للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهِ شُفْعَةٌ إنَّمَا هَذَا نِكَاحٌ أَرَأَيْت لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَمْ لِلشَّفِيعِ مِنْهَا وَبِمَ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ، أَوْ بِالْمَهْرِ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَعَتْ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِنَصِيبٍ مِنْ دَارٍ غَيْرِ مَقْسُومَةٍ فَأَرَادَ شَرِيكُ الْمُتَزَوِّجِ الشُّفْعَةَ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ تَامَّةً كَانَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ بِنِصْفِ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اخْتَلَعَتْ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِشِقْصٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مَحْسُوبًا فَيَتَزَوَّجَهَا بِمَا قَدْ عَلِمَتْ مِنْ الصَّدَاقِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شِقْصٍ غَيْرِ مَحْسُوبٍ وَلَا مَعْلُومٍ كَانَ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ مَهْرٌ مَجْهُولٌ فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَيَنْفَسِخُ الْمَهْرُ وَيُرَدُّ إلَى رَبِّهِ وَيَكُونُ لَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً، ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ يَطْلُبُهَا بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ وَيَأْخُذُ صَاحِبُ الْبِنَاءِ النَّقْضَ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجْعَلُ الدَّارَ وَلَا بِنَاءَ لِلشَّفِيعِ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَثَمَنَ الدَّارِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ صَاحِبُ الْبِنَاءِ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ نَصِيبًا مِنْ دَارٍ، ثُمَّ قَاسَمَ فِيهِ وَبَنَى، ثُمَّ طَلَبَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ قِيلَ لَهُ: إنْ شِئْت فَأَدِّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَقِيمَةَ الْبِنَاءِ الْيَوْمَ وَإِنْ شِئْت فَدَعْ الشُّفْعَةَ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا هَذَا؛ لِأَنَّهُ بَنَى غَيْرَ مُتَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ هَدْمُ مَا بَنَى، وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ أَرْضًا، أَوْ دَارًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ لِصَاحِبِ الشُّفْعَةِ الشُّفْعَةُ حِينَ عَلِمَ فَإِنْ طَلَبَ الشُّفْعَةَ وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بَعْدَ عِلْمِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا بِيعَ شِقْصٌ مِنْ الدَّارِ وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ عَالِمٌ فَطَلَبَ مَكَانَهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَإِنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ فَذَكَرَ عُذْرًا مِنْ مَرَضٍ، أَوْ امْتِنَاعٍ مِنْ وُصُولٍ إلَى السُّلْطَانِ، أَوْ حَبْسَ سُلْطَانٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْعُذْرِ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَا وَقْتَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُمَكِّنَهُ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ مَا تَرَكَ ذَلِكَ رَضِيَ بِالتَّسْلِيمِ لِلشُّفْعَةِ وَلَا تَرْكًا لِحَقِّهِ فِيهِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْقَوْلُ فِيهِ كَهُوَ فِي مَعْنَى الْحَاضِرِ إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ، أَوْ التَّوْكِيلُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَابِسٌ فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ انْقَطَعَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَنَقَدَهُ الثَّمَنَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ الْمَالَ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَقَعَتْ يَوْمَ اشْتَرَى الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِذَا أَخَذَ الرَّجُلُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ وَعُهْدَةُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ إنَّمَا تَكُونُ الْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ قَبَضَ الْمَالَ وَقَبَضَ مِنْهُ الْمَبِيعَ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَالِكٍ، وَلَوْ أَبْرَأَ الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَبْرَأْ، وَلَوْ كَانَ تَبَرَّأَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُسْتَشْفِعُ فَإِنْ عَلِمَ الْمُسْتَشْفِعُ بَعْدَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ

وَإِذَا كَانَتْ الشُّفْعَةُ لِلْيَتِيمِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ لَهُ الشُّفْعَةُ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَصِيٌّ أَخَذَهَا بِالشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ كَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا أَدْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْوَصِيُّ الشُّفْعَةَ بَعْدَ عِلْمِهِ فَلَيْسَ لِلْيَتِيمِ شُفْعَةٌ إذَا أَدْرَكَ، وَكَذَلِكَ الْغُلَامُ إذَا كَانَ أَبُوهُ حَيًّا وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا شُفْعَةَ لِلصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَهِيَ بَعْدَهُ لِلشَّرِيكِ الَّذِي قَاسَمَ وَالطَّرِيقُ وَاحِدَةٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ بَعْدَهُ لِلْجَارِ الْمُلَاصِقِ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْجِيرَان، وَكَانَ الْتِصَاقُهُمْ سَوَاءً فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الشُّفْعَةِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى كَتَبَ إلَيْهِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُهُ أَنْ لَا يَقْضِيَ بِالشُّفْعَةِ إلَّا لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ فَأَخَذَ بِذَلِكَ، وَكَانَ لَا يَقْضِي إلَّا لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ):

<<  <  ج: ص:  >  >>