للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ كَانَ لَهُ الْكُلُّ فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَنْ عَمَدَ أَنْ أَعْطَى أَحَدَهُمَا مَا لَيْسَ لَهُ، وَنَقَصَ أَحَدَهُمَا مِمَّا لَهُ فَإِنْ قَالَ قَدْ يَدْخُلُ عَلَيْك فِي الْقُرْعَةِ أَنْ تُعْطِيَ أَحَدَهُمَا الْكُلَّ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ لَهُ؟ قِيلَ فَأَنَا لَمْ أَقْصِدْ قَصْدَ أَنْ أُعْطِيَ أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ إنَّمَا قَصَدْت قَصْدَ الِاجْتِهَادِ فِي أَنْ أُعْطِيَ الْحَقَّ مَنْ هُوَ لَهُ وَأَمْنَعَهُ مَنْ لَيْسَ لَهُ كَمَا أَقْصِدُ قَصْدَ الِاجْتِهَادِ فِيمَا أَشْكَلَ مِنْ الرَّأْيِ فَأُعْطِيَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ الْحَقَّ كُلَّهُ، وَأَمْنَعَهُ الْآخَرَ عَلَى غَيْرِ إحَاطَةٍ مِنْ الصَّوَابِ، وَيَكُونُ الْخَطَأُ عَنِّي مَرْفُوعًا فِي الِاجْتِهَادِ، وَلَا أَكُونُ مُخْطِئًا بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يَجُوزُ لِي عَمْدُ الْبَاطِلِ بِكُلِّ حَالٍ إذَا كُنْت آتِيهِ، وَأَنَا أَعْرِفُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ، وَأَنَا فِيهِ وَاقِفٌ ثُمَّ قَالَ لَا نُعْطِي وَاحِدًا مِنْهُمَا شَيْئًا يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا (قَالَ الرَّبِيعُ) هُوَ آخِرُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ أَصْوَبُهُمَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا تَصَدَّقَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ بِدَارٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ نَحَلَهُ إيَّاهَا فَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ، وَلَا الْمَوْهُوبَةُ لَهُ، وَلَا الْمَنْحُولُ فَهَذَا كُلُّهُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ، وَلِمَالِكِ الدَّارِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا وَالْوَاهِبِ وَالنَّاحِلِ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَعْطَى قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُعْطَى، وَلَا يَتِمُّ شَيْءٌ مِنْ هَذَا إلَّا بِقَوْلِ النَّاحِلِ وَقَبْضِ الْمَنْحُولِ بِأَمْرِ النَّاحِلِ، وَإِنْ مَاتَ الْمَنْحُولُ قَبْلَ الْقَبْضِ قِيلَ لِلنَّاحِلِ أَنْتَ أَحَقُّ بِمَالِك حَتَّى يَخْرُجَ مِنْك فَإِذَا مَاتَ الْمَنْحُولُ فَأَنْتَ عَلَى مِلْكِك، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَسْتَأْنِفَ فِيهِ عَطَاءً جَدِيدًا فَافْعَلْ، وَإِنْ شِئْت أَنْ تَحْبِسَهُ فَاحْبِسْ، وَهَكَذَا كُلُّ مَا أَعْطَى آدَمِيٌّ آدَمِيًّا عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ إلَّا مَا إذَا أَعْطَاهُ الْمَالِكُ لَمْ يَحِلَّ لِلْمَالِكِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ مِنْ الْكَلَامِ أَنْ يَحْبِسَهُ قَبَضَهُ الْمُعْطَى أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ رَدَّهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَمَا هَذَا؟ قِيلَ إذَا أَعْتَقَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَمْلِكَهُ، وَلَوْ رَدَّ ذَلِكَ الْعَبْدُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَبَسَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ الشَّيْءَ وَجَعَلَهُ مُحَرَّمًا لَا يُبَاعُ، وَلَا يُوهَبُ فَقَدْ أَخْرَجَهُ مِنْ مِلْكِهِ خُرُوجًا لَا يَحِلُّ أَنْ يَعُودَ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكُهُ فَلَمَّا كَانَ لَا يَمْلِكُهُ بِرَدِّ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ وَلَا شِرَاءَ، وَلَا مِيرَاثَ كَانَ مِنْ الْعَطَايَا الَّتِي قَطَعَ عَنْهَا الْمَالِكُ مِلْكَهُ قَطْعَ الْأَبَدِ؟ فَلَا يُحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ مَقْبُوضًا، وَسَوَاءٌ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ فَهُوَ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْحَبْسُ يَتِمُّ بِالْكَلَامِ دُونَ الْقَبْضِ، وَقَدْ كَتَبْنَا هَذَا فِي كِتَابِ الْحَبْسِ وَبَيَّنَّاهُ

وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ فَقَبَضَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ عَدَا عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَتَلَهُ فَقَضَى عَلَيْهِ بِعَقْلٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ لَمْ يَقْضِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الْجَارِيَةَ وَقِيمَةَ وَلَدِهَا حِينَ سَقَطَ، وَلَا يَبْطُلُ الْقِصَاصُ إنْ كَانَ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ، وَإِذَا كَانَتْ دِيَةٌ كَانَتْ لِأَبِيهِ قَبَضَهَا أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ، وَلَمَّا صَارَتْ لِأَبِيهِ، وَالْوَلَدُ مِنْ الْجَارِيَةِ، وَهُوَ لِلْمُسْتَحِقِّ؟ قِيلَ لَهُ إنَّ الْوَلَدَ لَمَّا دَخَلَ فِي الْغُرُورِ زَايَلَ حُكْمَ الْجَارِيَةِ بِأَنَّهَا تُسْتَرَقُّ، وَلَا يُسْتَرَقُّ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِ الرِّقُّ لَمْ يَكُنْ حُكْمُهُ إلَّا حُكْمَ حُرٍّ، وَإِنَّمَا يَرِثُ الْحُرَّ وَارِثُهُ، وَكَانَ سَبِيلُ رَبِّ الْجَارِيَةِ بِأَنَّ الْعِتْقَ كَانَ حُكْمَ وَلَدِهَا أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا كَانَ لَهُ حُكْمٌ كَمَا كَانَ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْفَائِتِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَلَكَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَذَا قَدْ يَكُونُ غَيْرَ فَائِتٍ، وَأَنْتَ لَا تَرِقُّهُ قِيلَ لَمَّا كَانَ الْأَثَرُ بِمَا وَصَفْنَا، وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْقِيَاسِ أَنْ لَا يَجْرِيَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ قِيلَ حُكْمُهُمْ فِيهِ حُكْمُهُمْ فِي الْفَائِتِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَائِتٍ، وَإِنْ اقْتَصَّ الْأَبُ مِنْ قَاتِلِ الِابْنِ قَبْلَ أَنْ تُسْتَحَقَّ الْأَمَةُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَمَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ جَاءَ مُسْتَحِقُّ الْأَمَةِ قَبْلَ الْقِصَاصِ فَلِلْأَبِ أَنْ يَقْتَصَّ، وَيَرُدَّ الْقِيمَةَ، وَلَا سَبِيلَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ إلَّا عَلَى قِيمَةِ الِابْنِ، وَلِأَبِي الِابْنِ السَّبِيلُ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ كَمَا لَهُ السَّبِيلُ فِي وَلَدِ الْحُرَّةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا ضَرَبَ الرَّجُلُ بَطْنَ الْأَمَةِ الَّتِي غَرَّ بِهَا الْحُرَّ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا فَمَنْ قَالَ جَنِينُ الرَّجُلِ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ كَجَنِينِ

<<  <  ج: ص:  >  >>