للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَدْت فَلِي عَلَيْك الرَّجْعَةُ وَكَذَّبَتْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا لِأَنَّ الرَّجْعَةَ حَقٌّ لَهُ. وَالْخُلُوُّ مِنْ الْعِدَّةِ حَقٌّ لَهَا فَإِذَا لَمْ تَدَعْ حَقَّهَا فَتَكُونُ أَمْلَكَ بِنَفْسِهَا لِأَنَّهُ فِيهَا دُونَهُ لَمْ يَزُلْ حَقُّهُ إنَّمَا يَزُولُ بِأَنْ تَزْعُمَ هِيَ أَنَّهُ زَالَ.

(قَالَ): وَلَوْ لَمْ يَدْرِ هُوَ وَلَا هِيَ أَوَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْوِلَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَنْ كَانَ عَنْهَا غَائِبًا حِينَ طَلَّقَهَا بِنَاحِيَةٍ مِنْ مِصْرِهَا أَوْ خَارِجَ مِنْهُ كَانَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ فَلَا تُزِيلُهَا عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ أَنْ تَأْتِيَ بِهَا وَكَانَ الْوَرَعُ أَنْ لَا يَرْتَجِعَهَا لِأَنِّي لَا أَدْرِي لَعَلَّهَا قَدْ حَلَّتْ مِنْهُ وَلَوْ ارْتَجَعَهَا لَمْ أَمْنَعْهُ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِي مَنْعُهُ رَجْعَتَهَا إلَّا بِيَقِينِ أَنْ قَدْ حَلَّتْ مِنْهُ

(قَالَ): وَالْحُرَّةُ الْكِتَابِيَّةُ تَكُونُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكِتَابِيِّ فِي عِدَدِ الطَّلَاقِ أَوْ الْوَفَاةِ وَمَا يَلْزَمُ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ تَرْكِ الْخُرُوجِ وَالْإِحْدَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ لَهَا بِكُلِّ وَجْهٍ سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ وَالْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ إلَّا أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ فِي غَيْرِ الْحَمْلِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ وَأَنَّ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ أَنْ يُخْرِجَهَا وَإِذَا أَخْرَجَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ عَلَى مُطَلِّقٍ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَلَا حَمْلَ.

(قَالَ): وَتَجْتَمِعُ الْعِدَّةُ مِنْ النِّكَاحِ الثَّابِتِ وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ فِي شَيْءٍ وَتَفْتَرِقُ فِي غَيْرِهِ. وَإِذَا اعْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْمَنْكُوحَةُ نِكَاحًا فَاسِدًا بِالْفُرْقَةِ فَعِدَّتُهُمَا سَوَاءٌ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي مَوْضِعِ الْحَمْلِ وَالْأَقْرَاءِ وَالشُّهُورِ غَيْرَ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِمَنْكُوحَةٍ نِكَاحًا فَاسِدًا فِي الْحَمْلِ وَلَا سُكْنَى إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمُصِيبُ لَهَا بِالسُّكْنَى لِيُحْصِنَهَا فَيَكُونَ ذَلِكَ لَهَا بِتَطَوُّعِهِ وَلَهُ بِتَحْصِينِهَا.

وَإِذَا نَكَحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ نِكَاحًا فَاسِدًا فَمَاتَ عَنْهَا ثُمَّ عَلِمَ فَسَادَ النِّكَاحِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ هَذِهِ عِدَّةَ مُطَلَّقَةٍ وَلَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ مُتَوَفًّى عَنْهَا وَلَا تَحِدُّ فِي شَيْءٍ مِنْ عِدَّتِهِ وَلَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً وَإِنَّمَا تُسْتَبْرَأُ بِعِدَّةِ مُطَلَّقَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا تَعْتَدُّ بِهِ حُرَّةٌ فَتَعْتَدُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتَضَعَ حَمْلَهَا فَتَحِلَّ لِلْأَزْوَاجِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ.

وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا فَلَمْ يُحْدِثْ لَهَا الزَّوْجُ رَجْعَةً وَلَا نِكَاحًا حَتَّى وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوَلَدَ وَلَمْ يُقِرَّ بِالْحَمْلِ فَالْوَلَدُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ لِأَنَّهَا وَلَدَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ لِمَا لَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ.

وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُ فِي الرَّجْعَةَ رَدَّتْ نَفَقَةَ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ أَخَذَتْهَا. وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ فَلَمْ تُقِرَّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ مَضَتْ أَوْ تَكُونُ مِمَّنْ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ فَتُقِرُّ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَلَهَا النَّفَقَةُ فِي أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ لَهُ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَذَلِكَ أَنِّي أَجْعَلُهَا طَاهِرًا حِينَ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَحِيضُ مِنْ يَوْمِهَا ثُمَّ أَحْسِبُ لَهَا أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ فِيهِ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَأَجْعَلُ لَهَا فِيهِ النَّفَقَةَ إلَى أَنْ تَدْخُلَ فِي الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ أَبْتَدِئُ ذَلِكَ بِمَا وَصَفْت مِنْ أَنْ أَجْعَلَ طُهْرَهَا قَبْلَ حَيْضِهَا مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَأَقَلُّ مَا تَحِيضُ وَتَطْهُرُ وَإِنْ كَانَ حَيْضُهَا يَخْتَلِفُ فَيَطُولُ وَيَقْصُرُ لَمْ أَجْعَلْ لَهَا إلَّا أَقَلَّ مَا كَانَتْ تَحِيضُ لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَقِينُ وَأَطْرَحُ عَنْهُ الشَّكَّ وَأَجْعَلُ الْعِدَّةَ مُنْقَضِيَةً بِالْحَمْلِ لِأَنَّهَا مُفْسِدَةٌ لِلْحَيْضَةِ وَوَاضِعَةٌ لِلْحَمْلِ فَلَوْ كَانَتْ عِدَّتُهَا الشُّهُورَ جَعَلْت لَهَا نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا وَبَرِئَتْ مِنْ الْعِدَّةِ بِوَضْعِ الْحَمْلِ. وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ كَانَ ابْنَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْتَجِعُ وَيَنْكِحُ نِكَاحًا جَدِيدًا وَيُصِيبُ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ لِيَكُونَ وَلَدَهُ. وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِهِ الزَّوْجُ وَلَكِنَّ الْمَرْأَةَ ادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ نَكَحَهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَأَصَابَهَا وَهِيَ تَرَى أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ مَاتَ وَلَمْ يُقِرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ عَلَى دَعْوَاهَا إنْ كَانَ حَيًّا وَعَلَى وَرَثَتِهِ عَلَى عِلْمِهِمْ إنْ كَانَ مَيِّتًا وَسَأَلْت أَيْمَانَهُمْ.

وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلَاقًا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ أَوْ لَا يَمْلِكُهَا فَأَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تُقِرَّ بِهَا حَتَّى وَلَدَتْ وَلَدًا لَمْ يُجَاوِزْ أَرْبَعَ سِنِينَ مِنْ السَّاعَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ أَوْ أَقَلَّ فَالْوَلَدُ أَبَدًا لَاحِقٌ بِالْأَبِ لِأَكْثَرَ مَا يَكُونُ لَهُ حَمْلُ النِّسَاءِ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا كَانَ الْأَبُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لَا يُنْفَى الْوَلَدُ عَنْ الْأَبِ إلَّا بِأَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَحْمِلُ النِّسَاءُ مِنْ يَوْمِ طَلَّقَهَا أَوْ يَلْتَعِنَ فَيَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ أَوْ تَزَوَّجَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ فَتَكُونُ فِرَاشًا وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>