اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَامَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَسَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ» وَهَذَا نُقْصَانٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى فَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ وَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ» وَهَذَا زِيَادَةٌ وَقَالَ فِي تَرْجَمَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ «وَمَنْ لَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى وَاحِدَةً، أَوْ اثْنَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، أَوْ أَرْبَعًا فَلْيَبْنِ عَلَى يَقِينِهِ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ السَّلَامِ»، وَلِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ تَشَهُّدٌ وَسَلَامٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ مِنْ التَّشَهُّدِ لِسَجْدَتَيْ السَّهْوِ أَنَّهُمَا قَبْلَ السَّلَامِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، ثُمَّ يَتَشَهَّدُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ ذَكَرَ هَذَا إلَّا فِيمَا إذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فِي صُوَرِهِ الْمَعْرُوفَةِ فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُ الْبُوَيْطِيِّ عَلَى صُوَرِهِ بَعْدَ السَّلَامِ كَانَ مُمْكِنًا.
وَفِي آخِرِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: إذَا كَانَتْ سَجْدَتَا السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ لَهُمَا وَإِذَا كَانَتَا قَبْلَ السَّلَامِ أَجْزَأَهُ التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ، وَقَدْ سَبَقَ عَنْ الْقَدِيمِ مِثْلُ هَذَا وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ مَا ذَكَرَهُ الْمُزَنِيّ وَأَنَّهُ فِي الْقَدِيمِ وَقَالَ: إنَّهُ أَجْمَعَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ لِلسَّهْوِ تَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَجَمَاعَةِ أَصْحَابِهِ الْفُقَهَاءِ؛ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ يَرَى سُجُودَ السَّهْوِ بَعْدَ السَّلَامِ تَشَهَّدَ وَسَلَّمَ بَلْ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ لَا غَيْرُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِرِوَايَةِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَامَ مِنْ ثَلَاثٍ مِنْ الْعَصْرِ نَاسِيًا حَتَّى أَخْبَرَهُ الْخِرْبَاقُ فَصَلَّى مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَتَشَهَّدَ، ثُمَّ سَلَّمَ» وَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ بِهَذِهِ السِّيَاقَةِ غَرِيبٌ وَإِنَّمَا جَاءَتْ عَنْهُ رِوَايَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحُمْرَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى بِهِمْ فَسَهَا فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ تَشَهَّدَ بَعْدُ، ثُمَّ سَلَّمَ» رَوَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَمَا حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ، أَوْ بَعْدَهُ فَيُحْتَجُّ بِهِ لِمَا ذَكَرَهُ الْبُوَيْطِيُّ لِمَا سَبَقَ وَقُلْنَا إنَّهُ غَرِيبٌ لَمْ نَرَ أَحَدًا مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ بِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ أَنَّ الَّذِي يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ لَا يَتَشَهَّدُ أَيْضًا وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ مَا تَقَدَّمَ فِي نَقْلِ الْمُزَنِيّ وَالْقَدِيمِ وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَرَى عَلَيْهِ غَيْرُهُ.
وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ: وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي الْخَامِسَةِ سَجَدَ، أَوْ لَمْ يَسْجُدْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ، أَوْ لَمْ يَقْعُدْ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ فِي الرَّابِعَةِ وَيَتَشَهَّدُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، وَإِنْ ذَكَرَ فِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَاسٍ لِسَجْدَةٍ مِنْ أُولَى بَعْدَ مَا اعْتَدَلَ قَائِمًا فَإِنَّهُ يَسْجُدُ لِلْأُولَى حَتَّى تَتِمَّ قَبْلَ الثَّانِيَةِ وَإِنْ ذَكَرَ بَعْدَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ نَاسٍ لِسَجْدَةٍ مِنْ الْأُولَى كَانَ عَمَلُهُ فِي الثَّانِيَةِ كَلَا عَمَلٍ فَإِذَا سَجَدَ فِيهَا كَانَتْ مِنْ حُكْمِ الْأُولَى وَتَمَّتْ الْأُولَى بِهَذِهِ السَّجْدَةِ وَسَقَطَتْ الثَّانِيَةُ فَإِنْ ذَكَرَ فِي الرَّابِعَةِ أَنَّهُ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ فَإِنَّ الْأُولَى صَحِيحَةٌ إلَّا سَجْدَةً، وَعَمَلُهُ فِي الثَّانِيَةِ كَلَا عَمَلٍ فَلَمَّا سَجَدَ فِيهَا سَجْدَةً كَانَتْ مِنْ حُكْمِ الْأُولَى وَتَمَّتْ الْأُولَى وَبَطَلَتْ الثَّانِيَةُ وَكَانَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً فَلَمَّا قَامَ فِي ثَالِثَةٍ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الثَّانِيَةَ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ ثَالِثَةً كَانَ عَمَلُهُ كَلَا عَمَلٍ فَلَمَّا سَجَدَ فِيهَا سَجْدَةً كَانَتْ مِنْ حُكْمِ الثَّانِيَةِ فَتَمَّتْ الثَّانِيَةُ وَبَطَلَتْ الثَّالِثَةُ الَّتِي كَانَتْ رَابِعَةً عِنْدَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَبْنِي رَكْعَتَيْنِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَعَلَى هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ، وَقِيَاسِهِ.
وَإِنْ شَكَّ هَلْ سَهَا أَمْ لَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَإِنْ اسْتَيْقَنَ السَّهْوَ، ثُمَّ شَكَّ هَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ أَمْ لَا؟ سَجَدَهُمَا وَإِنْ شَكَّ هَلْ سَجَدَ سَجْدَةً، أَوْ سَجْدَتَيْنِ سَجَدَ أُخْرَى وَإِنْ سَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute