للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالطَّلَاقُ مَرِيضًا كَانَ أَوْ صَحِيحًا وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ صُمْت الْيَوْمَ تَطَوُّعًا أَوْ خَرَجْت إلَى مَنْزِلِ أَبِيك فَصَامَتْ تَطَوُّعًا أَوْ خَرَجَتْ إلَى مَنْزِلِ أَبِيهَا. لَمْ تَرِثْهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهَا مِنْ هَذَا بُدٌّ وَكَانَتْ غَيْرَ آثِمَةٍ بِتَرْكِهَا مَنْزِلَ أَبِيهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَكُلُّ مَا قِيلَ مِمَّا وَصَفْت أَنَّهَا تَرِثُهُ فِي الْعِدَّةِ فِي قَوْلِ مَنْ يُوَرِّثُهَا إذَا كَانَ الْقَوْلُ فِي الْمَرَضِ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ فَقَالَهُ فِي الْمَرَضِ. ثُمَّ صَحَّ ثُمَّ وَقَعَ لَمْ تَرِثْهُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ وَكُلُّ مَا قَالَ فِي الصِّحَّةِ مِمَّا يَقَعُ فِي الْمَرَضِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ فِي الْمَرَضِ وَكَانَ طَلَاقًا لَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ لَمْ تَرِثْهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا أَوْ إذَا جَاءَ هِلَالُ كَذَا أَوْ إذَا جَاءَتْ سَنَةُ كَذَا أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَوَقَعَ بِهِ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْ لِأَنَّ الْقَوْلَ كَانَ فِي الصِّحَّةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَالَ لَهَا إذَا مَرِضْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَمَرِضَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِحَّ. وَرِثَتْ فِي قَوْلِ مَنْ يُوَرِّثُهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ عَمَدَ أَنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي الْمَرَضِ. وَإِذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فَأَقَرَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فِي الصِّحَّةِ ثَلَاثًا وَقَعَ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ سَاعَةَ تَكَلَّمَ وَاسْتَقْبَلَتْ الْعِدَّةَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا تَرِثُهُ عِنْدِي بِحَالٍ

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ وَهُوَ مَرِيضٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا صَحَحْت فَصَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْهُ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي وَقْتٍ لَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهِ لَمْ تَرِثْهُ.

وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ صَحِيحًا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ أُقْتَلَ بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ بِشَهْرٍ أَوْ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ مِنْ الْحُمَّى أَوْ سَمَّى مَرَضًا مِنْ الْأَمْرَاضِ فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَوَرِثَتْهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ قَبْلَ الشَّهْرِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ وَلَا يَقَعُ إلَّا بِأَنْ يَمُوتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَيَكُونَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَيَجْتَمِعَ الْأَمْرَانِ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ فِي الْأَقَاوِيلِ وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ مِنْ يَوْمِ قَالَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حَتَّى يَعِيشَ بَعْدَ الْقَوْلِ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ بِوَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ فَيَكُونُ لِقَوْلِهِ مَوْضِعٌ. فَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْتُهُ مَعَ الشَّهْرِ سَوَاءً فَلَا مَوْضِعَ لِقَوْلِهِ وَتَرِثُ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا طَلَاقٌ وَإِذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ عَاشَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّى ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَإِنْ عَاشَ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ بِالطَّلَاقِ إلَى أَنْ مَاتَ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى بِطَرْفَةِ عَيْنٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَذَلِكَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِمَا سَمَّى وَلَا تَرِثُ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ وَهُوَ صَحِيحٌ.

وَلَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ ارْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصِحَّ لَمْ تَرِثْهُ لِأَنَّهَا أَخْرَجَتْ نَفْسَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ، وَلَوْ كَانَ هُوَ الْمُرْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ فَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ. لَمْ تَرِثْهُ عِنْدِي وَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ غَيْرِي لِأَنَّهُ فَارٌّ مِنْ الْمِيرَاثِ.

وَلَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَقَالَ لَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إذَا عَتَقْت فَعَتَقَتْ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَرِثْهُ، وَإِنْ كَانَ قَالَهُ لَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ لَمْ تَرِثْ فِي قَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَتَرِثُ فِي الْقَوْلِ الْآخَرِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَالَ لَهَا وَهِيَ أَمَةٌ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا غَدًا وَهُوَ مَرِيضٌ وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا أَنْتِ حُرَّةٌ الْيَوْمَ بَعْدَ قَوْلِهِ. لَمْ تَرِثْهُ لِأَنَّهُ قَالَهُ وَهِيَ غَيْرُ وَارِثٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ مُشْرِكَةً وَهُوَ مُسْلِمٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا سَيِّدُهَا وَالزَّوْجُ مَرِيضٌ أَنْتِ حُرَّةٌ غَدًا وَقَالَ الزَّوْجُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَعْدَ غَدٍ وَلَمْ يَعْلَمْ عِتْقَ السَّيِّدِ لَمْ تَرِثْهُ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ. وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ عِتْقَ السَّيِّدِ لَمْ تَرِثْهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَتَرِثُهُ فِي قَوْلِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ فَارٌّ مِنْ الْمِيرَاثِ.

(قَالَ): وَإِنْ كَانَتْ تَحْتَ الْمُسْلِمِ مَمْلُوكَةٌ وَكَافِرَةٌ فَمَاتَ وَالْمَمْلُوكَةُ حُرَّةٌ وَالْكَافِرَةُ مُسْلِمَةٌ فَقَالَتْ هَذِهِ عَتَقْت قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَقَالَ ذَلِكَ الَّذِي أَعْتَقَهَا وَقَالَتْ هَذِهِ أَسْلَمْت قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ وَقَالَ الْوَرَثَةُ مَاتَ وَأَنْتِ مَمْلُوكَةٌ وَلِلْأُخْرَى مَاتَ وَأَنْتِ كَافِرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَرَثَةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ.

(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّتِي قَالَتْ لَمْ أَكُنْ مَمْلُوكَةً لِأَنَّ أَصْلَ النَّاسِ الْحُرِّيَّةَ وَعَلَى الَّتِي قَالَتْ لَمْ أَكُنْ نَصْرَانِيَّةً الْبَيِّنَةُ، وَإِذَا قَالَ الْوَرَثَةُ لِامْرَأَةِ الرَّجُلِ كُنْت

<<  <  ج: ص:  >  >>