وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ الَّذِي فِي اخْتِلَافِ الْحَدِيثِ فَفِيهِ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ بِالنَّجْمِ فَسَجَدَ وَسَجَدَ النَّاسُ مَعَهُ إلَّا رَجُلَيْنِ قَالَ أَرَادَ الشُّهْرَةَ» أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ: أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ «زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَرَأَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ سُجُودَ الْقُرْآنِ لَيْسَ بِحَتْمٍ وَلَكِنَّا نُحِبُّ أَنْ لَا يُتْرَكَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَتَرَكَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي النَّجْمِ سَجْدَةٌ وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَدَعَ شَيْئًا مِنْ سُجُودِ الْقُرْآنِ وَإِنْ تَرَكَهُ كَرِهْته لَهُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ؟ قِيلَ: السُّجُودُ صَلَاةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} فَكَانَ الْمَوْقُوتُ يَحْتَمِلُ مُؤَقَّتًا بِالْعَدَدِ وَمُؤَقَّتًا بِالْوَقْتِ فَأَبَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» فَلَمَّا كَانَ سُجُودُ الْقُرْآنِ خَارِجًا مِنْ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ كَانَتْ سُنَّةَ اخْتِيَارِ فَأَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ لَا يَدَعَهُ وَمَنْ تَرَكَهُ تَرَكَ فَضْلًا لَا فَرْضًا وَإِنَّمَا سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّجْمِ؛ لِأَنَّ فِيهَا سُجُودًا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي سُجُودِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّجْمِ دَلِيلٌ عَلَى مَا وَصَفْت؛ لِأَنَّ النَّاسَ سَجَدُوا مَعَهُ إلَّا رَجُلَيْنِ، وَالرَّجُلَانِ لَا يَدَعَانِ الْفَرْضَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَكَاهُ أَمَرَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute