نُعْطِك بِهَا شَيْئًا، وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَبَرِئَ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَنَكَلَ الْمُدَّعِي فَأَبْطَلْنَا يَمِينَهُ، ثُمَّ جَاءَ بِشَاهِدَيْنِ أَخَذْنَا لَهُ بِحَقِّهِ، وَالْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَحَقُّ مِنْ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا لَا يَأْخُذُ لَهُ بِالشُّهُودِ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَقُولُ قَدْ مَضَى الْحُكْمُ بِإِبْطَالِ الْحَقِّ عَنْهُ فَلَا آخُذُهُ بَعْدَ أَنْ بَطَلَ، وَلَوْ أَبَى الْمُدَّعِي الْيَمِينَ، فَأَبْطَلْت أَنْ أُعْطِيه بِيَمِينِهِ، ثُمَّ جَاءَ بِشَاهِدٍ فَقَالَ أَحْلِفُ مَعَهُ لَمْ أَرَ أَنْ يَحْلِفَ لِأَنِّي قَدْ حَكَمْت أَنْ لَا يَحْلِفَ فِي هَذَا الْحَقِّ، وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فَقُلْت لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ، فَأَبَى وَرَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَقُلْت لِلْمُدَّعِي احْلِفْ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، بَلْ أَنَا أَحْلِفُ لَمْ أَجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ لِأَنِّي قَدْ أَبْطَلْت أَنْ يَحْلِفَ وَحَوَّلْت الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَبْطَلْت حَقَّهُ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَوْ تَدَاعَى رَجُلَانِ شَيْئًا فِي أَيْدِيهِمَا، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي كُلَّهُ أَحَلَفْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فَإِنْ حَلَفَا مَعًا فَالشَّيْءُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ كَمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَأَبَى الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ قِيلَ: لِلْحَالِفِ إنَّمَا أَحَلَفْنَاك عَلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِك فَلَمَّا حَلَفْت جَعَلْنَاهُ لَك وَقَطَعْنَا دَعْوَى الْمُدَّعِي عَلَيْك وَأَنْتَ تَدَّعِي نِصْفًا فِي يَدِهِ، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ فَاحْلِفْ أَنَّهُ لَك كَمَا ادَّعَيْت فَإِنْ حَلَفَ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ أَبَى فَهُوَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَلَوْ كَانَتْ دَارٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهَا دَارُهُ يَمْلِكُهَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْمِلْكِ وَسَأَلَ يَمِينَ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ، أَوْ سَأَلَ أَنْ تَكُونَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ مَا اشْتَرَيْتهَا وَمَا وَهَبْت لِي فَإِنْ أَبَى ذَلِكَ الَّذِي الدَّارُ فِي يَدَيْهِ أَحَلَفْنَاهُ بِاَللَّهِ كَمَا يَحْلِفُ مَا لِهَذَا الْمُدَّعِي يُسَمِّيه بِاسْمِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ بِمِلْكٍ وَلَا غَيْرِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا، ثُمَّ تَخْرُجُ مِنْ يَدَيْهِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ فَتَخْرُجُ أَيْضًا مِنْ يَدَيْهِ وَتُوهَبُ لَهُ وَلَا يَقْبِضُهَا فَإِذَا أَحَلَفْنَاهُ كَمَا وَصَفْت فَقَدْ احْتَطْنَا لَهُ وَعَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَخَالَفَنَا فِي رَدِّ الْيَمِينِ بَعْضُ النَّاسِ وَقَالَ مِنْ أَيْنَ أَخَذْتُمُوهَا؟ فَحَكَيْت لَهُ مَا كَتَبْت مِنْ السُّنَّةِ، وَالْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِمَّا كَتَبْت وَقُلْت لَهُ كَيْفَ لَمْ تَصِرْ إلَى الْقَوْلِ بِهَا مَعَ ثُبُوتِ الْحُجَجِ عَلَيْك فِيهَا؟ قَالَ فَإِنِّي إنَّمَا رَدَدْتهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «الْبَيِّنَةُ عَلَى مَنْ ادَّعَى، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» وَقَالَهُ عُمَرُ فَقُلْت لَهُ وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَهُوَ عَلَى خَاصٍّ فِيمَا بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ فَإِنْ كَانَتْ بَيِّنَةٌ أُعْطَى بِهَا الْمُدَّعِي، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ أَحْلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِيمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أُخِذَ مِنْهُ الْحَقَّ قَالَ فَإِنِّي أَقُولُ هَذَا عَامٌّ وَلَا أُعْطِي مُدَّعِيًا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا أُبَرِّئُ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ يَمِينٍ فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ لَزِمَهُ مَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَلَفَ بَرِئَ فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت مَوْلًى لِي وَجَدْته قَتِيلًا فِي مَحَلَّةٍ فَحَضَرْتُك أَنَا وَأَهْلُ الْمَحَلَّةِ فَقَالُوا لَك أَيَدَّعِي هَذَا بِبَيِّنَةٍ؟ فَقُلْت لَا بَيِّنَةَ لِي فَقُلْت فَاحْلِفُوا وَاغْرَمُوا فَقَالُوا لَك قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَهَذَا لَا يَدَّعِي عَلَيْنَا قَالَ كَأَنَّكُمْ مُدَّعًى عَلَيْكُمْ قُلْنَا وَقَالُوا فَإِذَا حَكَمْت بِكَأَنَّ وَكَأَنَّ مِمَّا لَا يَجُوزُ عِنْدَك هِيَ فِيمَا كَأَنَّ فِيهِ لَيْسَ كَانَ أَفَعَلَيْنَا كُلُّنَا، أَوْ عَلَى بَعْضِنَا؟ قَالَ، بَلْ عَلَى كُلِّكُمْ قُلْت فَقَالُوا، فَأَحْلِفْ كُلَّنَا وَإِلَّا، فَأَنْتَ تَظْلِمُهُ إذَا اقْتَصَرْت بِالْأَيْمَانِ عَلَى الْخَمْسِينَ وَهُوَ يَدَّعِي عَلَى مِائَةٍ وَأَكْثَرَ وَهُوَ عِنْدَك لَوْ ادَّعَى دِرْهَمًا عَلَى مِائَةٍ أَحَلَفْتهمْ كُلَّهُمْ وَظَلَمْتنَا إذْ أَحَلَفْتنَا فَلَمْ تُبَرِّئْنَا، وَالْيَمِينُ عِنْدَك مَوْضِعُ بَرَاءَةٍ، وَإِذَا أَعْطَيْته بِلَا بَيِّنَةٍ فَخَرَجْت مِنْ جَمِيعِ مَا احْتَجَجْت بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ خَاصَّةً قُلْت فَإِنْ كَانَ عَنْ عُمَرَ خَاصًّا فَلَا نُبْطِلُهُ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ عُمَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute