مِنْهُمَا جَمِيعًا مَا ضَرُّهُ لِأَنَّهُمَا إذَا جَاءَا بَعْدَ الْبَيْعِ بِيَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ تَفَرَّقَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ تَامٌّ عَلَى التَّرَاضِي حَتَّى يَنْقُضَاهُ وَلَوْ تَرَكَ وَبَرِئَ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مَا ضَرَّهُ إذَا كَتَبَ دَفَعَ وَلَوْ تَرَكَ التَّارِيخَ فِي الْبَيْعِ مَا ضَرَّهُ غَيْرَ أَنِّي لَا أُحِبُّ فِي كِتَابِ الْعُهْدَةِ شَيْئًا تَرْكُهُ احْتِيَاطًا لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي مَعًا وَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِي كِتَابِ الْعُهْدَةِ ذِكْرُ صِفَةِ الْمُشْتَرِي وَذِكْرُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُمَا ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ كُلُّ شَرْطٍ سَمَّيْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْهُ.
وَهَكَذَا يُكْتَبُ شِرَاءُ الْأَمَةِ وَسَوَاءٌ صَغِيرُ الْعَبِيدِ وَإِمَائِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ وَسَبْيِهِمْ وَمُوَلَّدِهِمْ يُوصَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجِنْسِهِ وَحِلْيَتِهِ وَيُقَالُ مَوْلِدٌ إنْ كَانَ مُوَلَّدًا وَهَكَذَا فِي شِرَاءِ الْحَيَوَانِ كُلِّهِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالْخَيْلِ عِرَابِهَا وَهُجْنِهَا وَبَرَاذِينِهَا وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَيَصِفُ الْفَرَسَ بِشِيَتِهِ وَيُقَالُ اشْتَرَى مِنْهُ فَرَسًا كُمَيْتًا أَحْمَرَ أَغَرَّ سَائِلَ الْغُرَّةِ مُحَجَّلًا إلَى الرُّكَبِ مَرْبُوعًا وَثِيقَ الْخَلْقِ نَهْدَ الْمُشَاشِ حَدِيدَ الْأَسَاطِينِ مُسْتَدِيرَ الْكِفْلِ مُشْرِقَ الْهَادِي مَحْسُومَ الْأُذُنِ رُبَاعَ جَانِبٍ وَقَارِحَ جَانِبِهِ الْآخَرِ مِنْ الْخَيْلِ الَّتِي تُعْرَفُ بِبَنِي فُلَانٍ مِنْ نِتَاجِ بَلْدَةِ كَذَا " ثُمَّ يَسُوقُ الْكِتَابَ فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْفَرَسِ وَالتَّفَرُّقِ بَعْدَ الْبَيْعِ عَنْ تَرَاضٍ كَمَا وَصَفْت فِي شِرَاءِ الْعَبِيدِ وَالْعُهْدَةُ كَمَا وَصَفْت فِي شِرَاءِ الْعَبِيدِ وَإِنْ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيرًا كَتَبَ " اشْتَرَى مِنْهُ بَعِيرًا مِنْ النَّعَمِ الَّتِي تُعْرَفُ بِبَنِي فُلَانٍ أَصْهَبَ جَسِيمًا بَازِلًا عَلَيْهِ عَلَمُ بَنِي فُلَانٍ مَوْضِعَ كَذَا وَثِيقَ الْخَلْقِ أَهْدَلَ الْمِشْفَرِ دَقِيقَ الْخَطْمِ ضَخْمَ الْهَامَةِ.
" وَإِنْ كَانَ لَهُ صِفَةٌ غَيْرُ هَذَا بُيِّنَتْ صِفَتُهُ ثُمَّ تَسُوقُ الْكِتَابَ كَمَا سُقْته فِي الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَإِنَّمَا قُلْت مِنْ النَّعَمِ الَّتِي تُعْرَفُ بِبَنِي فُلَانٍ وَلَمْ أَقُلْ مِنْ نَعَمِ بَنِي فُلَانٍ احْتِرَاسًا مِنْ تَبَاعَةِ بَنِي فُلَانٍ وَاحْتِيَاطًا عَلَى الْحَاكِمِ وَكِتَابُ كُلِّ مَا بِيعَ مِنْ الْحَيَوَانِ كَكِتَابِ الْعَبْدِ وَالْفَرَسِ وَالْبَعِيرِ فَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالْمُشْتَرِي يَقُومُ مَقَامَ الْبَائِعِ فِي النِّصْفِ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْهُ وَلَوْ طَلَبَ الَّذِي لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ الشُّفْعَةَ فِي الْعَبْدِ لَمْ أَرَ لَهُ فِيهِ شُفْعَةً فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ لَا تَجْعَلُ الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قِيَاسًا عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الْأَرَضِينَ قِيلَ لَهُ لَمَّا وَجَدْنَا الْمُسْلِمِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِي أَنْ أَكُونَ مَالِكًا مَعَك وَلَا يَكُونُ لَك إخْرَاجِي مِنْ مِلْكِي بِقِيمَةِ مِلْكِي وَلَا بِأَكْثَرَ وَلَا بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَلَا لِي ذَلِكَ عَلَيْك وَتَمُوتُ فَيَرِثُك وَلَدُك أَوْ غَيْرُهُمْ فَلَا يَكُونُ لِي إخْرَاجُهُمْ مِنْ حُقُوقِهِمْ الَّتِي مَلَكُوهَا عَنْك بِشَيْءٍ وَلَا يَكُونُ لَهُمْ إخْرَاجِي بِشَيْءٍ وَتَهَبُ نَصِيبَك فَلَا يَكُونُ إلَى إخْرَاجِ مَنْ وَهَبْت لَهُ مِنْ نَصِيبِك الَّذِي مُلِكَ عَنْك بِشَيْءٍ إلَّا بِرِضَاهُ وَقَالُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ مِلْكٍ مَلَكَهُ رَجُلٌ عَنْ آخَرَ بِغَيْرِ الشِّرَاءِ فِي كُلِّ مَا يَمْلِكُ لَمْ يَسْتَثْنُوا أَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ.
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» دَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَلَالَةً بَيِّنَةً عَلَى أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يُقْسَمُ وَلَا يُقْسَمُ شَيْءٌ بِذَرْعِ وَقِيمَةٍ وَيُحَدَّدُ الْأُصُولُ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ عَلَيْهَا فَاقْتَصَرْنَا بِالشُّفْعَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَمَا لَهُ أَرْضٌ خَاصَّةً فَكَانَ الْعَبِيدُ وَالثِّيَابُ وَكُلُّ مَا جَاوَزَ الْأَرَضِينَ وَمَا لَهُ أَرْضٌ مِنْ غِرَاسٍ وَبِنَاءٍ خَارِجًا مِنْ السُّنَّةِ فِي الشُّفْعَةِ مَرْدُودًا عَلَى الْأَصْلِ أَنَّ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا عَنْ غَيْرِهِ تَمَّ لَهُ مِلْكُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ إلَّا بِرِضَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute