للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دِيَةٌ كَانَتْ الدِّيَةُ مَالًا مِنْ مَالِهِ لَا يَكُونُ أَهْلُ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ أَحَقَّ بِهَا مِنْ غُرَمَائِهِ كَمَا لَا يَكُونُونَ أَحَقَّ بِمَا سِوَاهَا مِنْ مَالِهِ وَلَهُمْ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ يَكُونُونَ بِهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَرَحَهُ رَجُلٌ عَمْدًا، ثُمَّ عَفَا الْمَجْرُوحُ عَنْ الْجُرْحِ وَمَا حَدَثَ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ لَمْ يَكُنْ إلَى قَتْلِ الْجَارِحِ سَبِيلٌ بِأَنَّ الْمَجْرُوحَ قَدْ عَفَا الْقَتْلَ فَإِنْ كَانَ عَفَا عَنْهُ لِيَأْخُذَ عَقْلَ الْجُرْحِ أُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ تَامَّةً؛ لِأَنَّ الْجُرْحَ قَدْ صَارَ نَفْسًا وَإِنْ كَانَ عَفَا عَنْ الْعَقْلِ وَالْقِصَاصِ فِي الْجُرْحِ، ثُمَّ مَاتَ مِنْ الْجُرْحِ فَمَنْ لَمْ يُجِزْ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ أَبْطَلَ الْعَفْوَ وَجَعَلَ الدِّيَةَ تَامَّةً لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ وَمَنْ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ لِلْقَاتِلِ جَعَلَ عَفَوْهُ عَنْ الْجُرْحِ وَصِيَّةً يُضْرَبُ بِهَا الْقَاتِلُ فِي الثُّلُثِ مَعَ أَهْلِ الْوَصَايَا وَقَالَ فِيمَا زَادَ مِنْ الدِّيَةِ عَلَى عَقْلِ الْجُرْحِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَهُ مِثْلُ عَقْلِ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مِنْ مَالِهِ مُلِكَ عَنْهُ وَالْآخَرُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَتَلَ نَفَرٌ رَجُلًا عَمْدًا كَانَ لِوَلِيِّ الْقَتْلِ أَنْ يَقْتُلَ فِي قَوْلِ مَنْ قَتَلَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ بِوَاحِدٍ - أَيَّهُمْ أَرَادَ وَيَأْخُذَ مِمَّنْ أَرَادَ مِنْهُمْ الدِّيَةَ بِقَدْرِ مَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا كَأَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَعَفَا عَنْ وَاحِدٍ فَيَأْخُذَ مِنْ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ أَوْ يَقْتُلَهُمَا إنْ شَاءَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا كَانُوا نَفَرًا فَضَرَبُوهُ مَعًا فَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمْ، وَأَحَدُهُمْ ضَارِبٌ بِحَدِيدَةٍ وَالْآخَرُ بِعَصًا خَفِيفَةٍ وَالْآخَرُ بِحَجَرٍ أَوْ سَوْطٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَكُلُّهُمْ عَامِدٌ لِلضَّرْبِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ مِنْ قِبَلِ أَنِّي لَا أَعْلَمُ بِأَيِّ الضَّرْبِ كَانَ الْمَوْتُ وَفِي بَعْضِ الضَّرْبِ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ بِحَالٍ وَعَلَى الْعَامِدِ بِالْحَدِيدِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى الْآخَرِينَ حِصَّتُهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ رَمَى شَيْئًا فَأَخْطَأَ بِهِ فَأَصَابَهُ مَعَهُمْ كَانَتْ عَلَى جَمِيعِ الْعَامِدِينَ بِالْحَدِيدِ - الدِّيَةُ فِي حِصَصِهِمْ فِي أَمْوَالِهِمْ حَالَّةً وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ بِالْحَدِيدَةِ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا تَكُونُ دِيَةُ الْخَطَأِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ عَفَا الْمَقْتُولُ عَنْ هَؤُلَاءِ.

كُلِّهِمْ كَانَ الْقَوْلُ فِيمَنْ لَا يُجِيزُ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةً أَوْ مَنْ يُجِيزُهَا كَمَا وَصَفْتُ، وَقَالَ فِي الَّذِي يُشْرِكُهُمْ بِخَطَأٍ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْعَاقِلَةِ لَا لِلْقَاتِلِ فَجَمِيعُ مَا أَصَابَ الْعَاقِلَةُ مِنْ حِصَّةِ صَاحِبِهِمْ مِنْ الدِّيَةِ وَصِيَّةٌ لَهُمْ جَائِزَةٌ مِنْ الثُّلُثِ وَالْآخَرُ أَنْ لَا تَجُوزَ لَهُ وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ عَنْ الْعَاقِلَةِ إلَّا بِسُقُوطِهَا عَنْهُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لِلْقَاتِلِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) الْقَوْلُ الثَّانِي أَصَحُّ عِنْدِي.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْقَوْلُ فِي الرَّجُلِ يَجْرَحُ الرَّجُلَ جُرْحًا يَكُونُ فِي مِثْلِهِ قِصَاصٌ فَيَبْرَأُ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمَجْرُوحِ فِي جُرْحِهِ مِثْلَ مَا كَانَ لِأَوْلِيَائِهِ فِي قَتْلِهِ مِنْ الْخِيَارِ فَإِنْ شَاءَ اسْتَقَادَ مِنْ جُرْحِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عَقْلَ الْجُرْحِ مِنْ مَالِ الْجَارِحِ حَالًّا يَكُونُ غَرِيمًا مِنْ الْغُرَمَاءِ يُحَاصُّ أَهْلَ الدَّيْنِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَا أَصَابَهُ مِنْ جُرْحٍ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَعَقْلُهُ فِي مَالِ الْجَارِحِ حَالٌّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ جَنَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ جِنَايَاتٍ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِمَّا أَرَادَ وَيَأْخُذَ الْعَقْلَ مِمَّا أَرَادَ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ نَفَرٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ بَعْضِهِمْ وَيَأْخُذَ مِنْ بَعْضٍ الْعَقْلَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ أَوْ الْجَارِحُ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا كَانَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَلِلْمَجْرُوحِ فِي نَفْسِهِ عَلَى الْجَانِي الْقِصَاصُ أَوْ اخْتِيَارُ الْعَقْلِ مِنْ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ فَإِنْ اخْتَارُوهُ أَوْ اخْتَارَهُ فَاقْتَصُّوا أَوْ اقْتَصَّ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ غَيْرُ الْقِصَاصِ فَإِنْ اخْتَارُوا أَوْ اخْتَارَ الْعَقْلَ فَذَلِكَ فِي مَالِ الذِّمِّيِّ حَالَ يَكُونُونَ فِي مَالِهِ غُرَمَاءَ لَهُ وَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ كَامِلًا يُبَاعُ فِيهِ فَإِنْ بَلَغَ الْعَقْلَ كَامِلًا فَذَلِكَ لِوَلِيِّ الدَّمِ أَوْ الْمَجْرُوحِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يَلْزَمْ سَيِّدَهُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ ثَمَنُ الْعَبْدِ عَلَى الْعَقْلِ رُدَّ إلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ وَإِنْ شَاءَ سَيِّدُ الْعَبْدِ قَبْلَ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَقْلَ النَّفْسِ أَوْ الْجُرْحَ مُتَطَوِّعًا غَيْرَ مَجْبُورٍ عَلَيْهِ لَمْ يُبَعْ عَلَيْهِ عَبْدُهُ وَقَدْ أَدَّى جَمِيعَ مَا فِي عُنُقِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ كَانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>