نَسْتَحِبُّ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِجَمِيعِ مَتَاعِهِ وَأَنْ لَا يُخَلِّفَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ، وَإِنْ خَلَّفَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ خَلَّفَهُ كُلَّهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ فَإِنْ خَلَّفَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ فَهُوَ حَانِثٌ؛ لِأَنَّهُ سَاكِنٌ بَعْدُ، وَالْمُسَاكَنَةُ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا هِيَ الْمُسَاكَنَةُ مِنْهُ وَمِنْ عِيَالِهِ لِمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَالنُّقْلَةُ، وَالْمُسَاكَنَةُ عَلَى الْبَدَنِ دُونَ الْأَهْلِ، وَالْمَالِ، وَالْوَلَدِ، وَالْمَتَاعِ فَإِذَا حَلَفَ رَجُلٌ لَيَنْتَقِلَنَّ فَانْتَقَلَ بِبَدَنِهِ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ وَمَالَهُ فَقَدْ بَرَّ، وَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ؟ قِيلَ أَرَأَيْت إذَا سَافَرَ بِبَدَنِهِ أَيَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَيَكُونُ مِنْ أَهْلِ السَّفَرِ، أَوْ رَأَيْت إذَا انْقَطَعَ إلَى مَكَّةَ بِبَدَنِهِ أَيَكُونُ مِنْ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِينَ إنْ تَمَتَّعُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ دَمٌ؟ فَإِذَا قَالَ: نَعَمْ قِيلَ فَإِنَّمَا النُّقْلَةُ، وَالْحُكْمُ عَلَى الْبَدَنِ لَا عَلَى مَالٍ وَلَا عَلَى وَلَدٍ وَلَا عَلَى مَتَاعٍ قَالَ: فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَتَرَكَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ أَنَّا نَرَاهُ حَانِثًا لِأَنَّهُ قَدْ لَبِسَهُ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِيهِ إنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ عَلَيْهَا فَإِنْ نَزَلَ مَكَانَهُ وَإِلَّا كَانَ حَانِثًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَلْبَسَ الثَّوْبَ وَهُوَ لَابِسُهُ فَمِثْلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إنْ لَمْ يَنْزِعْهُ مِنْ سَاعَتِهِ إذَا أَمْكَنَهُ نَزْعُهُ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ إنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةً وَهُوَ رَاكِبُهَا فَإِنْ نَزَلَ مَكَانَهُ وَإِلَّا حَنِثَ وَهَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ قِيلَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ بَيْتًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحَضَارَةِ فَسَكَنَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ الشَّعْرِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ لِيَمِينِهِ مَعْنًى يُسْتَدَلُّ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ الَّذِي لَهُ حَلَفَ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ بِقَوْمٍ انْهَدَمَ عَلَيْهِمْ بَيْتٌ فَعَمَّهُمْ تُرَابُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي سُكْنَاهُ فِي بَيْتِ شَعْرٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حِينَ حَلَفَ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا وَجْهُ يَمِينِهِ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ إنَّ الشَّمْسَ مُحْتَجِبَةٌ وَإِنَّ السُّكْنَى فِي السُّطُوحِ، وَالْخُرُوجَ مِنْ الْبُيُوتِ مَصَحَّةٌ وَيَسْرَةٌ فَحَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ بَيْتًا فَإِنَّا نَرَاهُ حَانِثًا إنْ سَكَنَ بَيْتَ شَعْرٍ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَسْكُنَ بَيْتًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، أَوْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَلَا نِيَّةَ لَهُ، فَأَيَّ بَيْتِ شَعْرٍ، أَوْ أَدَمٍ، أَوْ خَيْمَةٍ، أَوْ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ بَيْتٍ، أَوْ حِجَارَةٍ، أَوْ مَدَرٍ سَكَنَ حَنِثَ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ دَارَ فُلَانٍ فَسَكَنَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ آخَرَ أَنَّهُ يَحْنَثُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لَهُ فَسَكَنَ مِنْهَا بَيْتًا حَنِثَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَنْ لَا يَسْكُنَ دَارًا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَنْوِ دَارًا بِعَيْنِهَا فَسَكَنَ دَارًا لَهُ فِيهَا شِرْكٌ أَكْثَرُهَا كَانَ لَهُ، أَوْ أَقَلُّهَا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَحْنَثُ حَتَّى تَكُونَ الدَّارُ كُلُّهَا لَهُ خَاصَّةً
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا اشْتَرَاهُ فُلَانٌ فَاشْتَرَى فُلَانٌ وَآخَرُ مَعَهُ طَعَامًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَا أَقُولُ بِقَوْلِكُمْ إنَّكُمْ تَقُولُونَ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ، فَأَكَلَ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ وَآخَرُ مَعَهُ إنَّكُمْ تُحْنِثُونَهُ إنْ أَكَلَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْتَسِمَاهُ وَزَعَمْنَا وَزَعَمْتُمْ أَنَّهُمَا إنْ اقْتَسَمَاهُ فَأَكَلَ الْحَالِفُ مِمَّا صَارَ لِلَّذِي لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حِنْثٌ، وَالْقَوْلُ فِيهَا عَلَى مَا أَجَبْتُك فِي صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ فَإِنَّا نَقُولُ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ دَارَ فُلَانٍ فَبَاعَهَا فُلَانٌ إنَّهُ إنْ كَانَ عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الدَّارِ؛ لِأَنَّهَا دَارُهُ لَا يَحْنَثُ إنْ سَكَنَهَا وَهِيَ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا عَقَدَ يَمِينَهُ عَلَى الدَّارِ وَجَعَلَ تَسْمِيَتَهُ صَاحِبَهَا صِفَةً مِنْ صِفَاتِهَا مِثْلَ قَوْلِهِ هَذِهِ الدَّارُ الْمُزَوَّقَةُ فَذَهَبَ تَزْوِيقُهَا، فَأَرَاهُ حَانِثًا إنْ سَكَنَهَا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ أَنْ لَا يَسْكُنَ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ بِعَيْنِهَا وَبَاعَهَا فُلَانٌ فَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ عَلَى الدَّارِ حَنِثَ بِأَيِّ وَجْهٍ سَكَنَهَا، وَإِنْ مَلَكَهَا هُوَ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ مَا كَانَتْ لِفُلَانٍ لَمْ يَحْنَثْ إذَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ حَنِثَ إذَا قَالَ دَارُ فُلَانٍ هَذِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute