رَكْعَتَيْنِ وَوَصَفَاهُمَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهِ وَخَالَفَنَا غَيْرُكُمْ مِنْ النَّاسِ فَقَالَ: تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ كَصَلَاةِ النَّاسِ وَرَوَى حَدِيثًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ قَوْلِهِ، وَخَالَفَنَا غَيْرُهُمْ مِنْ النَّاسِ فَقَالَ: تُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَاحْتَجَّ عَلَيْنَا بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى فِي زَلْزَلَةٍ رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ وَاحْتَجَّ عَلَيْنَا غَيْرُهُ بِأَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ أَوْ خَمْسٌ وَكَانَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْهِمْ أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ بَعْدَهُ حُجَّةٌ لَوْ جَاءَ عَنْهُ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ وَعَنْ يُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ وَعَنْ الْأَعْرَجِ يُحَدِّثُونَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» فَقُلْنَا: نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهَذَا، وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ فَقَالَ: هُوَ مُدْرِكٌ الْعَصْرَ، وَصَلَاتُهُ الصُّبْحَ فَائِتَةٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ خَرَجَ إلَى وَقْتٍ نَهَى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَكَانَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا نَهَى عَمَّا لَا يَلْزَمُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَهَذِهِ صَلَاةٌ لَازِمَةٌ قَدْ بَيَّنَّهَا وَأَخْبَرَ أَنَّهُ مُدْرِكٌ فِي الْحَالَيْنِ مَعًا أَفَرَأَيْتُمْ لَوْ احْتَجَّ عَلَيْكُمْ رَجُلٌ فَقَالَ: كَيْفَ ثَبَتُّمْ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَحْدَهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَلِمْتُهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ تَرُدُّوهُ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ وَلَا أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قُلْت: مَا كَانَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُغْنِيَ بِهِ عَمَّنْ سِوَاهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنْ الصَّلَاةِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهِ أَفَرَأَيْتُمْ إنْ قَالَ لَنَا قَائِلٌ: إنَّ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ لَمْ يَحْدُثَا بَعْدُ وَلَمْ يَذْهَبَا بَعْدُ فَلَمَّا لَمْ يَأْتِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ أَنَّهُمْ أُمِرُوا بِالْإِبْرَادِ، وَلَمْ تَرْوُوهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَحُضُّ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ وَذَلِكَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ سَوَاءٌ هَلْ الْحُجَّةُ إلَّا ثُبُوتَ هَذَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ حَضَّهُ عَلَى أَوَّلِ الْوَقْتِ لَا يَدْفَعُ أَمْرَهُ بِتَأْخِيرِ الظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرَّةِ، وَلَوْ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُسْتُغْنِيَ فِيهِ بِالْخَبَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ حَمِيدَةَ بِنْتِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ فِي الْهِرَّةِ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ» قَالَ: فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهِ فَقُلْنَا: لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِفَضْلِ الْهِرَّةِ وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فَكَرِهَ الْوُضُوءَ بِفَضْلِهَا وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَرِهَ الْوُضُوءَ بِفَضْلِهَا أَفَرَأَيْتُمْ إنْ قَالَ لَكُمْ قَائِلٌ: حَدِيثُ حَمِيدَةَ عَنْ كَبْشَةَ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَالْهِرَّةُ لَمْ تَزَلْ عِنْدَ النَّاسِ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَحْنُ نُوهِنُهُ بِأَنْ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ مَا يُوَافِقُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إذَا شَرِبَ الْكَلْبُ مِنْ إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ» وَالْكَلْبُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَا الْهِرَّةُ فَلَا أَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا فَهَلْ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ إنْ كَانَتَا مَعْرُوفَتَيْنِ ثَبَتَ حَدِيثُهُمَا، وَأَنَّ الْهِرَّ غَيْرُ الْكَلْبِ الْكَلْبُ نَجَسٌ مَأْمُورٌ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْهُ سَبْعًا، وَلَا نَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهِ وَفِي الْهِرَّةِ حَدِيثٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ فَنَتَوَضَّأُ بِفَضْلِهَا وَنَكْتَفِي بِالْخَبَرِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ بَعْدَهُ قَالَ بِهِ، وَلَا يَكُونُ فِي أَحَدٍ قَالَ بِخِلَافِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُجَّةٌ، وَلَا فِي أَنْ لَمْ يُرْوَ إلَّا مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ الْوَجْهُ مَعْرُوفًا.
(قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute