للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ قَالَ نَعَمْ قُلْت زَعَمْت أَنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا قَطُّ فِي مَجْلِسٍ عَلِمْته وَإِنَّمَا اسْتَدْلَلْت عَلَى إجْمَاعِهِمْ بِنَقْلِ الْخَبَرِ عَنْهُمْ وَأَنَّك لَمَّا وَجَدْتهمْ يَقُولُونَ فِي الْأَشْيَاءِ وَلَا تَجِدُ فِيهَا كِتَابًا وَلَا سُنَّةً اسْتَدْلَلْت عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا بِهَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَقُلْت الْقِيَاسُ الْعِلْمُ الثَّابِتُ الَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهُ حَقٌّ قَالَ هَكَذَا قُلْت وَقُلْت لَهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونُوا قَالُوا مَا لَمْ تَجِدْهُ أَنْتَ فِي كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَمَا يَرَوْنَ لَمْ يَذْكُرُوهُ وَقَالُوا بِالرَّأْيِ دُونَ الْقِيَاسِ قَالَ إنَّ هَذَا وَإِنْ أَمْكَنَ عَلَيْهِمْ فَلَا أَظُنُّ بِهِمْ أَنَّهُمْ عَلِمُوا شَيْئًا فَتَرَكُوا ذِكْرَهُ وَلَا أَنَّهُمْ قَالُوا إلَّا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ فَقُلْت لَهُ لِأَنَّك وَجَدْت أَقَاوِيلَهُمْ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ ذَهَبُوا إلَى أَنَّ الْقِيَاسَ لَازِمٌ لَهُمْ أَوْ إنَّمَا هَذَا شَيْءٌ ظَنَنْته لِأَنَّهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَقُلْت لَهُ فَلَعَلَّ الْقِيَاسَ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُمْ مَحَلَّهُ عِنْدَك قَالَ مَا أَرَى إلَّا مَا وَصَفْت لَك فَقُلْت لَهُ هَذَا الَّذِي رَوَيْته عَنْهُمْ مِنْ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ تَوَهُّمٌ، ثُمَّ جَعَلْت التَّوَهُّمَ حُجَّةً قَالَ فَمِنْ أَيْنَ أَخَذْت الْقِيَاسَ أَنْتَ وَمَنَعْت أَنْ لَا يُقَالَ إلَّا بِهِ؟ قُلْت مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي أَخَذْته مِنْهَا وَقَدْ كَتَبْته فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَقُلْت أَرَأَيْت الَّذِينَ نَقَلُوا لَك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا فِيمَا تَجِدُ أَنْتَ فِيهِ خَيْرًا فَتَوَهَّمْت أَنَّهُمْ قَالُوهُ قِيَاسًا وَقُلْت إذَا وَجَدْت أَفْعَالَهُمْ مُجْتَمَعَةً عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى إجْمَاعِهِمْ أَنَقَلُوا إلَيْك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ الْمُنْفَرِدِ فَرَوَى أَبُو الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ مِنْ الْأُمَّةِ وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي الصَّرْفِ شَيْئًا فَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ مِنْ الْأُمَّةِ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُخَابَرَةِ شَيْئًا وَأَخَذَ بِهِ وَلَهُ فِيهِ مُخَالِفُونَ وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْيَاءَ أَخَذَ بِهَا وَلَهُ فِيهَا مُخَالِفُونَ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَبْلَ الْيَوْمِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ رَجُلٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْيَاءَ أَخَذَ بِهَا وَلَهُ فِيهَا مُخَالِفُونَ مِنْ النَّاسِ الْيَوْمَ وَقَبْلَ الْيَوْمِ وَرَوَوْا لَك عَنْهُمْ أَنَّهُمْ عَاشُوا يَقُولُونَ بِأَقَاوِيلَ يُخَالِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهَا قَضَاءَ صَاحِبِهِ وَكَانُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا قَالَ نَعَمْ قَدْ رَوَوْا هَذَا عَنْهُمْ فَقُلْت لَهُ فَهَؤُلَاءِ جَعَلْتَهُمْ أَئِمَّةً فِي الدِّينِ وَزَعَمْت أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ فِعْلِهِمْ مَجْمَعًا عَلَيْهِ لَزِمَ الْعَامَّةَ الْأَخْذُ بِهِ وَرَوَيْت عَنْهُمْ سُنَنًا شَتَّى وَذَلِكَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْخَبَرَ عَلَى الِانْفِرَادِ وَتَوَسُّعُهُمْ فِي الِاخْتِلَافِ

، ثُمَّ عِبْت مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ لَا شَكَّ فِيهِ وَخَالَفْتَهُمْ فِيهِ فَقُلْت لَا يَنْبَغِي قَبُولُ الْخَبَرِ عَلَى الِانْفِرَادِ وَلَا يَنْبَغِي الِاخْتِلَافُ وَتَوَهَّمْت عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَاسُوا فَزَعَمْت أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَعَ الْقِيَاسَ وَلَا يَقُولُ إلَّا بِمَا يَعْرِفُ أَنَّ قَوْلَك الْإِجْمَاعَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ بِهَذَا وَبِأَنَّك زَعَمْت أَنَّهُمْ لَا يَسْكُتُونَ عَلَى شَيْءٍ عَلِمُوهُ وَقَدْ مَاتُوا لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ الْإِجْمَاعُ عَلِمْنَاهُ وَالْإِجْمَاعُ أَكْثَرُ الْعِلْمِ لَوْ كَانَ حَيْثُ ادَّعَيْته أَوْ مَا كَفَاك عَيْبُ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعْوَى الْإِجْمَاعِ إلَّا فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أَحَدٌ إلَّا عَنْ أَهْلِ زَمَانِك هَذَا فَقَالَ فَقَدْ ادَّعَاهُ بَعْضُهُمْ قُلْت أَفَحَمِدْت مَا ادَّعَى مِنْهُ قَالَ لَا قُلْت فَكَيْفَ صِرْت إلَى أَنْ تَدْخُلَ فِيمَا ذَمَمْت فِي أَكْثَرَ مِمَّا عِبْت أَلَا تَسْتَدِلُّ مِنْ طَرِيقِك أَنَّ الْإِجْمَاعَ هُوَ تَرْكُ ادِّعَاءِ الْإِجْمَاعِ وَلَا تُحْسِنُ النَّظَرَ لِنَفْسِك إذَا قُلْت هَذَا إجْمَاعٌ فَيُوجَدُ سِوَاك مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَقُولُ لَك مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَكُونَ هَذَا إجْمَاعًا بَلْ فِيمَا ادَّعَيْت أَنَّهُ إجْمَاعٌ اخْتِلَافٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي بَلَدٍ أَوْ أَكْثَرَ مَنْ يَحْكِي لَنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْبُلْدَانِ قَالَ وَقُلْت لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْهُمْ نَصِيرُ بِك إلَى الْمَسْأَلَةِ عَمَّا لَزِمَ لَنَا وَلَك مِنْ هَذَا قَالَ وَمَا هُوَ؟ قُلْت: أَفَرَأَيْت سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَيِّ شَيْءٍ تَثْبُتُ.

قَالَ أَقُولُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ الَّذِي قَالَهُ لَك صَاحِبُنَا.

فَقُلْت: مَا هُوَ؟ قَالَ زَعَمَ أَنَّهَا تَثْبُتُ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ وُجُوهٍ.

قُلْت فَاذْكُرْ الْأَوَّلَ مِنْهَا قَالَ خَبَرُ الْعَامَّةِ عَنْ الْعَامَّةِ قُلْت أَكَقَوْلِكُمْ الْأَوَّلِ مِثْلُ أَنَّ الظُّهْرَ أَرْبَعٌ؟ قَالَ نَعَمْ.

فَقُلْت هَذَا مِمَّا لَا يُخَالِفُك فِيهِ أَحَدٌ عَلِمْته فَمَا الْوَجْهُ الثَّانِي؟ قَالَ تَوَاتُرُ الْأَخْبَارِ؟ فَقُلْت لَهُ حَدِّدْ لِي تَوَاتُرَ الْأَخْبَارِ بِأَقَلَّ مِمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>