَةَ، فَكَانَ بَيِّنًا غَيْرَ مُشْكِلٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي الْآيَةِ أَنَّهَا تَدْرَأُ عَنْ نَفْسِهَا بِمَا لَزِمَهَا إنْ لَمْ تَلْتَعِنْ بِالِالْتِعَانِ قَالَ: فَهَلْ تُوَضِّحُ هَذَا بِغَيْرِهِ؟ قُلْت مَا فِيهِ إشْكَالٌ يَنْبَغِي لِمَنْ قَرَأَ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَرَفَ مِنْ أَحْكَامِهِ وَلِسَانِ الْعَرَبِ أَنْ يَبْتَغِيَ مَعَهُ غَيْرَهُ قَالَ: فَإِنْ كُنْت تَعْلَمُ مَعْنًى تُوَضِّحُهُ غَيْرَهُ فَقُلْهُ قُلْت أَرَأَيْت الزَّوْجَ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ مَا عَلَيْهِ؟ قَالَ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا بِالِالْتِعَانِ قُلْت أَوَلَيْسَ قَدْ يَحْكُمُ فِي الْقَذَفَةِ بِالْحَدِّ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قَالَ بَلَى قُلْت وَقَالَ فِي الزَّوْجِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} الْآيَةَ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفَتَجِدُ فِي التَّنْزِيلِ سُقُوطَ الْحَدِّ عَنْهُ؟ قَالَ أَمَّا نَصًّا فَلَا وَأَمَّا اسْتِدْلَالًا فَنَعَمْ لِأَنَّهُ إذَا ذَكَرَ غَيْرَ الزَّوْجِ يَخْرُجُ مِنْ الْحَدِّ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ ثُمَّ قَالَ فِي الزَّوْجِ يَشْهَدُ أَرْبَعًا اسْتِدْلَالًا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ لِيَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْحَدِّ فَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ مَعْنَى الْقَذَفَةِ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّمَا شَهَادَتُهُ لِلْفُرْقَةِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ دُونَ الْحَدِّ فَإِذًا خَالَفَ اللَّهُ بَيْنَ الزَّوْجِ فِي الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ أُحِدَّ الزَّوْجَ فِي الْقَذْفِ لِأَنَّ الْآيَةَ تَحْتَمِلُ مَا قُلْت وَلَا أَجِدُ فِيهَا دَلَالَةً عَلَى حَدِّهِ.

قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَكُلُّ شَيْءٍ إلَّا وَهُوَ يَحْتَمِلُ قُلْت: وَأَظْهَرُ مَعَانِيه أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاذِفِ غَيْرَهُ إذَا شَهِدَ وَقُلْت وَيَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَاذِفِ غَيْرَهُ إذَا لَمْ يَشْهَدْ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت وَتَعْلَمُ أَنَّ شَهَادَةَ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْآنِ أَنَّهَا تُسْقِطُ الْحَدَّ لَا تَكُونُ إلَّا لِمَعْنَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْحَدِّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ أَحَلَفْته لِيَخْرُجَ عَنْ شَيْءٍ؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت أَفَتَجِدُ الشَّهَادَةَ لِلزَّوْجِ إذَا كَانَتْ أَخْرَجَتْهُ وَأَوْجَبَتْ عَلَى الْمَرْأَةِ اللِّعَانَ وَفِيهَا هَذِهِ الْعِلَلُ الَّتِي وَصَفْت؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَشَهَادَةُ الْمَرْأَةِ أَخْرَجَتْهَا مِنْ الْحَدِّ، قَالَ هِيَ تُخْرِجُهَا مِنْ الْحَدِّ، قُلْت وَلَا مَعْنَى لَهَا فِي الشَّهَادَةِ إلَّا الْخُرُوجَ مِنْ الْحَدِّ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت فَإِذَا كَانَتْ تُخْرِجُهَا مِنْ الْحَدِّ كَيْفَ لَمْ تَكُنْ مَحْدُودَةً إنْ لَمْ تَشْهَدْ فَتَخْرُجُ بِالشَّهَادَةِ مِنْهُ كَمَا قُلْت فِي الزَّوْجِ إذَا لَمْ يَشْهَدْ حُدَّ وَكَيْفَ اخْتَلَفَ حَالَاهُمَا عِنْدَك فِيهَا فَقُلْت فِي الزَّوْجِ مَا وَصَفْت مِنْ أَنَّهُ مَحْدُودٌ إنْ لَمْ يَشْهَدْ وَفِي الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ بِمَحْدُودَةٍ وَالْآيَةُ تَحْتَمِلُ فِي الزَّوْجِ مَعَانِيَ غَيْرَ الْحَدِّ وَلَيْسَ فِي التَّنْزِيلِ أَنَّ الزَّوْجَ يَدْرَأُ بِالشَّهَادَةِ حَدًّا.

وَفِي التَّنْزِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَدْرَأُ بِالشَّهَادَةِ الْعَذَابَ وَهُوَ الْحَدُّ عِنْدَنَا وَعِنْدَك.

فَلَيْسَ فِي شَهَادَةِ الْمَرْأَةِ مَعْنًى غَيْرُ دَرْءِ الْحَدِّ لِأَنَّ الْحَدَّ عَلَيْهَا فِي الْكِتَابِ وَالْمَعْقُولِ وَالْقِيَاسِ أَثْبَتُ فَتَرْكُهَا الشَّهَادَةَ كَالْإِقْرَارِ مِنْهَا بِمَا قَالَ الزَّوْجُ فَمَا عَلِمْتُك إلَّا فَرَّقْتَ بَيْنَ حَدِّ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ فَأَسْقَطْت حَدَّ الْمَرْأَةِ وَهُوَ أَبْيَنُهُمَا فِي الْكِتَابِ وَأَثْبَتَّ حَدَّ الرَّجُلِ وَقُلْت لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>