للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ، وَلَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ قِيلَ لَهُ أَقِرَّ بِأَيِّ أَلْفٍ إنْ شِئْت فُلُوسًا، وَإِنْ شِئْت تَمْرًا، وَإِنْ شِئْت خُبْزًا، وَأَعْطِهِ دِرْهَمًا مَعَهَا، وَاحْلِفْ أَنَّ الْأَلْفَ الَّتِي أَقْرَرْت لَهُ بِهَا هِيَ هَذِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ، وَفَصُّهُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ هَذَا الْخَاتَمُ إلَّا فَصَّهُ لِفُلَانٍ أَوْ لِفُلَانٍ فَالْخَاتَمُ لِفُلَانٍ، وَالْفَصُّ لَهُ أَوْ لِفُلَانٍ، وَلَوْ أَوْصَى فَقَالَ خَاتَمِي هَذَا لِفُلَانٍ، وَفَصُّهُ لِفُلَانٍ كَانَ لِفُلَانٍ الْخَاتَمُ، وَلِفُلَانٍ الْمُوصَى لَهُ الْفَصُّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفَصَّ يَتَمَيَّزُ مِنْ الْخَاتَمِ حَتَّى يَكُونَ ثَمَّ اسْمُ خَاتَمٍ لَا فَصَّ فِيهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُ رَجُلٍ، وَلَا امْرَأَةٍ حَتَّى يَكُونَا بَالِغَيْنِ رَشِيدَيْنِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا وَمَنْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْعَبْدِ الْبَالِغِ يُؤْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ الْعَبْدُ إنَّمَا لَا تَجُوزُ تِجَارَتُهُ لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا أَذِنَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ جَازَ شِرَاؤُهُ، وَبَيْعُهُ، وَإِقْرَارُهُ فِي الْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَغَيْرُ الْبَالِغِ مِنْ الرِّجَالِ، وَالنِّسَاءِ إذَا كَانَ مَالِكًا لِمَالٍ، وَكَانَ فِي حُكْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ، وَأَنْ يُوَلَّى عَلَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ حُلُمًا وَرُشْدًا لَمْ يَكُنْ لِلْآدَمِيِّينَ أَنْ يُطْلِقُوا ذَلِكَ عَنْهُ، وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ بِإِذْنِهِمْ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ حُرٌّ مَالِكٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا لَمْ يَجُزْ إقْرَارُ غَيْرِ الْبَالِغِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا، وَلَا خَطَأً، وَإِقْرَارُهُ فِي التِّجَارَةِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَالْعَبْدُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْقَتْلِ، وَالْحَدِّ، وَالْقَطْعِ فَهُوَ مُفَارِقٌ لَهُ بِخِلَافِهِ لَهُ، وَلُزُومِ حُدُودِهِ لَهُ، وَلَا حَدَّ عَلَى غَيْرِ بَالِغٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِجِنَايَةٍ خَطَأً لَمْ يَلْزَمْ مَوْلَاهُ مِنْ إقْرَارِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالْعَارِيَّةُ كُلُّهَا مَضْمُونَةٌ الدَّوَابُّ، وَالرَّقِيقُ، وَالدُّورُ، وَالثِّيَابُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَيْءٍ مِنْهَا فَمَنْ اسْتَعَارَ شَيْئًا فَتَلِفَ فِي يَدِهِ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَالْأَشْيَاءُ لَا تَخْلُو أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً أَوْ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَمَا كَانَ مِنْهَا مَضْمُونًا مِثْلَ الْغَصْبِ، وَمَا أَشْبَهَهُ فَسَوَاءٌ مَا ظَهَرَ هَلَاكُهُ أَوْ خَفِيَ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ، وَالْمُسْتَسْلِفِ جَنَيَا فِيهِ أَوْ لَمْ يَجْنِيَا أَوْ غَيْرَ مَضْمُونٍ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ فَسَوَاءٌ مَا ظَهَرَ هَلَاكُهُ، وَمَا خَفِيَ، وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمُسْتَوْدَعِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا يَضْمَنُ مِنْهَا شَيْئًا إلَّا مَا فَرَّطَ فِيهِ أَوْ تَعَدَّى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَقَدْ خَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِي الْعَارِيَّةِ فَقَالَ لَا يَضْمَنُ مِنْهَا شَيْئًا إلَّا مَا تَعَدَّى فِيهِ فَسُئِلَ مِنْ أَيْنَ قَالَهُ؟ فَزَعَمَ أَنَّ شُرَيْحًا قَالَهُ فَقِيلَ لَهُ قَدْ تُخَالِفُ شُرَيْحًا حَيْثُ لَا مُخَالِفَ لَهُ قَالَ فَمَا حُجَّتُكُمْ فِي تَضْمِينِهَا؟ قُلْنَا «اسْتَعَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ صَفْوَانَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَارِيَّةٌ مَضْمُونَةٌ مُؤَدَّاةٌ» قَالَ أَفَرَأَيْت لَوْ قُلْنَا فَإِنْ شَرَطَ الْمُسْتَعِيرُ الضَّمَانَ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرُطْهُ لَمْ يَضْمَنْ؟ قُلْنَا فَأَنْتَ إذَا تَتْرُكُ قَوْلَك قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْنَا أَلَيْسَ قَوْلُك إنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ؟ قَالَ بَلَى قُلْنَا فَمَا تَقُولُ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا اشْتَرَطَ الْمُسْتَوْدِعُ أَنَّهُ ضَامِنٌ أَوْ الْمُضَارِبُ أَنَّهُ ضَامِنٌ؟ قَالَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُلْنَا فَمَا تَقُولُ فِي الْمُسْتَسْلِفِ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ غَيْرُ ضَامِنٍ قَالَ لَا شَرْطَ لَهُ، وَيَكُونُ ضَامِنًا قُلْنَا، وَتُرَدُّ الْأَمَانَةُ إلَى أَصْلِهَا، وَالْمَضْمُونُ إلَى أَصْلِهِ، وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ فِيهِمَا جَمِيعًا؟ قَالَ نَعَمْ قُلْنَا، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي لَك أَنْ تَقُولَ فِي الْعَارِيَّةِ، وَبِذَلِكَ شَرَطَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ، وَلَا يَشْتَرِطُ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ إلَّا لِمَا يَلْزَمُ قَالَ فَلِمَ شَرَطَ؟ قُلْنَا لِجَهَالَةِ الْمَشْرُوطِ لَهُ كَانَ مُشْرِكًا لَا يَعْرِفُ الْحُكْمَ، وَلَوْ عَرَفَهُ مَا ضَرُّ الشَّرْطِ لَهُ إذَا كَانَ أَصْلُ الْعَارِيَّةِ أَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِلَا شَرْطٍ كَمَا لَا يَضُرُّ شَرْطُ الْعُهْدَةِ، وَخَلَاصُ عَبْدِك فِي الْبَيْعِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ كَانَ عَلَيْك الْعُهْدَةُ، وَالْخَلَاصُ أَوْ الرَّدُّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَقَالَ: وَهَلْ قَالَ هَذَا أَحَدٌ؟ قُلْنَا فِي هَذَا كِفَايَةٌ، وَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>