للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ}

، ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَى نَبِيِّهِ أَنْ قَدْ غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ قَبْلَ الْوَحْيِ وَمَا تَأَخَّرَ أَنْ يَعْصِمَهُ فَلَا يُذْنِبُ فَعَلِمَ مَا يَفْعَلُ بِهِ مِنْ رِضَاهُ عَنْهُ وَأَنَّهُ أَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَيِّدُ الْخَلَائِقِ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} «وَجَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فِي امْرَأَةِ رَجُلٍ رَمَاهَا بِالزِّنَا فَقَالَ لَهُ يُرْجَمُ فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ آيَةَ اللِّعَانِ فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا» وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} وَقَالَ {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} الْآيَةَ وَقَالَ لِنَبِيِّهِ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا - فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} فَحَجَبَ عَنْ نَبِيِّهِ عِلْمَ السَّاعَةِ وَكَانَ مَنْ جَاوَرَ مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَاءَهُ الْمُصْطَفِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَقْصَرَ عِلْمًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ طَاعَةَ نَبِيِّهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ بَعْدُ مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا وَأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَاطَوْا حُكْمًا عَلَى غَيْبِ أَحَدٍ لَا بِدَلَالَةٍ وَلَا ظَنٍّ لِتَقْصِيرِ عِلْمِهِمْ عَنْ عِلْمِ أَنْبِيَائِهِ الَّذِينَ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ الْوَقْفَ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَأْتِيَنَّهُمْ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ظَاهَرَ عَلَيْهِمْ الْحُجَجَ فِيمَا جَعَلَ إلَيْهِمْ مِنْ الْحُكْمِ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ لَا يَحْكُمُوا إلَّا بِمَا ظَهَرَ مِنْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ وَأَنْ لَا يُجَاوِزُوا أَحْسَنَ ظَاهِرِهِ فَفَرَضَ عَلَى نَبِيِّهِ أَنْ يُقَاتِلَ أَهْلَ الْأَوْثَانِ حَتَّى يُسْلِمُوا وَأَنْ يَحْقِنَ دِمَاءَهُمْ إذَا أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ

، ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ

، ثُمَّ رَسُولُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ سَرَائِرَهُمْ فِي صِدْقِهِمْ بِالْإِسْلَامِ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ} (قَرَأَ الرَّبِيعُ) إلَى قَوْلِهِ {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِصِدْقِهِنَّ بِإِيمَانِهِنَّ قَالَ {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} يَعْنِي مَا أَمَرَتْكُمْ أَنْ تَحْكُمُوا بِهِ فِيهِنَّ إذَا أَظْهَرْنَ الْإِيمَانَ لِأَنَّكُمْ لَا تَعْلَمُونَ مِنْ صِدْقِهِنَّ بِالْإِيمَانِ مَا يَعْلَمُ اللَّهُ فَاحْكُمُوا لَهُنَّ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ فِي أَنْ لَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (قَالَ الشَّافِعِيُّ):

، ثُمَّ أَطْلَعَ اللَّهُ رَسُولَهُ عَلَى قَوْمٍ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُسِرُّونَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا بِخِلَافِ مَا أَظْهَرُوا فَقَالَ لِنَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} الْآيَةَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَسْلَمْنَا يَعْنِي أَسْلَمْنَا بِالْقَوْلِ بِالْإِيمَانِ مَخَافَةَ الْقَتْلِ وَالسِّبَاءِ

، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَجْزِيهِمْ إنْ أَطَاعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَعْنِي إنْ أَحْدَثُوا طَاعَةَ رَسُولِهِ وَقَالَ لَهُ فِي الْمُنَافِقِينَ وَهُمْ صِنْفٌ ثَانٍ {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إِلَى {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} يَعْنِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَيْمَانَهُمْ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُمْ مِنْ الشِّرْكِ بَعْدَ إظْهَارِ الْإِيمَانِ جُنَّةً مِنْ الْقَتْلِ وَقَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} الْآيَةَ فَأَمَرَ بِقَبُولِ مَا أَظْهَرُوا وَلَمْ يَجْعَلْ لِنَبِيِّهِ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِمْ خِلَافَ حُكْمِ الْإِيمَانِ، وَكَذَلِكَ حُكْمُ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ بِحُكْمِ الْإِيمَانِ وَهُمْ يُعْرَفُونَ أَوْ بَعْضُهُمْ بِأَعْيَانِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ تَقُومُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِقَوْلِ الْكُفْرِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّلَالَةُ فِي أَفْعَالِهِ فَإِذَا أَظْهَرُوا التَّوْبَةَ مِنْهُ وَالْقَوْلَ بِالْإِيمَانِ حُقِنَتْ عَلَيْهِمْ دِمَاؤُهُمْ وَجَمَعَهُمْ ذِكْرُ الْإِسْلَامِ وَقَدْ أَعْلَمَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ فَقَالَ {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} فَجَعَلَ حُكْمَهُ عَلَيْهِمْ جَلَّ وَعَزَّ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَحُكْمَ نَبِيِّهِ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا عَلَى عَلَانِيَتِهِمْ بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ وَمَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ وَمَا أَقَرُّوا بِقَوْلِهِ وَمَا جَحَدُوا مِنْ قَوْلِ الْكُفْرِ مِمَّا لَمْ يُقِرُّوا بِهِ وَلَمْ تَقُمْ بِهِ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْ كَذَّبَهُمْ عَلَى قَوْلِهِمْ فِي كُلٍّ، وَكَذَلِكَ أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ «أَنَّ رَجُلًا سَارَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نَدْرِ مَا سَارَّهُ حَتَّى جَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا هُوَ يُشَاوِرُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَيْسَ

<<  <  ج: ص:  >  >>