للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِحَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ بِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي إمَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ وَإِمَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا عُقُوبَةَ إلَّا شُهُودَ الزِّنَا الَّذِينَ يَقْذِفُونَ بِالزِّنَا فَإِذَا لَمْ يُتِمُّوا فَالْأَثَرُ عَنْ عُمَرَ وَقَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفْتِينَ أَنْ يُحَدُّوا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّهَادَةِ فِي الْحُدُودِ وَبَيْنَ الْمُشَاتَمَةِ الَّتِي يُعَزَّرُ فِيهَا مَنْ ادَّعَى الشَّهَادَةَ، أَوْ يُحَدُّ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ الَّذِي يُقِيمُ الْحُدُودَ، أَوْ عِنْدَ شُهُودٍ يُشْهِدُهُمْ عَلَى شَهَادَتِهِ، أَوْ عِنْدَ مُفْتٍ يَسْأَلُهُ مَا تُلْزِمُهُ الشَّهَادَةُ لَوْ حَكَاهَا لَا عَلَى مَعْنَى الشَّتْمِ وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا، فَأَمَّا إذَا قَالَهَا عَلَى مَعْنَى الشَّتْمِ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِهَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ فِيهَا الْحَدُّ إنْ كَانَ حَدًّا، أَوْ التَّعْزِيرُ إنْ كَانَ تَعْزِيرًا

(قَالَ): وَلَا يَجُوزُ كِتَابُ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالْكِتَابِ بَعْدَمَا يَقْرَؤُهُ الْقَاضِي عَلَيْهِمَا وَيَعْرِفَانِهِ وَكِتَابُهُ إلَيْهِ كَالصُّكُوكِ لِلنَّاسِ عَلَى النَّاسِ لَا أَقْبَلُهَا مَخْتُومَةً وَإِنْ شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّ مَا فِيهَا حَقٌّ، وَكَذَلِكَ إنْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي دَفَعَهُ إلَيْنَا وَقَالَ اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ لَمْ أَقْبَلْهُ حَتَّى يَقْرَأَ عَلَيْهِمْ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَيُقِرُّ بِهِ، ثُمَّ لَا أُبَالِي كَانَ عَلَيْهِ خَاتَمٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَأَقْبَلُهُ (قَالَ): وَقَدْ حَضَرْت قَاضِيًا أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ قَاضٍ وَشُهُودٌ عَدَدٌ عُدُولٌ فَقَالَ الشُّهُودُ نَشْهَدُ أَنَّ هَذَا كِتَابُ الْقَاضِي فُلَانٍ دَفَعَهُ إلَيْنَا وَقَالَ اشْهَدُوا أَنَّ هَذَا كِتَابِي إلَى فُلَانٍ فَقَبِلَهُ وَفَتَحَهُ فَأَنْكَرَ الْمَكْتُوبُ عَلَيْهِ مَا فِيهِ وَجَاءَ بِكِتَابٍ مَعَهُ يُخَالِفُهُ فَوَقَفَ الْقَاضِي عَنْهُ وَكَتَبَ إلَيْهِ بِنُسْخَتِهِمَا فَكَتَبَ إلَيْهِ يُخْبِرُهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا صَحِيحٌ وَأَنَّ الْآخَرَ وُضِعَ فِي مَكَانِ كِتَابٍ صَحِيحٍ فَدَفَعَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ إيَّاهُ وَذَكَرَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ قِبَلِ بَعْضِ كُتَّابِهِ، أَوْ أَعْوَانِهِ فَإِذَا أَمْكَنَ هَذَا هَكَذَا لَمْ يَنْبَغِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولًا حَتَّى يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مَا فِيهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَلَا يُقْبَلُ إلَّا كِتَابُ قَاضٍ عَدْلٍ، وَإِذَا كَتَبَ الْكِتَابَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ عُزِلَ انْبَغَى لِلْمَكْتُوبِ إلَيْهِ أَنْ يَقْبَلَهُ (قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْقَاضِي الْمَكْتُوبُ إلَيْهِ انْبَغَى لِلْقَاضِي الْوَالِي بَعْدَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَصْلُ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ أَنَّا لَا نُجِيزُ شَهَادَةَ خَصْمٍ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ سِيَّمَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ يَطْلُبُهُ بِشَتْمٍ

(قَالَ): وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَذَفَ رَجُلًا، أَوْ جَمَاعَةً فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِزِنًا، أَوْ بِحَدٍّ غَيْرِهِ لَمْ أُجِزْ شَهَادَةَ الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّهُ خَصْمٌ لَهُ فِي طَلَبِ الْقَذْفِ وَحَدَدْت الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ بِشَهَادَةِ غَيْرِ مَنْ قَذَفَهُ، وَلَوْ كَانُوا شَهِدُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَذْفِ، ثُمَّ قَذَفَهُمْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مَا كَانَتْ أَنْفَذْتهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ أَنْ يَكُونُوا لَهُ خُصَمَاءَ وَلَكِنَّهُمْ لَوْ زَادُوا عَلَيْهِ فِيهَا بَعْدَ الْقَذْفِ لَمْ أَقْبَلْ الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا لَهُ خُصَمَاءَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا، وَكَانَ الْمَقْذُوفُ عَبْدًا، فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ قَذْفِ هَذَا بِسَاعَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ حُدَّ قَاذِفُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ، أَوْ جَنَى هُوَ كَانَتْ جِنَايَتُهُ، وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ جِنَايَةَ حُرٍّ (قَالَ): وَكَذَلِكَ لَوْ أَصَابَ هُوَ حَدًّا كَانَ حَدُّهُ حَدَّ حُرٍّ وَطَلَاقُهُ طَلَاقَ حُرٍّ لِأَنِّي إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى الْعِتْقِ يَوْمَ يَكُونُ الْكَلَامُ وَلَا أَنْظُرُ إلَيْهِ يَوْمَ يَقَعُ بِهِ الْحُكْمُ، وَلَوْ جَحَدَهُ سَيِّدُهُ الْعِتْقَ سَنَةً، أُعْتِقُهُ يَوْمَ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ وَحَكَمْت لَهُ بِأَحْكَامِ الْحُرِّ يَوْمَئِذٍ وَرَدَدْته عَلَى السَّيِّدِ بِإِجَارَةِ مِثْلِهِ بِمَا اسْتَخْدَمَهُ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الطَّلَاقِ إذَا جَحَدَهُ الزَّوْجُ وَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الطَّلَاقِ مِنْ يَوْمِ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ لَا مِنْ يَوْمِ وَقَعَ الْحُكْمُ وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْقُرْعَةِ، وَقِيَمُ الْعَبِيدِ قِيمَتُهُمْ يَوْمَ يَقَعُ الْعِتْقُ، وَهَكَذَا نَقُولُ فِيمَنْ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ قِيمَتُهُمْ يَوْمَ مَاتَ الْمُعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَئِذٍ وَقَعَ الْعِتْقُ وَلَا أَلْتَفِتُ إلَى وُقُوعِ الْحُكْمِ، فَأَمَّا أَنْ يَتَحَكَّمَ مُتَحَكِّمٌ فَيَزْعُمُ مَرَّةً أَنَّهُ إنَّمَا يَنْظُرُ إلَى يَوْمِ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ لَا يَوْمِ يَقَعُ الْحُكْمُ، وَمَرَّةً إلَى يَوْمِ يَقَعُ الْحُكْمُ فَلَوْ شَاءَ قَائِلٌ أَنْ يَقُولَ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فَيَجْعَلَ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>