عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ «كَانَتْ بَنُو عَقِيلٍ حُلَفَاءَ لِثَقِيفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَتْ ثَقِيفٌ قَدْ أَسَرَتْ رَجُلَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ إنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا رَجُلًا مِنْ بَنِي عَقِيلٍ وَمَعَهُ نَاقَةٌ لَهُ، وَكَانَتْ نَاقَتُهُ قَدْ سَبَقَتْ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَذَا، وَكَذَا مَرَّةً، وَكَانَتْ النَّاقَةُ إذَا سَبَقَتْ الْحَاجَّ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ تُمْنَعْ مِنْ كَلَإٍ تَرْتَعُ فِيهِ وَلَمْ تُمْنَعْ مِنْ حَوْضٍ تَشْرَعُ فِيهِ قَالَ فَأَتَى بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ أَخَذْتنِي وَأَخَذْت سَابِقَةَ الْحَاجِّ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك ثَقِيفٍ قَالَ وَحُبِسَ حَيْثُ يَمُرُّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنِّي مُسْلِمٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قُلْتهَا وَأَنْتَ تَمْلِكُ أَمْرَك كُنْت قَدْ أَفْلَحْت كُلَّ الْفَلَاحِ قَالَ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّةً أُخْرَى فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إنِّي جَائِعٌ، فَأَطْعِمْنِي وَظَمْآنُ فَاسْقِنِي فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ حَاجَتُك، ثُمَّ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَدَا لَهُ فَفَادَى بِهِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ أَسَرَتْ ثَقِيفٌ وَأَمْسَكَ النَّاقَةَ، ثُمَّ إنَّهُ أَغَارَ عَلَى الْمَدِينَةِ عَدُوٌّ فَأَخَذُوا سَرْحَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدُوا النَّاقَةَ فِيهَا، قَالَ، وَقَدْ كَانَتْ عِنْدَهُمْ امْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَسَرُوهَا وَكَانُوا يُرِيحُونَ النَّعَمَ عِشَاءً فَجَاءَتْ الْمَرْأَةُ ذَاتَ لَيْلَةٍ إلَى النَّعَمِ فَجَعَلَتْ لَا تَجِيءُ إلَى بَعِيرٍ إلَّا رَغَا حَتَّى انْتَهَتْ إلَيْهَا فَلَمْ تَرْغُ فَاسْتَوَتْ عَلَيْهَا فَنَجَتْ فَلَمَّا قَدِمَتْ الْمَدِينَةَ قَالَ النَّاسُ الْعَضْبَاءُ الْعَضْبَاءُ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ إنِّي نَذَرْت إنْ اللَّهُ أَنْجَانِي عَلَيْهَا أَنْ أَنْحَرَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِئْسَمَا جَزَيْتِيهَا وَلَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَأَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَاقَتَهُ وَلَمْ يَأْمُرْهَا أَنْ تَنْحَرَ مِثْلَهَا، أَوْ تَنْحَرَهَا وَلَا تُكَفِّرَ.
(قَالَ): وَكَذَلِكَ نَقُولُ إنَّ مَنْ نَذَرَ تَبَرُّرًا أَنْ يَنْحَرَ مَالَ غَيْرِهِ فَهَذَا نَذْرٌ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَالنَّذْرُ سَاقِطٌ عَنْهُ وَبِذَلِكَ نَقُولُ قِيَاسًا عَلَى مَنْ نَذَرَ مَا لَا يُطِيقُ أَنْ يَعْمَلَهُ بِحَالِ سَقَطَ النَّذْرُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْمَلَهُ فَهُوَ كَمَا لَا يَمْلِكُ مِمَّا سِوَاهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا مَشَى حَتَّى يَحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ، ثُمَّ رَكِبَ بَعْدُ، وَذَلِكَ كَمَالُ حَجِّ هَذَا، وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ مَاشِيًا مَشَى حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَيَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ وَيَحْلِقَ، أَوْ يُقَصِّرَ، وَذَلِكَ كَمَالُ عُمْرَةِ هَذَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَذَرَ أَنْ يَحُجَّ مَاشِيًا فَمَشَى فَفَاتَهُ الْحَجُّ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا، وَالْمَرْوَةِ مَاشِيًا حَلَّ وَعَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ مَاشِيًا كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ حَجُّ قَابِلٍ إذَا فَاتَهُ هَذَا الْحَجُّ، أَلَا تَرَى أَنَّ حُكْمَهُ لَوْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْحَجِّ، أَوْ نَاذِرًا لَهُ أَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ حِجَّةُ الْإِسْلَامِ، أَوْ عُمْرَتُهُ أَنْ لَا يُجْزِئَ هَذَا الْحَجُّ مَنْ حَجَّ وَلَا عُمْرَةَ فَإِذَا كَانَ حُكْمُهُ أَنْ يَسْقُطَ وَلَا يُجْزِئَ مِنْ حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ فَكَيْفَ لَا يَسْقُطُ الْمَشْيُ الَّذِي إنَّمَا هُوَ هَيْئَةٌ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا نَذَرَ الرَّجُلُ أَنْ يَحُجَّ، أَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَمِرَ وَلَمْ يَحُجَّ وَلَمْ يَعْتَمِرْ فَإِنْ كَانَ نَذَرَ ذَلِكَ مَاشِيًا فَلَا يَمْشِي؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتُهُ فَإِنْ مَشَى فَإِنَّمَا مَشَى حِجَّةَ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ وَيَعْتَمِرَ مَاشِيًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ أَوَّلَ مَا يَعْمَلُ الرَّجُلُ مِنْ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ إذَا لَمْ يَعْتَمِرْ وَيَحُجَّ فَإِنَّمَا هُوَ حِجَّةُ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ وَنَوَى بِهِ نَذْرًا، أَوْ حَجًّا عَنْ غَيْرِهِ أَوْ تَطَوُّعًا فَهُوَ كُلُّهُ حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ لِنَذْرِهِ فَيُوفِيَهُ كَمَا نَذَرَ مَاشِيًا، أَوْ غَيْرَ مَاشٍ " قَالَ الرَّبِيعُ " هَذَا إذَا كَانَ الْمَشْيُ لَا يَضُرُّ بِمَنْ يَمْشِي فَإِذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute