للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ يُخَاصِمُ الْمُشْتَرِي وَلَا نُبَالِي أَحَضَرَ الْآمِرُ أَمْ لَا وَلَا نُكَلِّفُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرَ وَلَا نَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي يَمِينًا إنْ قَالَ الْبَائِعُ الْآمِرُ قَدْ رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ الَّتِي بِهَا الْعَيْبُ حَتَّى يَحْضُرَ الْآمِرُ فَيَحْلِفَ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا بِغَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ.

وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ مَعَهُ مَالُ مُضَارَبَةٍ أَتَى بِلَادًا يَتَّجِرُ فِيهَا بِذَلِكَ الْمَالِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ مَا اشْتَرَى مِنْ ذَلِكَ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يَسْتَحْلِفَ عَلَى رِضَا الْآمِرِ بِالْعَيْبِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا يَسْتَطِيعُ الْمُشْتَرِي الْمُضَارِبُ أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ رَبُّ الْمَالِ فَيَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ وَإِنْ لَمْ يَرَ الْمَتَاعَ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَرَأَيْت رَجُلًا أَمَرَ رَجُلًا فَبَاعَ لَهُ مَتَاعًا، أَوْ سِلْعَةً فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا أَيُخَاصِمُ الْبَائِعَ فِي ذَلِكَ، أَوْ نُكَلِّفُهُ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرُ رَبَّ الْمَتَاعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ خَصْمَهُ فِي هَذَا الْبَائِعُ وَلَا نُكَلِّفُهُ أَنْ يُحْضِرَ الْآمِرَ وَلَا خُصُومَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فَكَذَلِكَ إذَا أَمَرَهُ فَاشْتَرَى لَهُ فَهُوَ مِثْلُ أَمْرِهِ بِالْبَيْعِ أَرَأَيْت لَوْ اشْتَرَى مَتَاعًا وَلَمْ يَرَهُ أَكَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا رَآهُ أَمْ لَا يَكُونُ لَهُ خِيَارٌ حَتَّى يَحْضُرَ الْآمِرُ؟ أَرَأَيْت لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَعْمَى قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَقَالَ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ أَمَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِهَذَا حَتَّى يُحْضِرَ الْآمِرَ؟ بَلَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَلَا يُحْضِرَ الْآمِرَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِعَيْنِهَا، أَوْ مَوْصُوفَةً، أَوْ دَفَعَ إلَيْهِ مَالًا قِرَاضًا فَاشْتَرَى بِهِ تِجَارَةً فَوَجَدَ بِهَا عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ دُونَ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ بِاَللَّهِ مَا رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَ الْمَالِكِ فِيمَا اشْتَرَى لِرَبِّ الْمَالِ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَوْ قَالَ لَا أَرْضَى بِمَا اشْتَرَى لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ فِيمَا ابْتَاعَ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَحَابَى فِيهِ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ، وَكَانَتْ التَّبَاعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى الْوَكِيلِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ.

وَكَذَلِكَ تَكُونُ التَّبَاعَةُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ دُونَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رِضَا رَبِّ الْمَالِ حَلَفَ عَلَى عِلْمِهِ لَا عَلَى الْبَتِّ.

، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ ثَوْبًا مُرَابَحَةً عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى فَبَاعَ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ، ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعَ قَدْ خَانَهُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَزَادَ عَلَيْهِ فِي الْمُرَابَحَةِ.

فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ الْبَيْعُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَاعَ الثَّوْبَ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الثَّوْبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَأْخُذَ مَا نَقَدَ إنْ شَاءَ وَلَا يَحُطَّهُ شَيْئًا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ تُحَطُّ عَنْهُ تِلْكَ الْخِيَانَةُ وَحِصَّتُهَا مِنْ الرِّبْحِ وَبِهِ يَأْخُذُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: وَإِذَا ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ ثَوْبًا مُرَابَحَةً فَبَاعَهُ، ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ الَّذِي بَاعَهُ مُرَابَحَةً قَدْ خَانَهُ فِي الثَّمَنِ فَقَدْ قِيلَ تُحَطُّ عَنْهُ الْخِيَانَةُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ قَائِمًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَإِنَّمَا مَنَعْنَا مِنْ إفْسَادِ الْبَيْعِ وَأَنْ يَرُدَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا وَيَجْعَلَهُ بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ فَائِتًا أَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَى مُحَرَّمٍ عَلَيْهِمَا مَعًا وَإِنَّمَا انْعَقَدَ عَلَى مُحَرَّمٍ عَلَى الْخَائِنِ مِنْهُمَا فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا يُشْبِهُ هَذَا مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ بِحَالٍ، وَالْبَائِعُ فِيهِ غَارٌّ؟ قِيلَ يُدَلِّسُ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ الْعَيْبَ فَيَكُونُ التَّدْلِيسُ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَمَا أَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ مُحَرَّمًا كَمَا كَانَ مَا أَخَذَ مِنْ الْخِيَانَةِ مُحَرَّمًا وَلَا يَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا فِيهِ وَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي رَدِّهِ وَقِيلَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى لَهُ، أَوْ فَسْخُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا بِثَمَنٍ مُسَمًّى فَإِذَا وَجَدَ غَيْرَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُشْتَرِي فَسَدَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ إلَى ثَمَنٍ مَجْهُولٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ سِلْعَةً فَظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَيْبِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: لَا أَقْبَلُ شُهُودًا عَلَى الْعَيْبِ حَتَّى يَنْقُدَ الثَّمَنَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ السِّلْعَةَ وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ ثَمَنَهَا، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ حَتَّى ظَهَرَ مِنْهَا عَلَى عَيْبٍ يُقِرُّ بِهِ الْبَائِعُ، أَوْ يَرَى، أَوْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ فَلَهُ الرَّدُّ قَبْلَ النَّقْدِ كَمَا لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ النَّقْدِ.

وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ عَلَى ابْنِهِ وَهُوَ كَبِيرٌ دَارًا، أَوْ مَتَاعًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>