الطَّلَاقَ وَهُوَ ثِنْتَانِ لَزِمَتْهُ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ عَلَيْهَا.
وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَقَدْ دَخَلَ بِهَا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَلَيْسَ لَهَا النَّفَقَةُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لِمَ؟ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ {فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَبَلَغَنَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ جَعَلَ لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَلَا حَبْلَ بِهَا فَلَهَا السُّكْنَى وَلَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ.
وَإِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَحَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إيلَاءٌ وَلَا طَلَاقٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ كَانَتْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هُوَ مُوَلٍّ مِنْهَا إنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ وَالْإِيلَاءُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَطَأُ امْرَأَتَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَقَلَّ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ فَيَوْمَ يَكُونُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ يَكُونُ الزَّوْجُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَهَكَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ.
وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَتَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يَقْرَبْهَا فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: لَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَذَا إيلَاءٌ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنَّمَا الْإِيلَاءُ كُلُّ يَمِينٍ تَمْنَعُ الْجِمَاعَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقْرَبَهَا إلَّا أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: فِي هَذَا هُوَ مُوَلٍّ إنْ تَرَكَهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ وَالْإِيلَاءُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ أَوْ فِي هَذِهِ الْغُرْفَةِ أَوْ فِي مَوْضِعٍ يُسَمِّيهِ فَلَيْسَ عَلَى هَذَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ إنَّمَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ عَلَى مَنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَى أَنْ يُصِيبَ امْرَأَتَهُ بِحَالٍ إلَّا لَزِمَهُ الْحِنْثُ فَأَمَّا مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إصَابَةِ امْرَأَتِهِ بِلَا حِنْثٍ فَلَا حُكْمَ لِلْإِيلَاءِ عَلَيْهِ.
وَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَقَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَوْمًا أَوْ وَقَّتَ وَقْتًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: هُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا لَا يَقْرَبُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَقْرَبَهَا بِغَيْرِ كَفَّارَةٍ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هُوَ مُظَاهِرٌ مِنْهَا أَبَدًا وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ الْوَقْتُ فَهُوَ مُظَاهِرٌ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا ظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ امْرَأَتِهِ يَوْمًا فَأَرَادَ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ كَفَّرَ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ وَإِنْ مَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ وَلَمْ يَقْرَبْهَا فِيهِ فَلَا كَفَّارَةَ لِلظِّهَارِ عَلَيْهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِيلَاءِ إذَا سَقَطَتْ الْيَمِينُ سَقَطَ حُكْمُ الْيَمِينِ وَالظِّهَارُ يَمِينٌ لَا طَلَاقٌ.
وَإِذَا ارْتَدَّ الزَّوْجُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَكَفَرَ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: بَانَتْ مِنْهُ امْرَأَتُهُ إذَا ارْتَدَّ لَا تَكُونُ مُسْلِمَةٌ تَحْتَ كَافِرٍ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: هِيَ امْرَأَتُهُ عَلَى حَالِهَا حَتَّى يُسْتَتَابَ فَإِنْ تَابَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَإِنْ أَبَى قُتِلَ وَكَانَ لَهَا مِيرَاثُهَا مِنْهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَإِذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَنِكَاحُ امْرَأَتِهِ مَوْقُوفٌ فَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ رُجُوعِهِ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ بَانَتْ مِنْهُ وَالْبَيْنُونَةُ فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَإِنْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَامِ فَخَطَبَهَا لَمْ يَكُنْ هَذَا طَلَاقًا وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الْمُرْتَدِّ (قَالَ): وَإِذَا رَجَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ إلَى الشِّرْكِ كَانَ هَذَا وَالْبَابُ الْأَوَّلُ سَوَاءً فِي قَوْلِهِمَا جَمِيعًا غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ كَانَ يَقُولُ: يُعْرَضُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْإِسْلَامُ فَإِنْ أَسْلَمَتْ خُلِّيَ سَبِيلُهَا وَإِنْ أَبَتْ حُبِسَتْ فِي السِّجْنِ حَتَّى تَتُوبَ وَلَا تُقْتَلُ بَلَغَنَا ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute