للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيِّنَةَ عَلَى عَدَدِ وَرَثَتِهِ ثُمَّ قَضَيْنَا بِهَا لَهُمْ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ فَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ، وَلَمْ يَأْتِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى عَدَدِ وَرَثَتِهِ وَقَفْنَاهَا، وَعَرَفْنَا غَلَّتَهَا حَتَّى تَعْرِفَ وَرَثَتُهُ فَإِنْ ادَّعَوْهَا دَفَعْنَاهَا إلَيْهِمْ وَغَلَّتَهَا فَإِنْ ادَّعَاهَا بَعْضُهُمْ، وَكَذَّبَ بَعْضُهُمْ الشُّهُودَ رَدَدْنَا حِصَّةَ مَنْ أَكْذَبَ الشُّهُودَ مِنْ الدَّارِ وَالْغَلَّةِ، وَأَنْفَذْنَا حِصَّةَ مَنْ ادَّعَى

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَالَ رَجُلٌ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَهُوَ ابْنُ الْفَاعِلَةِ فَبِئْسَ مَا قَالَ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ جَامِعًا يُصَلِّي فِيهِ انْبَغَى أَنْ يُعَزَّرَ، وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ حَدِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ بِفِرْيَةٍ، وَأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ مَنْ لَهُ حَدُّ فِرْيَةٍ، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ مَنْ رَمَانِي بِحَجَرٍ أَوْ شَتَمَنِي أَوْ أَعْطَانِي دِرْهَمًا أَوْ أَعَانَنِي فَهُوَ ابْنُ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَكُنْ فِي هَذَا حَدٌّ، وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ فَعَلَ بِي مِنْ قَبْلِ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ، وَهَذَا قِيَاسٌ عَلَى الْعِتْقِ قَبْلَ الْمِلْكِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ أُصِيبَ رَجُلٌ بِرَمْيَةٍ فَشَجَّهُ مُوضِحَةً فَقَالَ مَنْ رَمَانِي فَهُوَ ابْنُ كَذَا لِفِرْيَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا رَمَيْتُك صُدِّقَ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَ عَلَيْهِ أَرْشُ الشَّجَّةِ أَوْ الْقِصَاصُ فِيهَا إنْ كَانَ عَمْدًا أَوْ الْأَرْشُ إنْ كَانَ خَطَأً، وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى الَّذِي افْتَرَى عَلَيْهِ إنْ قَالَ الْمُفْتَرِي الْمَشْجُوجُ مَا قَصَدْت قَصْدَ هَذَا بِفِرْيَةٍ، وَلَا عَلِمْته رَمَانِي، وَإِذَا أَقَرَّ لِي بِأَنَّهُ شَجَّنِي فَأَنَا آخُذُ مِنْهُ أَرْشَ شَجَّتِي، وَإِنْ قَالَ قَدْ عَلِمْت حِينَ رَمَانِي أَنَّهُ رَمَانِي فَافْتَرَيْت عَلَيْهِ بَعْدَ الْعِلْمِ لَمْ آخُذْ مِنْهُ حَقَّهُ فِي الشَّجَّةِ، وَلَا حَدَّ لَهُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لِمَ لَا تَحُدُّهُ وَقَدْ كَانَ الْكَلَامُ بَعْدَمَا كَانَ الْفِعْلُ؟ قِيلَ إنَّ الْكَلَامَ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ بِهِ الْقَذْفُ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} فَكَانَ بَيِّنًا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِجَلْدِهِ ثَمَانِينَ هُوَ مَنْ قَصَدَ قَصْدَ مُحْصَنَةٍ بِقَذْفٍ لَا مَنْ وَقَعَ قَذْفُهُ عَلَى مُحْصَنَةٍ بِحَالٍ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ يُحَدُّ مَنْ كَانَ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَ الْقَذْفِ إذَا وَقَعَ الْقَذْفُ بِمِثْلِ مَا تَقَعُ بِهِ الْأَيْمَانُ فَقَالَ قَائِلٌ إنْ كَانَ خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ الْكُوفَةِ ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْهَا السَّاعَةَ فَهُوَ ابْنُ كَذَا فَقَدِمَ تِلْكَ السَّاعَةَ رَجُلٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْقَذْفَ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْكُوفَةِ، وَكَانَ الْقُدُومُ بَعْدَهُ، وَالْقُدُومُ لَا يَكُونُ إلَّا وَالْخُرُوجُ مُتَقَدِّمٌ لَهُ قَبْلَ الْكَلَامِ بِالْقَذْفِ، وَهَذَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَقْدَمَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَصْدَهُ بِقَذْفٍ، وَلَوْ كَانَ الْحَدُّ يَقَعُ بِمَا تَقَعُ بِهِ الْأَيْمَانُ كَانَ الرَّجُلُ لَوْ قَالَ: غُلَامِي حُرٌّ إنْ ضَرَبَنِي أَوْ إنْ أَطَاعَنِي أَوْ إنْ عَصَانِي فَفَعَلَ مِنْ هَذَا شَيْئًا كَانَ حُرًّا، وَلَوْ قَالَ مَنْ ضَرَبَنِي فَهُوَ ابْنُ كَذَا فَضَرَبَهُ رَجُلٌ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدٌّ، وَلَا يَجُوزُ فِيهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ إلَّا مَا قُلْت مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ قَصَدَ قَصْدَ أَحَدٍ بِالْفِرْيَةِ أَوْ يَكُونُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ وَقَعَتْ فِرْيَتُهُ بِحَالٍ كَمَا تَقَعُ الْأَيْمَانُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ الرِّجَالِ وَلَا مُنْفَرِدَاتٍ إلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ أَنْ يَشْهَدْنَ عَلَى مَالٍ لَا غَيْرِهِ مَعَ رَجُلٍ أَوْ يَشْهَدْنَ عَلَى مَا يَغِيبُ مِنْ أَمْرِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ فَإِنْ شَهِدَتْ امْرَأَتَانِ مَعَ رَجُلٍ أَنَّهُمَا سَمِعَتَا فُلَانًا يُقِرُّ بِأَنَّ هَذَا ابْنُهُ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُنَّ لِأَنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ مَالٌ إلَّا وَقَدْ تَقَدَّمَهُ ثُبُوتُ نَسَبٍ، وَلَيْسَ تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْأَنْسَابِ، وَلَا فِي مَوْضِعٍ إلَّا حَيْثُ ذَكَرْت، وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ النَّسَبُ لَمْ نُعْطِهِ الْمَالَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَقَامَ الرَّجُلُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ الَّتِي فِي يَدَيْ هَذَا الرَّجُلِ دَارُ أَبِيهِ مَاتَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا غَيْرَ أَنَّا لَا نَعْرِفُ كَمْ عَدَدُ وَرَثَتِهِ، وَنَشْهَدُ أَنَّ هَذَا أَحَدُهُمْ قَضَيْنَا بِهَا لِلْمَيِّتِ عَلَى الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّا نَقْضِي لِلْمَيِّتِ بِمَحْضَرِ الْوَارِثِ الْوَاحِدِ، وَنَقِفُ حَقَّ الْغَيْبِ حَتَّى يَأْتُوا أَوْ يُوَكِّلُوا أَوْ يَمُوتُوا فَتَقُومَ وَرَثَتُهُمْ مَقَامَهُمْ، وَنَقِفُ هَذِهِ الدَّارَ وَنَسْتَغِلُّهَا، وَلَا نَقْضِي لِهَذَا الْحَاضِرِ مِنْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَحِصَّتُهُ مِنْهَا الْكُلُّ أَوْ النِّصْفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>