للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَالِسًا، وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِجُلُوسٍ وَلَمْ يَجْلِسُوا» وَلَوْلَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ صَارُوا إلَى الْجُلُوسِ بِمُتَقَدِّمِ أَمْرِهِ إيَّاهُمْ بِالْجُلُوسِ وَلَوْ ذَهَبَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ لَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ وَقَدْ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ إلَى جَنْبِهِ بِصَلَاتِهِ قَائِمًا وَمَرَضُهُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ آخِرُ فِعْلِهِ وَبَعْدَ سَقَطْته لِأَنَّهُ لَمْ يَرْكَبْ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ بِأَبِي هُوَ وَأُمِّي قُلْت: فَاذْكُرْ الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَيْتَهُ فِي هَذَا فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَرَجَ فِي مَرَضِهِ فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَاسْتَأْخَرَ أَبُو بَكْرٍ فَأَشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ كَمَا أَنْتَ فَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَنْبِ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ مَعْنَاهُ لَا يُخَالِفُهُ وَأَوْضَحَ مِنْهُ قَالَ: وَصَلَّى أَبُو بَكْرٍ إلَى جَنْبِهِ قَائِمًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي الثِّقَةُ كَأَنَّهُ يَعْنِي عَائِشَةَ ثُمَّ ذَكَرَ صَلَاةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ إلَى جَانِبِهِ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِ مَعْنَى حَدِيثِ هِشَامٍ وَعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ: لَا يُصَلِّي أَحَدٌ بِالنَّاسِ جَالِسًا وَنَحْتَجُّ بِأَنَّا رَوَيْنَا عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ هَذَا ثَابِتًا فَلَيْسَ فِيهِ خِلَافٌ لِمَا أَخَذْنَا بِهِ وَلَا مَا تَرَكْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ قُلْت وَلِمَ؟ قَالَ: قَدْ مَرِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيَّامًا وَلَيَالِيَ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ إلَّا صَلَاةً وَاحِدَةً، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي أَيَّامِهِ تِلْكَ، وَصَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ مَرَّةً لَا تَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ صَلَّى أَبُو بَكْرٍ غَيْرَ تِلْكَ الصَّلَاةِ بِالنَّاسِ مَرَّةً وَمَرَّاتٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ مَرَّةً وَمَرَّاتٍ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى خَلْفَهُ أَبُو بَكْرٍ أُخْرَى كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ عُمْرِهِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَقَدْ ذَهَبْنَا إلَى تَوْهِينِ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِحَدِيثِ رَبِيعَةَ قَالَ: فَإِنَّمَا ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ لِجَهَالَتِكُمْ بِالْحَدِيثِ وَالْحُجَجِ، حَدِيثُ رَبِيعَةَ مُرْسَلٌ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ وَنَحْنُ لَمْ نُثْبِتْ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ حَتَّى أَسْنَدَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَالْأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوَافَقَهُ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ فَكَيْفَ احْتَجَجْتُمْ بِمَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ثَبَتَ؟ وَهُوَ إذَا ثَبَتَ حَتَّى يَكُونَ أَثْبَتَ حَدِيثٍ يَكُونُ كَمَا وَصَفْت لَا يُخَالِفُ حَدِيثَ عُرْوَةَ وَلَا أَنَسٍ وَلَا مُوَافِقَهُ وَلَا بِمَعْنًى فَيُوهِنُ حَدِيثَنَا، وَهَذَا مِنْكُمْ جَهَالَةٌ بِالْحَدِيثِ وَبِالْحُجَّةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَوْ رَأَيْت إذْ جَهِلْتُمْ الْحَدِيثَ وَالْحُجَّةَ فَلَوْ كَانَ حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي بَكْرٍ غَيْرَ ثَابِتٍ فَيَكُونُ نَاسِخًا لِحَدِيثِ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ بِأَمْرِهِ إذَا صَلَّى جَالِسًا يُصَلِّي مَنْ خَلْفَهُ جُلُوسًا أَمَا كُنْتُمْ خَالَفْتُمْ حَدِيثَيْنِ ثَابِتَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى غَيْرِ حَدِيثٍ ثَابِتٍ عَنْهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ خِلَافُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا إلَى حَدِيثٍ عَنْهُ يَنْسَخُ حَدِيثَهُ الَّذِي خَالَفَهُ إلَيْهِ، أَوْ يَكُونُ أَثْبَتَ مِنْهُ؟ فَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ حَدِيثُ هِشَامٍ حَتَّى يَكُونَ نَاسِخًا لِلْحَدِيثَيْنِ لَزِمَكُمْ أَنْ تَأْمُرُوا مَنْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ قَائِمًا أَنْ يَجْلِسَ إذَا جَلَسَ كَمَا رَوَى أَنَسٌ وَعَائِشَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ هِشَامٍ نَاسِخًا فَقَدْ خَالَفْتُمْ النَّاسِخَ وَالْمَنْسُوخَ إلَى قَوْلِ أَنْفُسِكُمْ وَخِلَافُ السُّنَّةِ ضَيِّقٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَهَلْ خَالَفَك فِي هَذَا غَيْرُنَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ بَعْضُ النَّاسِ رَوَى عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُؤَمَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا» قُلْت: فَمَا كَانَتْ حُجَّتُك عَلَيْهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: قَدْ عَلِمَ الَّذِي احْتَجَّ بِهَذَا أَنْ لَيْسَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، وَأَنَّ هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ بِحَالٍ عَلَى شَيْءٍ، وَلَوْ لَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ فَقُلْت

<<  <  ج: ص:  >  >>