للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَفْنَاهُ فَإِنْ عَرَفْنَاهُ لِإِحْدَاهُمَا فَلَمَّا لَمْ يُبَيِّنْ لِأَيِّهِمَا هُوَ وَقَفْنَاهُ حَتَّى نَجِدَ عَلَى الزَّوْجِ بَيِّنَةً نَأْخُذَ بِهَا أَوْ تَصَادَقَا مِنْهُمَا فَيَلْزَمُهُمَا أَنْ يَصْطَلِحَا فَتَكُونَ إحْدَاهُمَا قَدْ عَفَتْ بَعْضَ حَقِّهَا أَوْ تَرَكَتْ مَا لَيْسَ لَهَا فَلَا يَكُونُ لَنَا فِي صُلْحِهِمَا حُكْمٌ أَلْزَمْنَاهُمَا كَارِهِينَ وَلَا إحْدَاهُمَا، وَلَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ ثُمَّ مَاتَتْ الْأُخْرَى بَعْدَهُ سُئِلَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ قَالُوا إنَّ طَلَاقَهُ قَدْ وَقَعَ عَلَى الْمَيِّتَةِ وَرِثَتْهُ الْحَيَّةُ بِلَا يَمِينٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ أَنَّ فِي مَالِهِ حَقًّا لِلْحَيَّةِ وَلَا حَقَّ لَهُ فِي مِيرَاثِ الْمَيِّتَةِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا رَشَدًا يَكُونُ أَمْرُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ جَائِزًا، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صَغِيرٌ جَازَ فِي حَقِّ الْكِبَارِ الرُّشْد إقْرَارُهُمْ وَوُقِفَ لِلزَّوْجِ الْمَيِّتِ حِصَّةُ الصِّغَارِ وَمَنْ كَانَ كَبِيرًا غَيْرَ رَشِيدٍ مِنْ مِيرَاثِ زَوْجٍ حَتَّى يَبْلُغُوا الرُّشْدَ وَالْحُلُمَ وَالْمَحِيضَ، وَوُقِفَ لِلزَّوْجَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَ حِصَّتِهَا مِنْ مِيرَاثِ امْرَأَةٍ حَتَّى يَبْلُغُوا، وَلَوْ كَانَ الْوَرَثَةُ كِبَارًا فَقَالُوا الَّتِي طَلَّقَ ثَلَاثًا هِيَ الْمَرْأَةُ الْحَيَّةُ بَعْدَهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ يَقُومُونَ مَقَامَ الْمَيِّتِ فَيَحْلِفُونَ عَلَى الْبَتِّ أَنَّ فُلَانَةَ الْحَيَّةَ بَعْدَهُ الَّتِي طَلَّقَ ثَلَاثًا وَلَا يَكُونُ لَهَا مِيرَاثٌ مِنْهُ وَيَأْخُذُونَ لَهُ مِيرَاثَهُ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ فَيَحْلِفُونَ أَنَّ حَقَّهُ لِحَقٍّ وَيَقُومُونَ مَقَامَهُ فِي الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ بِخَبَرِهِ وَخَبَرِ مَنْ يُصَدِّقُونَ غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ صِغَارٌ وُقِفَ حَقُّ الصِّغَارِ مِنْ مِيرَاثِ الْأَبِ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ حَتَّى يَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوهُ أَوْ يَنْكُلُوا فَيَبْطُلَ أَوْ يَمُوتُوا فَيَقُومَ وَرَثَتُهُمْ مَكَانَهُمْ كَمَا يَكُونُ فِيمَا وَصَفْنَا مِنْ يَمِينٍ وَشَاهِدٍ وَيُوقَفُ قَدْرُ حَقِّهِمْ مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِمْ لِلْمَرْأَةِ الْحَيَّةِ بَعْدَهُ لِيُقِرُّوا لَهَا فَيَأْخُذُوهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ مِنْ الْأُخْرَى وَيَحْلِفُوا فَيَأْخُذُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْأُخْرَى وَيَبْطُلُ حَقُّهَا الَّذِي وُقِفَ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يُوقَفَ لَهُ مِيرَاثُ زَوْجٍ مِنْ الْمَيِّتَةِ قَبْلَهُ وَلِلْمَيِّتَةِ بَعْدَهُ مِيرَاثُ امْرَأَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَوْ يَصْطَلِحَ وَرَثَتُهُ وَوَرَثَتُهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ رَأَى امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ مُطَّلِعَةً فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَقَدْ أَثْبَتَ أَنَّهَا مِنْ نِسَائِهِ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهنَّ هِيَ؟ فَقَالَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنَا هِيَ أَوْ جَحَدَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ أَنْ تَكُونَ هِيَ أَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ اثْنَتَانِ وَجَحَدَ الْبَوَاقِي فَسَوَاءٌ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ هِيَ هَذِهِ فَإِذَا قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ هِيَ هَذِهِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَمَنْ سَأَلَ مِنْهُنَّ أَنْ يَحْلِفَ لَهَا مَا طَلَّقَهَا أُحْلِفَ وَمَنْ لَمْ تَسْأَلْ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَلَمْ نَعْلَمْهُ طَلَّقَ اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ ثُمَّ قَالَ أَخْطَأْت هِيَ هَذِهِ الْأُخْرَى لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لِلْأُولَى الَّتِي أَقَرَّ لَهَا وَهَكَذَا لَوْ صَنَعَ هَذَا فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ لَزِمَهُ طَلَاقُ الَّتِي قَالَ بَلْ هَذِهِ وَطَلَاقُ إحْدَى الِاثْنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ قَالَ هِيَ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ بَلْ هَذِهِ طَلُقَتْ الْأُولَى وَوَقَعَ عَلَى الثَّانِيَةِ الَّتِي قَالَ بَلْ هَذِهِ، وَلَوْ قَالَ إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ فِي وَاحِدَةٍ هِيَ هَذِهِ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا طَلُقَتْ الْأُولَى بِالْإِقْرَارِ وَوُقِفَ عَنْ الْبَوَاقِي وَلَمْ يَكُنْ كَاَلَّذِي قَالَ عَلَى الِابْتِدَاءِ مَا أَدْرِي أَطَلَّقْت أَوْ لَا هَذَا مُطَلِّقٌ بِيَقِينٍ ثُمَّ أَقَرَّ لِوَاحِدَةٍ فَأَلْزَمْنَا لَهُ الْإِقْرَارَ ثُمَّ أَخْبَرْنَا أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقَ فِي إقْرَارِهِ فَحَلَّ لَهُ مِنْهُنَّ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَصْدُقْ فَتَكُونُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ وَيَكُونُ فِي الْبَوَاقِي كَهُوَ فِي الِابْتِدَاءِ مَا كَانَ مُقِيمًا عَلَى الشَّكِّ، فَإِذَا قَالَ قَدْ اسْتَيْقَنْت أَنَّ الَّذِي قُلْت أَوَّلًا هِيَ الَّتِي طَلَّقْت كَمَا قُلْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَأَيَّتُهُنَّ أَرَادَتْ أَنْ أُحَلِّفَهُ لَهَا أَحَلَفْتَهُ، وَلَوْ قَالَ هِيَ هَذِهِ ثُمَّ قَالَ مَا أَدْرِي أَهِيَ هِيَ أَمْ لَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ لَمْ تَرِثْهُ الَّتِي قَالَ هِيَ هَذِهِ إنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا وَوَرِثَهُ الثَّلَاثُ مَعًا وَلَا يَمْنَعْنَ مِيرَاثَهُ بِالشَّكِّ فِي طَلَاقِهِنَّ وَلَا طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَوْ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>