للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا مِنْ بَنِي وَائِلٍ يَقُولُ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ إلَّا امْرَأَةً، أَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَمْلُوكًا» (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ مِنْ بَالِغٍ حُرٍّ لَا عُذْرَ لَهُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَالْعُذْرُ الْمَرَضُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى شُهُودِ الْجُمُعَةِ إلَّا بِأَنْ يَزِيدَ فِي مَرَضِهِ، أَوْ يَبْلُغَ بِهِ مَشَقَّةً غَيْرَ مُحْتَمَلَةٍ، أَوْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ، أَوْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ بِالْغَلَبَةِ، أَوْ يَمُوتَ بَعْضُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِ مِنْ قَرَابَةٍ، أَوْ ذِي آصِرَةٍ مِنْ صِهْرٍ، أَوْ مَوَدَّةٍ، أَوْ مَنْ يَحْتَسِبُ فِي وِلَايَةِ أَمْرِهِ الْأَجْرَ فَإِنْ كَانَ هَذَا فَلَهُ تَرْكُ الْجُمُعَةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ مَرِضَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَرَآهُ مَنْزُولًا بِهِ وَخَافَ فَوْتَ نَفْسِهِ فَلَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِهِ وَكَانَ ضَائِعًا لَا قَيِّمَ لَهُ غَيْرُهُ، أَوْ لَهُ قَيِّمٌ غَيْرُهُ لَهُ شُغْلٌ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ عَنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ، (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ دُعِيَ وَهُوَ يَسْتَحِمُّ لِلْجُمَعَةِ لِسَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَهُوَ يَمُوتُ فَأَتَاهُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ، (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ أَصَابَهُ غَرَقٌ، أَوْ حَرْقٌ، أَوْ سُرِقَ وَكَانَ يَرْجُو فِي تَخَلُّفِهِ عَنْ الْجُمُعَةِ دَفْعَ ذَلِكَ، أَوْ تَدَارُكَ شَيْءٍ فَلَتَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَدَعَ لَهُ الْجُمُعَةَ وَكَذَلِكَ إنْ ضَلَّ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ مَالٌ مِنْ رَقِيقٍ، أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَرَجَا فِي تَخَلُّفِهِ تَدَارُكَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ خَائِفًا إذَا خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَحْبِسُهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فِي دَمٍ، أَوْ حَدٍّ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا الْهَرَبُ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ يَرْجُو أَنْ يَدْفَعَ الْحَدَّ بِعَفْوٍ، أَوْ قِصَاصٍ، أَوْ بِصُلْحٍ فَأَرْجُو أَنْ يَسَعَهُ ذَلِكَ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ تَغَيُّبُهُ عَنْ غَرِيمٍ لِعُسْرَةٍ وَسِعَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِقَضَاءِ دَيْنِهِ لَمْ يَسَعْهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ خَوْفَ الْحَبْسِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ يُرِيدُ سَفَرًا لَمْ أُحِبَّ لَهُ فِي الِاخْتِيَارِ أَنْ يُسَافِرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ قَبْلَ الْفَجْرِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا قَدْ أَجْمَعَ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَمِثْلُ الْمُقِيمِ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَلَا يُحْرَجُ عِنْدِي بِالتَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَهُ أَنْ يَسِيرَ وَلَا يَحْضُرَ الْجُمُعَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَبْصَرَ رَجُلًا عَلَيْهِ هَيْئَةُ السَّفَرِ وَهُوَ يَقُولُ لَوْلَا أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لَخَرَجْت فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَاخْرُجْ فَإِنَّ الْجُمُعَةَ لَا تَحْبِسُ عَنْ سَفَرٍ.

(قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ عَلَى الْمُسَافِرِ أَنْ يَمُرَّ بِبَلَدٍ جَمَعَهُ إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِيهِ مُقَامَ أَرْبَعٍ فَتَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَتْ فِي مُقَامِهِ وَإِذَا لَزِمَتْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ حَتَّى يَجْمَعَ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَلَيْسَ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِينَ وَلَا عَلَى النِّسَاءِ وَلَا عَلَى الْعَبِيدِ جُمُعَةٌ وَأُحِبُّ لِلْعَبِيدِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ أَنْ يَجْمَعُوا وَلِلْعَجَائِزِ إذَا أُذِنَ لَهُمْ وَلِلْغِلْمَانِ وَلَا أَعْلَمُ مِنْهُمْ أَحَدًا يُحْرَجُ بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ بِحَالٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَسَائِرُ الْعَبِيدِ فِي هَذَا سَوَاءٌ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أُعْتِقَ بَعْضُ الْعَبْدِ فَكَانَتْ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِهِ الَّذِي يُتْرَكُ فِيهِ لِنَفْسِهِ لَمْ أُرَخِّصْ لَهُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَإِنْ تَرَكَهَا لَمْ أَقُلْ لَهُ إنَّهُ يُحْرَجُ كَمَا يُحْرَجُ الْحُرُّ لَوْ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لِلْحُرِّ بِكُلِّ حَالٍ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَهَذَا قَدْ يَأْتِي عَلَيْهِ أَحْوَالٌ لَا تَلْزَمُهُ فِيهَا لِلرِّقِّ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ قُلْت لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِ مِنْ الْأَحْرَارِ لِلْعُذْرِ بِالْحَبْسِ، أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْبَالِغِينَ وَالْمَمَالِيكِ فَإِذَا شَهِدَ الْجُمُعَةَ صَلَّاهَا رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا أَدْرَكَ مِنْهَا رَكْعَةً أَضَافَ إلَيْهَا أُخْرَى وَأَجْزَأَتْهُ عَنْ الْجُمُعَةِ (قَالَ: الشَّافِعِيُّ): وَإِنَّمَا قِيلَ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - لَا يُحْرَجُونَ بِتَرْكِهَا كَمَا يَكُونُ الْمَرْءُ فَقِيرًا لَا يَجِدُ مَرْكَبًا وَزَادًا فَيَتَكَلَّفُ الْمَشْيَ وَالتَّوَصُّلَ بِالْعَمَلِ فِي الطَّرِيقِ وَالْمَسْأَلَةِ فَيَحُجُّ فَيَجْزِي عَنْهُ، أَوْ يَكُونُ كَبِيرًا لَا يَقْدِرُ عَلَى الرُّكُوبِ فَيَتَحَامَلُ عَلَى أَنْ يَرْبِطَ عَلَى دَابَّةٍ فَيَكُونُ لَهُ حَجٌّ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مُسَافِرًا، أَوْ مَرِيضًا مَعْذُورًا بِتَرْكِ الصَّوْمِ فَيَصُومُ فَيَجْزِي عَنْهُ لَيْسَ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ لَا يُكْتَبُ لَهُ أَجْرُ مَا عَمِلَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>