للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُحَدَّ وَلَمْ يُحَدُّوا، وَلَوْ قَالُوا زَنَى بِهَذِهِ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ لَمْ يُثْبِتُوا حُدُّوا بِالْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُمْ قَذَفَةٌ لَمْ يَخْرُجُوا بِالشَّهَادَةِ

(قَالَ): وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى السَّارِقِ بِالسَّرِقَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ أَنْ يُلَقِّنَهُ الْحُجَّةَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَحَدَ قُطِعَ وَلَكِنْ لَوْ اُدُّعِيَتْ عَلَيْهِ السَّرِقَةَ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَهَالَةِ بِالْحَدِّ إمَّا بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بِحَضْرَةِ سَرِقَتِهِ جَاءَ مِنْ بِلَادِ حَرْبٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جَافِيًا بِبَادِيَةِ أَهْلِ جَفَاءٍ لَمْ أَرَ بَأْسًا بِأَنْ يُعَرِّضَ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَعَلَّهُ لَمْ يَسْرِقْ، فَأَمَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ اجْحَدْ فَلَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى سَرِقَةٍ فَاخْتَلَفَا فِي الشَّهَادَةِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ كَبْشًا لِفُلَانٍ وَقَالَ الْآخَرُ، بَلْ سَرَقَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ شَهِدَا بِالرُّؤْيَةِ مَعًا وَقَالَا مَعًا سَرَقَهُ مِنْ هَذَا الْبَيْتِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا بُكْرَةً وَقَالَ الْآخَرُ عَشِيَّةً، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ الْكَبْشَ وَهُوَ أَبْيَضُ وَقَالَ الْآخَرُ سَرَقَهُ وَهُوَ أَسْوَدُ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ الَّذِي سُرِقَ أَقْرَنَ وَقَالَ الْآخَرُ أَجَمَّ غَيْرَ أَقْرَنَ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا كَانَ كَبْشًا وَقَالَ الْآخَرُ كَانَ نَعْجَةً فَهَذَا اخْتِلَافٌ لَا يُقْطَعُ بِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ يَجِبُ فِي مِثْلِهِ الْقَطْعُ وَيُقَالُ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ يُكَذِّبُ صَاحِبَهُ فَادَّعِ شَهَادَةَ أَيِّهِمَا شِئْت وَاحْلِفْ مَعَ شَاهِدِك فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا سَرَقَ كَبْشًا وَوَصَفَهُ بُكْرَةً وَقَالَ الْآخَرُ سَرَقَ كَبْشًا وَوَصَفَهُ عَشِيَّةً فَلَمْ يَدَّعِ الْمَسْرُوقُ إلَّا كَبْشًا حَلَفَ عَلَى أَيِّ الْكَبْشَيْنِ شَاءَ وَأَخَذَهُ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ فَاتَ، وَإِنْ ادَّعَى كَبْشَيْنِ حَلَفَ مَعَ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَخَذَ كَبْشَيْنِ إذَا لَمْ يَكُونَا وَصَفَا أَنَّ السَّرِقَةَ وَاحِدَةٌ وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِمَا فَهَذِهِ سَرِقَتَانِ يَحْلِفُ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَأْخُذُهُ

(قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا الْيَوْمَ وَشَاهِدٌ آخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا أَمْسِ لَمْ يُحَدَّ مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَمْسِ غَيْرُ الْيَوْمِ، وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ زَنَى بِفُلَانَةَ فِي بَيْتِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ زَنَى بِهَا فِي بَيْتٍ غَيْرِهِ فَلَا حَدَّ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَمَنْ حَدَّ الشُّهُودَ إذَا لَمْ يُتِمُّوا أَرْبَعَةً حَدَّهُمْ، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَذَفَ رَجُلًا الْيَوْمَ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَهُ أَمْسِ فَلَا يُحَدُّ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ اثْنَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَذْفٍ وَاحِدٍ، وَهَكَذَا لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَمْسِ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ الْآخَرُ قَالَ لَهَا الْيَوْمَ أَنْتِ طَالِقٌ فَلَا طَلَاقَ مِنْ قِبَلِ أَنَّ طَلَاقَ أَمْسِ غَيْرُ طَلَاقِ الْيَوْمِ وَشَهَادَتَهُمَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْقَوْلِ الَّذِي يَقَعُ بِهِ الْآنَ الْحَدُّ، أَوْ الطَّلَاقُ، أَوْ الْعِتْقُ كَشَهَادَتِهِمَا عَلَى الْفِعْلِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا يَشْهَدَانِ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مَضَى مِنْهُ (قَالَ): وَيَحْلِفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا إذَا أَبْطَلْت عَنْهُ الشَّهَادَةَ اسْتَحْلَفْته وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ

(قَالَ): وَهَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَهَا وَقَالَ الْآخَرُ أَشْهَدُ أَنَّهُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ رَكِبْت الدَّابَّةَ فَرَكِبَتْهَا لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِطَلَاقٍ غَيْرِ طَلَاقِ الْآخَرِ

(قَالَ): وَإِذَا سَرَقَ السَّارِقُ السَّرِقَةَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ ثَوْبُ كَذَا وَقِيمَتُهُ كَذَا وَشَهِدَ الْآخَرَانِ أَنَّهُ ذَلِكَ الثَّوْبُ بِعَيْنِهِ وَقِيمَتُهُ كَذَا فَكَانَتْ إحْدَى الشَّهَادَتَيْنِ يَجِبُ فِيهَا الْقَطْعُ، وَالْأُخْرَى لَا يَجِبُ بِهَا الْقَطْعُ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّا نَدْرَأُ الْحُدُودَ بِالشُّبْهَةِ وَهَذَا أَقْوَى مَا يُدْرَأُ بِهِ الْحَدُّ وَنَأْخُذُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْقِيمَتَيْنِ فِي الْغُرْمِ لِصَاحِبِ السَّرِقَةِ وَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي يَشْهَدُ عَلَيْهِ رَجُلَانِ رَجُلٌ بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِذَلِكَ أَلْفٌ مِنْ وَجْهٍ وَأَلْفَانِ مِنْ وَجْهٍ وَهَذَا لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا ثَمَنُ ذَلِكَ الثَّوْبِ الَّذِي اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ شُهُودُ الزِّيَادَةِ بِأَوْلَى مِنْ شُهُودِ النَّقْصِ وَأُحَلِّفُهُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْقِيمَةِ إذَا ادَّعَى شَهَادَةَ اللَّذَيْنِ شَهِدَا عَلَى أَكْثَرِ الْقِيمَتَيْنِ

(قَالَ): وَمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِغَيْرِ الزِّنَا فَلَمْ تَتِمَّ الشَّهَادَةُ فَلَا حَدَّ عَلَى الشَّاهِدِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الشُّهُودِ إذَا خَشِيَ عَبَثَهُمْ، أَوْ جَهْلَهُمْ بِمَا يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُوقِفَهُمْ عَلَى مَا شَهِدُوا عَلَيْهِ وَعَلَى السَّاعَةِ الَّتِي يَشْهَدُونَ فِيهَا وَعَلَى الْفِعْلِ، وَالْقَوْلِ كَيْفَ كَانَ وَعَلَى مَنْ حَضَرَ ذَلِكَ مَعَهُمْ وَعَلَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى صِحَّةِ شَهَادَتِهِمْ وَشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُمْ (قَالَ): وَهَكَذَا إذَا اتَّهَمَهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>