وَالْقَصْرِ فَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَهُمَا سَوَاءٌ مَا يُجْهَرُ، أَوْ يُخَافَتُ فِي السَّفَرِ فِيمَا يُجْهَرُ فِيهِ وَيُخَافَتُ فِي الْحَضَرِ وَيُكْمَلُ فِي السَّفَرِ كَمَا يُكْمَلُ فِي الْحَضَرِ فَأَمَّا التَّخْفِيفُ فَإِذَا جَاءَ بِأَقَلِّ مَا عَلَيْهِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ أَجْزَأَهُ لَا أَرَى أَنْ يُخَفِّفَ فِي السَّفَرِ عَنْ صَلَاةِ الْحَضَرِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَيَأْتِي بِمَا يَجْزِيهِ وَالْإِمَامَةُ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ سَوَاءٌ وَلَا أُحِبُّ تَرْكَ الْأَذَانِ فِي السَّفَرِ وَتَرْكُهُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْ تَرْكِهِ فِي الْحَضَرِ وَأَخْتَارُ الِاجْتِمَاعَ لِلصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ صَلَّتْ كُلُّ رُفْقَةٍ عَلَى حِدَتِهَا أَجْزَأَهَا ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ اجْتَمَعَ مُسَافِرُونَ وَمُقِيمُونَ فَإِمَامَةُ الْمُقِيمِينَ أَحَبُّ إلَيَّ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَؤُمَّ الْمُسَافِرُونَ الْمُقِيمِينَ.
وَلَا يَقْصُرُ الَّذِي يُرِيدُ السَّفَرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ بُيُوتِ الْقَرْيَةِ الَّتِي سَافَرَ مِنْهَا كُلِّهَا فَإِذَا دَخَلَ أَدْنَى بُيُوتِ الْقَرْيَةِ الَّتِي يُرِيدُ الْمُقَامَ بِهَا أَتَمَّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ «أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعًا وَصَلَّيْت مَعَهُ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: بِذِي الْحُلَيْفَةِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسٍ مِثْلَ ذَلِكَ قَالَ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يَقْصُرُ بِنِيَّةِ السَّفَرِ دُونَ الْعَمَلِ فِي السَّفَرِ فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا نَوَى أَنْ يُسَافِرَ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ سَفَرُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ قَالَ وَلَوْ أَثْبَتَ بِهِ سَفَرَهُ، ثُمَّ نَوَى أَنْ يُقِيمَ أَتَمَّ الصَّلَاةَ وَنِيَّةُ الْمُقَامِ مُقَامٌ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ وَتَجْتَمِعُ فِيهِ النِّيَّةُ وَأَنَّهُ مُقِيمٌ.
وَلَا تَكُونُ نِيَّةُ السَّفَرِ سَفَرًا لِأَنَّ النِّيَّةَ تَكُونُ مُنْفَرِدَةً وَلَا سَفَرَ مَعَهَا إذَا كَانَ مُقِيمًا وَالنِّيَّةُ لَا يَكُونُ لَهَا حُكْمٌ إلَّا بِشَيْءٍ مَعَهَا فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا خَرَجَ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ افْتَتَحَ الظُّهْرَ يَنْوِي أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَوَى الْمُقَامَ فِي الظُّهْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْنِيَ حَتَّى يُتِمَّ أَرْبَعًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ؛ لِأَنَّهُ فِي فَرْضِ الظُّهْرِ لَا فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْصُرَ إنْ شَاءَ وَلَمْ يُحْدِثْ نِيَّةً فِي الْمُقَامِ وَكَذَلِكَ إذَا فَرَغَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْ فَإِذَا سَلَّمَ، ثُمَّ نَوَى أَنْ يُقِيمَ أَتَمَّ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ مَا مَضَى وَلَوْ كَانَ نَوَى فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ الْمُقَامَ، ثُمَّ سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اسْتَأْنَفَ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْمُقَامَ فَافْتَتَحَ يَنْوِي أَنْ يَقْصُرَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُتِمَّ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ صَلَاتِهِ شَيْءٌ، أَوْ بَعْدُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَلَمْ تَفْسُدُ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ فِي صَلَاتِهِ شَيْئًا لَيْسَ مِنْهَا إنَّمَا تَرَكَ الْقَصْرَ الَّذِي كَانَ مُبَاحًا لَهُ وَكَانَ التَّمَامُ غَيْرَ مَحْظُورٍ عَلَيْهِ وَلَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ وَنَوَى أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَلَمْ يُكْمِلْ الصَّلَاةَ حَتَّى نَوَى أَنْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ مُقَامٍ أَوْ تَرَكَ الرُّخْصَةَ فِي الْقَصْرِ كَانَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ التَّمَامُ وَلَمْ تَفْسُدْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ صَلَاتُهُ وَكَانُوا كَمَنْ صَلَّى خَلْفَ مُقِيمٍ وَلَوْ فَسَدَتْ عَلَى مُسَافِرٍ مِنْهُمْ صَلَاتُهُ وَقَدْ دَخَلَ مَعَهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا وَكَانَ كَمُسَافِرٍ دَخَلَ فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ فَفَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ عَدَدُ صَلَاةِ مُقِيمٍ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي دَخَلَ مَعَهُ فِيهَا قَالَ وَلَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ خَلْفَ مُسَافِرٍ فَفَسَدَتْ عَلَيْهِ صَلَاتُهُ فَانْصَرَفَ لِيَتَوَضَّأَ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا رَكْعَتَانِ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْمُسَافِرَ صَلَّى أَرْبَعًا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ صَلَّى أَرْبَعًا، أَوْ اثْنَتَيْنِ صَلَّى أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ خَلْفَ رَجُلٍ لَا يَعْلَمُ مُسَافِرٌ هُوَ، أَوْ مُقِيمٌ رَكْعَةً، ثُمَّ انْصَرَفَ الْإِمَامُ مِنْ صَلَاتِهِ، أَوْ فَسَدَتْ عَلَى الْمُسَافِرِ صَلَاتُهُ، أَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا لَا يَجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ مُسَافِرًا صَلَّى بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ فَرَعَفَ فَقَدَّمَ مُقِيمًا كَانَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ وَالْإِمَامِ الرَّاعِفِ أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ لِوَاحِدٍ مِنْ الْقَوْمِ الصَّلَاةَ حَتَّى كَانَ فِيهَا فِي صَلَاةِ مُقِيمٍ وَلَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ بِمُسَافِرِينَ وَمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ أَتَمَّ الْمُقِيمُونَ وَقَصَرَ الْمُسَافِرُونَ إنْ شَاءُوا فَإِنْ نَوَوْا، أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَنْ يُصَلُّوا أَرْبَعًا كَانُوا كَالْمُقِيمِينَ يُتِمُّونَ بِالنِّيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute