تُحْدِثُ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ نِكَاحًا بِغَيْرِ رِضَاهُمَا وَلَمْ يَعْقِدَاهُ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَإِنَّمَا قِسْتُهُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ لَوْ عُقِدَ فَقَالَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي أَشْتَرِي مِنْك هَذَا عَشْرَةَ أَيَّامٍ كُلَّ يَوْمٍ كَانَ الْبَيْعُ مَفْسُوخًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ أَمْلِكَهُ إيَّاهُ عَشْرًا دُونَ الْأَبَدِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ أُمَلِّكَهُ إيَّاهُ عَشْرًا وَقَدْ شَرَطَ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا إلَّا عَشْرًا فَكَانَ يَلْزَمُك أَنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ خَبَرٌ يُحَرِّمُهُ أَنْ تُفْسِدَهُ إذَا جَعَلْته قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ فَأَفْسَدْت الْبَيْعَ قَالَ فَقَالَ فَإِنْ جَعَلْته قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ يَشْتَرِطُ لِلْمَرْأَةِ دَارَهَا أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ ثَابِتًا وَالشَّرْطُ بَاطِلًا؟ قُلْت لَهُ: فَإِنْ جَعَلْته قِيَاسًا عَلَى هَذَا أَخْطَأْت مِنْ وُجُوهٍ قَالَ وَمَا هِيَ؟ قُلْت مِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ لَهَا شَرْطُهَا مَا كَانَ وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَمَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ قِسْته عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَزِمَك أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ فِي الْمُتَنَاكِحَيْنِ نِكَاحَ مُتْعَةٍ.
قَالَ: لَا أَقِيسُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُثْبِتَ بَيْنَهُمَا مَا يُثْبِتُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ زَوْجَةٌ فِي أَيَّامٍ غَيْرُ زَوْجَةٍ بَعْدَهُ؟ فَقُلْت: فَإِنْ قِسْته عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ وَشَرْطُهَا دَارَهَا بَاطِلٌ فَقَدْ أَحْدَثْت لَهُمَا تَزْوِيجًا بِغَيْرِ شَرْطِهِمَا أَنْ لَيْسَا بِزَوْجَيْنِ مَا لَمْ يَرْضَهُ أَحَدٌ مِنْهُمَا فَكُنْت رَجُلًا زَوَّجَ اثْنَيْنِ بِلَا رِضَاهُمَا وَلَزِمَك إنْ أَخْطَأْت الْقِيَاسَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت: النَّاكِحَةُ الْمُشْتَرِطَةُ دَارَهَا نُكِحَتْ عَلَى الْأَبَدِ فَلَيْسَ فِي عَقْدِهَا النِّكَاحَ عَلَى الْأَبَدِ شَيْءٌ يُفْسِدُ النِّكَاحَ وَشَرَطَتْ أَنْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ دَارِهَا نُكِحَتْ عَلَى الْأَبَدِ وَالشَّرْطِ فَهِيَ وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطُهَا أَوْ أُبْطِلَ عَنْهَا فَهِيَ حَلَالُ الْفَرْجِ فِي دَارِهَا وَغَيْرِ دَارِهَا وَالشَّرْطُ زِيَادَةٌ فِي مَهْرِهَا وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ عِنْدَنَا وَعِنْدَك كَانَتْ جَائِزَةً أَوْ فَاسِدَةً لَا تُفْسِدُ الْعُقْدَةَ وَالنَّاكِحَةُ مُتْعَةً لَمْ يَنْكِحْهَا عَلَى الْأَبَدِ إنَّمَا نَكَحَتْهُ يَوْمًا أَوْ عَشْرًا فَنَكَحَتْهُ عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا حَلَالٌ فِي الْيَوْمِ أَوْ الْعَشْرِ مُحَرَّمٌ بَعْدَهُ لِأَنَّهَا بَعْدَهُ غَيْرُ زَوْجَةٍ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَرْجٌ يُوطَأُ بِنِكَاحٍ يَحِلُّ فِي هَذِهِ وَيُحَرَّمُ فِي أُخْرَى قَالَ مَا هِيَ بِقِيَاسٍ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ الْيَوْمَ وَغَيْرَ زَوْجَتِهِ الْغَدَ بِلَا إحْدَاثِ فُرْقَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت لَوْ اسْتَقَامَتْ قِيَاسًا عَلَى وَاحِدٍ مِمَّا أَرَدْت أَنْ تَقِيسَهَا عَلَيْهِ أَيَجُوزُ فِي الْعِلْمِ عِنْدَنَا وَعِنْدَك أَنْ يَعْمِدَ إلَى الْمُتْعَةِ وَقَدْ جَاءَ فِيهَا خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيمٍ وَخَبَرٌ بِتَحْلِيلٍ؟ فَزَعَمْنَا نَحْنُ وَأَنْتَ أَنَّ التَّحْلِيلَ مَنْسُوخٌ فَتَجْعَلُهُ قِيَاسًا عَلَى شَيْءٍ غَيْرِهِ وَلَمْ يَأْتِ فِيهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرٌ؟ فَإِنْ جَازَ هَذَا لَك جَازَ عَلَيْك أَنْ يَقُولَ لَك قَائِلٌ حُرِّمَ الطَّعَامُ وَالْجِمَاعُ فِي الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَحُرِّمَ الْجِمَاعُ فِي الْإِحْرَامِ فَأُحَرِّمُ الطَّعَامَ فِيهِ أَوْ أُحَرِّمُ الْكَلَامَ فِي الصَّوْمِ كَمَا حُرِّمَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَا يَجُوزُ هَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْعِلْمِ تَمْضِي كُلُّ شَرِيعَةٍ عَلَى مَا شُرِعَتْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَا جَاءَ فِيهِ خَبَرٌ عَلَى مَا جَاءَ، قُلْت: فَقَدْ عَمَدْت فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَفِيهِ خَبَرٌ فَجَعَلْته قِيَاسًا فِي النِّكَاحِ عَلَى مَا لَا خَبَرَ فِيهِ فَجَعَلْته قِيَاسًا عَلَى الْبُيُوعِ وَهُوَ شَرِيعَةٌ غَيْرُهُ ثُمَّ تَرَكْت جَمِيعَ مَا قِسْت عَلَيْهِ وَتُنَاقِضُ قَوْلَك فَقَالَ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا إفْسَادُهُ فَقُلْت فَلِمَ لَمْ تُفْسِدْهُ كَمَا أَفْسَدَهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْعُقْدَةَ فِيهِ فَاسِدَةٌ وَلَمْ تُجِزْهُ كَمَا أَجَازَهُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ حَلَالٌ عَلَى مَا تَشَارَطَا وَلَمْ يَقُمْ لَك فِيهِ قَوْلٌ عَلَى خَبَرٍ وَلَا قِيَاسٍ وَلَا مَعْقُولٍ؟ قَالَ فَلِأَيِّ شَيْءٍ أَفْسَدْت أَنْتَ الشِّغَارَ وَالْمُتْعَةَ؟ قُلْت: بِاَلَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ مِنْ طَاعَةِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَا أَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} وَقَالَ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ} قَالَ فَكَيْفَ يَخْرُجُ نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَك؟ قُلْت مَا نَهَى عَنْهُ مِمَّا كَانَ مُحَرَّمًا حَتَّى أُحِلَّ بِنَصٍّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَوْ خَبَرٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute