للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ فَهَذَا عَلَيْك وَلَا لَك إنَّمَا يُرْوَى مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ سَوَاءً وَالْوَجْهُ فِيهِ مَا ذَكَرْت.

(قَالَ): فَإِنْ قُلْت هُوَ خِلَافُهُ.

(قُلْت) فَلَيْسَ ذَلِكَ لَك وَنُكَلِّمُك عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ أَمْرُ مُعَاوِيَةَ قَبْلَ أَمْرِ ذِي الْيَدَيْنِ فَهُوَ مَنْسُوخٌ وَيَلْزَمُك فِي قَوْلِك أَنْ يَصْلُحَ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ كَمَا يَصْلُحُ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ مَعَهُ، أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيمَا حَكَيْت وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يُحْكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ فَهُوَ فِي مِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَامِدًا لِلْكَلَامِ فِي حَدِيثِهِ إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ وَهُوَ جَاهِلٌ أَنَّ الْكَلَامَ لَا يَكُونُ مُحَرَّمًا فِي الصَّلَاةِ.

(قَالَ): هَذَا فِي حَدِيثِهِ كَمَا ذَكَرْت (قُلْت) فَهُوَ عَلَيْك إنْ كَانَ عَلَى مَا ذَكَرْته وَلَيْسَ لَك إنْ كَانَ كَمَا قُلْنَا (قَالَ): فَمَا تَقُولُ (قُلْت): أَقُولُ: إنَّهُ مِثْلُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرُ مُخَالِفٍ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ (قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ) فَقَالَ: فَإِنَّكُمْ خَالَفْتُمْ حِينَ فَرَّعْتُمْ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ (قُلْت): فَخَالَفْنَاهُ فِي الْأَصْلِ قَالَ: لَا وَلَكِنْ فِي الْفَرْعِ (قُلْت): فَأَنْتَ خَالَفْتَهُ فِي نَصِّهِ وَمَنْ خَالَفَ النَّصَّ عِنْدَك أَسْوَأُ حَالًا مِمَّنْ ضَعُفَ نَظَرُهُ فَأَخْطَأَ التَّفْرِيعَ قَالَ نَعَمْ وَكُلٌّ غَيْرُ مَعْذُورٍ.

(قَالَ مُحَمَّدٌ): فَقُلْت لَهُ: فَأَنْتَ خَالَفْت أَصْلَهُ وَفَرْعَهُ وَلَمْ نُخَالِفْ نَحْنُ مِنْ فَرْعِهِ وَلَا مِنْ أَصْلِهِ حَرْفًا وَاحِدًا فَعَلَيْك مَا عَلَيْك فِي خِلَافِهِ وَفِيمَا قُلْت مِنْ أَنَّا خَالَفْنَا مِنْهُ مَا لَمْ نُخَالِفْهُ (قَالَ): فَأَسْأَلُك حَتَّى أَعْلَمَ أَخَالَفْته أَمْ لَا (قُلْت): فَسَلْ (قَالَ): مَا تَقُولُ فِي إمَامٍ انْصَرَفَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ صَلَّى مَعَهُ قَدْ انْصَرَفْتَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَسَأَلَ آخَرِينَ فَقَالُوا صَدَقَ (قُلْت): أَمَأْمُومٌ الَّذِي أَخْبَرَهُ وَاَلَّذِينَ شَهِدُوا أَنَّهُ صَدَقَ وَهُمْ عَلَى ذِكْرٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ صَلَاتَهُ فَصَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ.

(قَالَ): فَأَنْتَ رَوَيْت أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى وَتَقُولُ قَدْ قَضَى مَعَهُ مَنْ حَضَرَ وَإِنْ لَمْ تَذْكُرْهُ فِي الْحَدِيثِ قُلْت: أَجَلْ (قَالَ): فَقَدْ خَالَفْته (قُلْت): لَا وَلَكِنَّ حَالَ إمَامِنَا مُفَارِقَةٌ حَالَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ): فَأَيْنَ افْتِرَاقُ حَالَيْهِمَا فِي الصَّلَاةِ وَالْإِمَامَةِ.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ) فَقُلْت لَهُ إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ يُنَزِّلُ فَرَائِضَهُ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرْضًا بَعْدَ فَرْضٍ فَيَفْرِضُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ فَرَضَهُ عَلَيْهِ وَيُخَفِّفُ بَعْضَ فَرْضِهِ قَالَ: أَجَلْ (قُلْت): وَلَا نَشُكُّ نَحْنُ وَلَا أَنْتَ وَلَا مُسْلِمٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَنْصَرِفْ إلَّا وَهُوَ يَرَى أَنْ قَدْ أَكْمَلَ الصَّلَاةَ قَالَ: أَجَلْ (قُلْت): فَلَمَّا فَعَلَ لَمْ يَدْرِ ذُو الْيَدَيْنِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ بِحَادِثٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَمْ نَسِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ ذَلِكَ بَيِّنًا فِي مَسْأَلَتِهِ إذْ قَالَ: أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت، قَالَ: أَجَلْ (قُلْت) وَلَمْ يَقْبَلْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ ذِي الْيَدَيْنِ إذْ سَأَلَ غَيْرَهُ قَالَ: أَجَلْ (قَالَ): وَلَمَّا سَأَلَ غَيْرَهُ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ فَيَكُونَ مِثْلَهُ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَأَلَ مَنْ سَمِعَ كَلَامَهُ وَلَمْ يَسْمَعْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَيْهِ، فَلَمَّا لَمْ يَسْمَعْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ عَلَيْهِ كَانَ فِي مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَدِلَّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلٍ، وَلَمْ يَدْرِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجَابَهُ وَمَعْنَاهُ مِنْ مَعْنَى ذِي الْيَدَيْنِ مِنْ أَنَّ الْفَرْضَ عَلَيْهِمْ جَوَابُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَخْبَرُوهُ فَقَبِلَ قَوْلَهُمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يَتَكَلَّمُوا حَتَّى بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَاهَتْ فَرَائِضُهُ فَلَا بَدَلَ فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا أَبَدًا قَالَ نَعَمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت هَذَا فَرْقٌ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَقَالَ مَنْ حَضَرَهُ هَذَا فَرْقٌ بَيِّنٌ لَا يَرُدُّهُ عَالِمٌ لِبَيَانِهِ وَوُضُوحِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ: إنَّ مِنْ أَصْحَابِكُمْ مَنْ قَالَ: مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّجُلُ فِي أَمْرِ الصَّلَاةِ لَمْ يُفْسِدْ صَلَاتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ إنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَيْنَا مَا قُلْنَا لَا مَا قَالَ غَيْرُنَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ قَدْ كَلَّمْت غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِك فَمَا احْتَجَّ بِهَذَا وَلَقَدْ قَالَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا.

(قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ) فَقُلْت لَهُ قَدْ أَعْلَمْتُك أَنَّ الْعَمَلَ لَيْسَ لَهُ مَعْنًى وَلَا حُجَّةَ لَك عَلَيْنَا بِقَوْلِ غَيْرِنَا قَالَ: أَجَلْ فَقُلْت فَدَعْ مَا لَا حُجَّةَ لَك

<<  <  ج: ص:  >  >>