للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا سِوَى هَذَا عِنْدَك وَإِنْ عَظُمَ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ وَتُحَلِّفُنَا وَتُغْرِمُنَا فَكَيْفَ جَازَ هَذَا لَك؟ قَالَ رَوَيْتُ هَذَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قُلْت فَقَالُوا لَك فَإِذَا رَوَيْتَ أَنْتَ الشَّيْءَ عَنْ عُمَرَ أَلَا تَتَّهِمَ الْمُخْبِرِينَ عَنْهُ وَتَتْرُكُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْكِتَابِ يُخَالِفُهُ وَالسُّنَّةِ وَمَا جَاءَ عَنْهُ؟ قَالَ لَا يَجُوزُ لِي أَنْ أَزْعُمَ أَنَّ الْكِتَابَ وَلَا السُّنَّةَ وَلَا قَوْله يُخَالِفُهُ وَلَكِنِّي أَقُولُ الْكِتَابُ عَلَى خَاصٍّ وَالسُّنَّةُ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ قُلْت فَإِنْ قِيلَ: إنَّهُ غَلِطَ مَنْ رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ؛ لِأَنَّ عُمَرَ لَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَقَوْلُهُ هُوَ نَفْسُهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَ لَا يَجُوزُ أَنْ أَتَّهِمَ مَنْ أَثِقُ بِهِ وَلَكِنِّي أَقُولُ إنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ.

وَقَوْلَ عُمَرَ عَلَى خَاصٍّ وَهَذَا كَمَا جَاءَ فِيمَا جَاءَ فِيهِ وَأَسْتَعْمِلُ الْأَخْبَارَ إذَا وَجَدْت إلَى اسْتِعْمَالِهَا سَبِيلًا وَلَا أُبْطِلُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ قُلْت فَلِمَ إذَا قُلْنَا بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ زَعَمْت أَنَّ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ عَامٌّ، ثُمَّ قُلْت الْآنَ خَاصٌّ وَلَمْ تُجِزْ لَنَا مَا أَجَزْت لِنَفْسِك؟ وَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ قَالَ لَك أَهَذَا الْحَدِيثُ ثَابِتٌ عَنْ عُمَرَ؟ قَالَ نَعَمْ هُوَ ثَابِتٌ فَقُلْت فَقَالَ لَك فَقُلْت بِهِ عَلَى مَا قَضَى بِهِ عُمَرُ وَلَمْ تَلْتَفِتْ إلَى شَيْءٍ إنْ خَالَفَهُ فِي أَصْلِ الْجُمْلَةِ وَقَلَّدْت عُمَرَ فِيهِ؟ قَالَ نَعَمْ وَهُوَ ثَابِتٌ فَقُلْت لَهُ فَقَالَ لَك خَالَفْت الْحَدِيثَ عَنْ عُمَرَ فِيهِ قَالَ وَأَيْنَ؟ قُلْت أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَتَبَ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ بَيْنَ خَيْرَانِ وَوَدَاعَةَ أَنْ يُقَاسَ مَا بَيْنَ الْقَرْيَتَيْنِ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ أَقْرَبَ أُخْرِجَ إلَيْهِ مِنْهَا خَمْسُونَ رَجُلًا حَتَّى يُوَافُوهُ بِمَكَّةَ، فَأَدْخَلَهُمْ الْحِجْرَ فَأَحْلَفَهُمْ، ثُمَّ قَضَى عَلَيْهِمْ بِالدِّيَةِ فَقَالُوا مَا وَقَتْ أَمْوَالَنَا أَيْمَانُنَا وَلَا أَيْمَانُنَا أَمْوَالَنَا فَقَالَ عُمَرُ كَذَلِكَ الْأَمْرُ وَقَالَ غَيْرُ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ قَالَ عُمَرُ حَقَنْتُمْ بِأَيْمَانِكُمْ دِمَاءَكُمْ وَلَا يَبْطُلُ دَمُ مُسْلِمٍ قَالَ وَهَكَذَا الْحَدِيثُ قُلْنَا أَفَلِلْحَاكِمِ الْيَوْمَ أَنْ يَرْفَعَ قَوْمًا مِنْ مَسِيرَةِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَعِنْدَهُمْ حَاكِمٌ يَجُوزُ حُكْمُهُ؟ قَالَ لَا وَلَا مِنْ مَسِيرَةِ ثَلَاثٍ قُلْنَا فَقَدْ رَفَعَهُمْ عُمَرُ مِنْ مَسِيرَةِ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَعِنْدَهُمْ حُكَّامٌ تَجُوزُ أَحْكَامُهُمْ هُمْ أَقْرَبُ إلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ قُلْنَا أَفَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَكْتُبَ إلَى الْحَاكِمِ يُخْرِجُ خَمْسِينَ رَجُلًا، أَوْ إنَّمَا ذَلِكَ إلَى وَلِيِّ الدَّمِ يَخْتَارُ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا؟ قَالَ، بَلْ إلَى وَلِيِّ الدَّمِ قُلْنَا فَعُمَرُ إنَّمَا كَتَبَ إلَى الْحَاكِمِ بِرَفْعِ خَمْسِينَ فَرَفَعَهُمْ زَعَمْت وَلَمْ يَجْعَلْ رَفْعَهُمْ إلَى وَلِيِّ الدَّمِ وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِتَخَيُّرِهِمْ فَيَرْفَعهُمْ الْحَاكِمُ بِاخْتِيَارِ الْوَلِيِّ قُلْنَا، أَوْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُحَلِّفَهُمْ فِي الْحِجْرِ؟ قَالَ لَا وَيُحَلِّفُهُمْ حَيْثُ يَحْكُمُ قُلْنَا فَعُمَرُ لَا يَحْكُمُ فِي الْحِجْرِ، وَقَدْ أَحَلَفَهُمْ فِيهِ قُلْنَا، أَوْ لِلْحَاكِمِ لَوْ لَمْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقْتُلَهُمْ؟ قَالَ لَا قُلْنَا فَعُمَرُ يُخْبِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا حَقَنُوا دِمَاءَهُمْ بِأَيْمَانِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقْتُلُهُمْ لَوْ لَمْ يَحْلِفُوا فَهَذِهِ أَحْكَامٌ أَرْبَعَةٌ تُخَالِفُ فِيهَا عُمَرُ لَا مُخَالِفَ لِعُمَرَ فِيهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ عَلِمْته خَالَفَهُ فِيهَا وَتُقْبَلُ عَنْهُ حُكْمًا يُخَالِفُ بَعْضَ حُكْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْعَلْ عَلَى يَهُودَ دِيَةً، وَقَدْ وُجِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ بَيْنَهُمْ» أَفَتَأْخُذُ بِبَعْضِ مَا رَوَيْت عَنْ عُمَرَ وَلَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَالِفٌ وَتَتْرُكُ مَا رَوَيْت عَنْهُ مِمَّا لَا مُخَالِفَ لَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَرْبَعَةُ أَحْكَامٍ. فَأَيُّ جَهْلٍ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِك هَذَا؟ قَالَ أَفَثَابِتٌ هُوَ عِنْدَك؟ قُلْت لَا إنَّمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ، وَالْحَارِثُ الْأَعْوَرُ مَجْهُولٌ وَنَحْنُ نَرْوِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْإِسْنَادِ الثَّابِتِ أَنَّهُ بَدَأَ الْمُدَّعِينَ فَلَمَّا لَمْ يَحْلِفُوا قَالَ أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا فَإِذَا قَالَ أَفَتُبَرِّئُكُمْ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ غَرَامَةٌ وَلَمَّا لَمْ يَقْبَلْ الْأَنْصَارِيُّونَ أَيْمَانَهُمْ وَدَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَجْعَلْ عَلَى الْيَهُودِ، وَالْقَتِيلُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ شَيْئًا وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ بَدَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، ثُمَّ رَدُّوا الْأَيْمَانَ عَلَى الْمُدَّعِينَ وَهَذَانِ جَمِيعًا يُخَالِفَانِ مَا رَوَيْتُمْ عَنْهُ وَقُلْت لَهُ إذْ زَعَمْت أَنَّ الْكِتَابَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُقْبَلَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَأَنَّ السُّنَّةَ تَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا يُعْطَى أَحَدٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَمَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ مَا وَلَدْت هَذَا الْوَلَدَ مِنِّي وَإِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>