للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّعِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا أَقْبَلُ الْبَيِّنَةَ إلَّا مِنْ الْمُدَّعِي وَلَا أَقْبَلُ فِي ذَلِكَ وَكِيلًا، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ تُقْبَلُ فِي ذَلِكَ الْوَكَالَةُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِطَلَبِ حَدٍّ لَهُ، أَوْ قِصَاصٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ قُبِلَتْ الْوَكَالَةُ عَلَى تَثْبِيتِ الْبَيِّنَةِ، وَإِذَا حَضَرَ الْحَدَّ، وَالْقِصَاصَ لَمْ أَحُدَّهُ وَلَمْ أَقْتَصَّ حَتَّى يَحْضُرَ الْمَحْدُودُ لَهُ، وَالْمُقْتَصُّ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ فَيُبْطِلُ الْحَقَّ وَيُكَذِّبُ الْبَيِّنَةَ فَيُبْطِلُ الْقِصَاصَ وَيَعْفُو.

وَإِذَا كَانَتْ فِي يَدَيْ رَجُلٍ دَارٌ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَكَّلَنِي بِهَا فُلَانٌ لِرَجُلٍ غَائِبٍ أَقُومُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لَا أُصَدِّقُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ عَلَى ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ وَأَجْعَلُهُ خَصْمًا وَبِهِ يَأْخُذُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّهَمًا أَيْضًا لَمْ أَقْبَلْ مِنْهُ بَيِّنَةً وَجَعَلْته خَصْمًا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشُهُودٍ أَعْرِفُهُمْ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ أَقْبَلُ مِنْهُ وَأُصَدِّقُهُ وَلَا نَجْعَلُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ إذَا اتَّهَمْته سَأَلْته الْبَيِّنَةَ عَلَى الْوَكَالَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ جَعَلْته خَصْمًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا رَجُلٌ فَقَالَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ لَيْسَتْ لِي هِيَ فِي يَدِي وَدِيعَةٌ، أَوْ هِيَ عَلَيَّ بِكِرَاءٍ، أَوْ أَنَا فِيهَا وَكِيلٌ، فَمَنْ قَضَى عَلَى الْغَائِبِ سَمِعَ مِنْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَأَحْضَرَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فَإِنْ أَثْبَتَ وَكَالَتَهُ قَضَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْهَا قَضَى بِهَا لِلَّذِي أَقَامَ عَلَيْهَا الْبَيِّنَةَ وَكَتَبَ فِي الْقَضَاءِ إنِّي قَضَيْت بِهَا وَلَمْ يَحْضُرْنِي فِيهَا خَصْمٌ وَزَعَمَ فُلَانٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَقْضِ عَلَى الْغَائِبِ سَأَلَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا يَقُولُ فَإِنْ جَاءَ بِهَا عَلَى أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ بِكِرَاءٍ، أَوْ وَدِيعَةٍ لَمْ يَجْعَلْهُ خَصْمًا فَإِنْ جَاءَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ جَعَلْته خَصْمًا.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَحِفْظِي عَنْ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَقْضِي عَلَى الْغَائِبِ.

قَالَ، وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُل مَالٌ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ قَدْ وَكَّلَنِي بِقَبْضِهِ مِنْك فُلَانٌ فَقَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الْمَالُ صَدَقْت، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ أُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ لَا أُجْبِرُهُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ وَأَقُولُ أَنْتَ أَعْلَمُ فَإِنْ شِئْت فَأَعْطِهِ وَإِنْ شِئْت فَاتْرُكْهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى الرَّجُلِ مَالٌ وَهُوَ عِنْدَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَذَكَرَ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ وَكَّلَهُ بِهِ وَصَدَّقَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ لَمْ أُجْبِرْهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ فَإِنْ دَفَعَهُ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ الْمَالِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ رَبُّ الْمَالِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ، أَوْ تَقُومَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى هَذَا الَّذِي ادَّعَى الْوَكَالَةَ دَيْنًا عَلَى رَبِّ الْمَالِ لَمْ يُجْبَرْ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ أَنَّ إقْرَارَهُ إيَّاهُ بِهِ إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ.

وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ رَجُلًا فِي شَيْءٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ لَا تَثْبُتُ وَكَالَتُهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مَعَهُ بِخَصْمٍ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ نَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَنُثْبِتُهَا لَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ خَصْمٌ، وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذَا جَاءَهُ رَجُلٌ قَدْ عَرَفَهُ يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ فَقَالَ هَذَا وَكِيلِي فِي كُلِّ حَقٍّ لِي يُخَاصِمُ فِيهِ قَبِلَ ذَلِكَ وَأَثْبَتَ وَكَالَتَهُ، وَإِذَا تَغَيَّبَ الْخَصْمُ وَكَّلَ لَهُ وَكِيلًا وَقَضَى عَلَيْهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عِنْدَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ أَثْبَتَ الْقَاضِي بَيِّنَتَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَعَلَهُ وَكِيلًا حَضَرَ مَعَهُ خَصْمٌ، أَوْ لَمْ يَحْضُرْ وَلَيْسَ الْخَصْمُ مِنْ هَذَا بِسَبِيلٍ وَإِنَّمَا أَثْبَتَ لَهُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَقَدْ تَثْبُتُ لَهُ الْوَكَالَةُ وَلَا يَلْزَمُ الْخَصْمَ شَيْءٌ، وَقَدْ يَقْضِي لِلْخَصْمِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَتَكُونُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إنَّمَا هِيَ شَهَادَةٌ لِلْخَصْمِ تُثْبِتُ لَهُ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ.

وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَكِّلْهُ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا صَنَعْت مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ إذَا وَكَّلَهُ فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ فَبَاعَ دَارًا، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ جَائِزًا

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ لِرَجُلٍ أَنَّهُ وَكَّلَهُ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ لَهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا فَالْوَكَالَةُ عَلَى هَذَا غَيْرُ جَائِزَةٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ قَدْ يُوَكِّلُهُ بِبَيْعِ الْقَلِيلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>