للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِصَاصُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّرَفُ مَقْطُوعًا أَوْ أَشَلَّ مَيِّتًا فَأَمَّا الْعَيْبُ سِوَاهُ إذَا كَانَتْ الْأَطْرَافُ حَيَّةً غَيْرَ مَقْطُوعَةٍ فَلَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ وَلَا يَنْقُصُ الْعَقْلُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَهَكَذَا الْفَتْحُ فِي الْأَصَابِعِ وَضَعْفُ خِلْقَتِهَا أَوْ أُصُولِهَا وَتَكَرُّشُهَا وَقِصَرُهَا وَطُولُهَا وَاضْطِرَابُهَا وَكُلُّ عَيْبٍ مِنْهَا مِمَّا لَيْسَ بِمَوْتٍ بِهَا وَلَا قَطْعٍ فَلَا فَضْلَ فِي بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الدِّيَةِ وَالْقَوَدِ إذَا كَانَتْ نِسْبَتُهَا كَنِسْبَةِ أَيْدِي النَّاسِ.

فَإِذَا ضَرَبَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ يَدَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فَقَطَعَهَا مِنْ الْكُوعِ فَطَلَبَ الْمَضْرُوبَةُ يَدُهُ الْقِصَاصَ أَحْبَبْت أَنْ لَا أَقُصَّ مِنْهُ حَتَّى تَبْرَأَ جِرَاحَةً؛ لِأَنَّهَا لَعَلَّهَا أَنْ تَكُونَ نَفْسًا. فَإِنْ سَأَلَ ذَلِكَ قَبْلَ الْبُرْءِ أَعْطَيْتُهُ ذَلِكَ وَلَمْ أَقُصَّ مِنْهُ بِضَرْبَةٍ وَدَعَوْت لَهُ مَنْ يَحْذِقُ الْقَطْعَ فَأَمَرْته أَنْ يَقْطَعَهَا لَهُ بِأَيْسَرَ مَا يَكُونُ بِهِ الْقَطْعُ ثُمَّ تُحْسَمُ يَدُ الْمَقْطُوعِ إنْ شَاءَ وَهَكَذَا إنْ قَطَعَهَا مِنْ الْمَرْفِقِ أَوْ الْمَنْكِبِ لَا يَخْتَلِفُ، وَهَكَذَا إنْ قَطَعَ لَهُ أُصْبُعًا أَوْ أُنْمُلَةَ أُصْبُعٍ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أُقِيدُ يُمْنَى مِنْ يُسْرَى وَلَا خِنْصَرًا مِنْ غَيْرِ خِنْصَرِ يَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا، وَهَكَذَا فِي هَذَا أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبِ أَوْ مَفْصِلِ الرُّكْبَةِ. فَإِنْ قَطَعَهَا مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ سَأَلْت أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْقَطْعِ هَلْ يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِقَطْعِهَا مِنْ مَفْصِلِ الْوَرِكِ بِلَا أَنْ يَكُونَ جَائِفَةً؟ فَإِنْ قَالُوا نَعَمْ أَقَصَصْت مِنْهُ وَهَكَذَا إنْ نَزَعَ يَدَهُ بِكَتِفِهِ أَقَدْته مِنْهُ إنْ قَدَرُوا عَلَى نَزْعِ الْكَتِفِ بِلَا أَنْ يَحِيفَهُ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ فَوْقِ الْمَفْصِلِ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ أُصْبُعًا مِنْ أَصَابِعِهِ فَسَأَلَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ الْقَوَدَ قِيلَ لَهُ إنْ سَأَلْت مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعَكَ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَفْصِلٍ، وَذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْطَعُ إلَّا بِضَرْبَةٍ جَامِعَةٍ يَرْفَعُ بِهَا الضَّارِبُ يَدَهُ. وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى إحَاطَةٍ مِنْ أَنْ يَقَعَ مَوْقِعَ ضَرْبَتِهِ لَكَ وَلَوْ قُلْت يَنْخَفِضُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيَّ فِي أَقَلَّ مِنْ حَقِّي قِيلَ قَدْ لَا تَقْطَعُ الضَّرْبَةُ فِي مَرَّةٍ وَلَا مِرَارٍ؛ لِأَنَّ الْعَظْمَ يَنْكَسِرُ فَيَصِيرُ إلَى أَكْثَرَ مِمَّا نَالَكَ بِهِ أَوْ يُحَزَّ وَالْحَزُّ إنَّمَا يَكُونُ فِي جِلْدٍ وَلَحْمٍ. وَلَوْ حَزَّ فِي الْعَظْمِ كَانَ عَذَابًا غَيْرَ مُقَارِبٍ لِمَا أَصَابَكَ بِهِ وَزِيَادَةَ انْكِسَارِ الْعَظْمِ كَمَا وَصَفْت، وَيُقَالُ لَهُ إنْ سَأَلْت أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ لَكَ مِنْ الْمَفْصِلِ أَوْ رِجْلُهُ وَتُعْطَى حُكُومَةً بِقَدْرِ مَا زَادَ عَلَى الْيَدِ وَالرِّجْلِ فَعَلْنَا. فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتَ تَضَعُ لَهُ السِّكِّينَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ الَّذِي وَضَعَهَا بِهِ قُلْت نَعَمْ هِيَ أَيْسَرُ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَضَعَهَا بِهِ مِنْ الْمُقْتَصِّ لَهُ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعِ تَلَفٍ وَلَمْ أُتْلِفْ بِهَا إلَّا مَا أَتْلَفَ الْجَانِي عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ وَأَكْثَرَ مِنْهُ. وَهَكَذَا فِي الرِّجْلِ وَالْأُصْبُعِ إذَا قَطَعَهَا مِنْ فَوْقِ الْأُنْمُلَةِ فَإِنْ قَطَعَ أُصْبُعًا مِنْ دُونِ الْأُنْمُلَةِ فَلَا قَوَدَ بِحَالٍ وَفِيهَا حِسَابُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْأُنْمُلَةِ، وَإِنْ قَطَعَ يَدًا مِنْ نِصْفِ الْكَفِّ أَوْ رِجْلًا، كَذَلِكَ فَقَطَعَ مَعَهَا الْأَصَابِعَ فَإِنْ سَأَلَ الْقِصَاصَ مِنْ الْأَصَابِعِ أَقَصَصْت بِهِ، وَإِنْ سَأَلَهَا مِنْ الْعَظْمِ الَّذِي أَصَابَ فَوْقَ الْأَصَابِعِ لَمْ أُعْطِهِ كَمَا وَصَفْت قَبْلَ هَذَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ شَقَّ الْكَفَّ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَفْصِلِ فَسَأَلَ الْقِصَاصَ سَأَلْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فَإِنْ قَالُوا نَقْدِرُ عَلَى شَقِّهَا، كَذَلِكَ أَقَصَصْنَاهُ وَجَعَلْنَا ذَلِكَ كَشَقٍّ فِي رَأْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ شَقَّهَا حَتَّى الْمَفْصِلَ، ثُمَّ قَطَعَهَا مِنْ الْمَفْصِلِ فَبَقِيَ بَعْضُهَا وَقُطِعَ بَعْضُهَا شَقَّ قَوَدًا إنْ قَدَرَ وَقَطَعَ مِنْ حَيْثُ قُطِعَ.

وَإِنْ قَطَعَ لَهُ أُصْبُعًا فَائْتَكَلَتْ الْكَفُّ حَتَّى سَقَطَتْ كُلُّهَا فَسَأَلَ الْقِصَاصَ قِيلَ إنَّ الْقِصَاصَ أَنْ يُقْطَعَ مِنْ حَيْثُ قَطَعَ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ فَأَمَّا أَكْثَرُ فَلَا - فَإِنْ شِئْت أَقَدْنَاكَ مِنْ الْأُصْبُعِ وَأَعْطَيْنَاكَ أَرْشَ الْكَفِّ يُرْفَعُ مِنْهَا عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهِيَ حِصَّةُ الْأُصْبُعِ وَإِلَّا فَلَكَ دِيَةُ الْكَفِّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ قَطَعَ لَهُ أُصْبُعًا كَمَا وَصَفْت فَسَأَلَ الْقَوَدَ مِنْهَا وَقَدْ ذَهَبَتْ كَفُّهُ أَوْ لَمْ تَذْهَبْ وَسَأَلَ الْقَوَدَ مِنْ سَاعَتِهِ أَقَدْته فَإِنْ ذَهَبَتْ كَفُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ جَعَلْت عَلَى الْجَانِي أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ دِيَتِهَا؛ لِأَنِّي رَفَعْت الْخُمُسَ لِلْأُصْبُعِ الَّتِي أَقَصَصْتهَا بِهَا، فَإِنْ ذَهَبَتْ كَفُّ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ وَنَفْسُهُ لَمْ أَرْفَعْ عَنْهُ مِنْ أَرْشِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ ضَامِنٌ مَا جَنَى وَحَدَثَ مِنْهُ وَالْمُسْتَقَادَ مِنْهُ غَيْرُ مَضْمُونٍ لَهُ مَا حَدَثَ مِنْ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ بِسَبَبِ الْحَقِّ فِي الْقِصَاصِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ قَطَعَ رَجُلٌ نِصْفَ كَفِّ رَجُلٍ مِنْ الْمَفْصِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>