قَالَ تَكُونُ فِيهِ الدِّيَةُ أَخْبَرَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ قَالَ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا دَخَلَ خَطَأٌ فِي عَمْدٍ فَهِيَ دِيَةٌ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): إذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الْبَالِغُ وَالصَّبِيُّ مَعَهُ أَوْ الْمَجْنُونُ مَعَهُ رَجُلًا وَكَانَ الْقَتْلُ مِنْهُمَا جَمِيعًا عَمْدًا فَلَا يَجُوزُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَنْ قَتَلَ اثْنَيْنِ بَالِغَيْنِ قَتَلَا رَجُلًا عَمْدًا بِرَجُلٍ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ الرَّجُلَ وَيَجْعَلَ نِصْفَ الدِّيَةِ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَأَصْلُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْقَتْلِ فَإِذَا كَانَ عَمْدًا كُلُّهُ لَا يُخَالِطُهُ خَطَأٌ فَاشْتَرَكَ فِيهِ اثْنَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ الْقَوَدُ مِنْهُمْ أُقِيدَ مِنْهُ وَمَنْ زَالَ عَنْهُ الْقَوَدُ أَزَالَهُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ (قَالَ الرَّبِيعُ) تَرَكَ الشَّافِعِيُّ الْعَاقِلَةَ لِأَنَّهُ عَمْدٌ عِنْدَهُ وَلَكِنَّهُ مَطْرُوحٌ عَنْهُ لِلصِّغَرِ وَالْجُنُونِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا يُشْبِهُ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ الرَّجُلَانِ يَقْتُلَانِ الرَّجُلَ عَمْدًا فَيَعْفُو الْوَلِيُّ عَنْ أَحَدِهِمَا أَوْ يُصَالِحُهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ سَبِيلٌ عَلَى الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَلَا الْمُصَالَحِ وَيَكُونُ لَهُ السَّبِيلُ عَلَى الَّذِي لَمْ يَعْفُ عَنْهُ فَيَقْتُلُهُ فَيَأْخُذُ مِنْ أَحَدِ الْقَاتِلَيْنِ بَعْضَ الدِّيَةِ أَوْ يَعْفُو عَنْهُ وَيَقْتُلُ الْآخَرَ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَهَذَانِ كَانَ عَلَيْهِمَا الْقَوَدُ فَزَالَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِإِزَالَةِ الْوَلِيِّ قِيلَ لَهُ أَفَرَأَيْت إنْ أَزَالَهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ أَزَالَ عَنْ غَيْرِهِ؟، فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ وَفِعْلُهُمَا وَاحِدٌ، فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ وَيْحُكُمْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حُكْمَ نَفْسِهِ لَا حُكْمَ غَيْرِهِ، فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قِيلَ فَإِذَا كَانَ هَذَا عِنْدَك هَكَذَا فِي هَذَيْنِ فَكَيْفَ إذَا قَتَلَ الرَّجُلَانِ الرَّجُلَ عَمْدًا وَأَحَدُ الْقَاتِلَيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَالْآخَرُ مِمَّنْ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ كَيْفَ لَمْ تَقِدْ مِنْ الَّذِي عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَتَأْخُذُ الدِّيَةَ مِنْ الَّذِي لَا قَوَدَ عَلَيْهِ مِثْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْأَبِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُقَالُ لَهُ إنْ كُنْت إنَّمَا رَفَعْت الْقَوَدَ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ يَقْتُلَانِ الرَّجُلَ وَمَعَهُمَا عَاقِلٌ مِنْ قَبِلَ أَنَّ الْقَلَمَ مَرْفُوعٌ عَنْهُمَا فَحَكَمْت بِأَنَّ أَحَدَهُمَا خَطَأٌ فَقَدْ تَرَكْت هَذَا الْأَصْلَ فِي الرَّجُلِ الْمُسْتَأْمَنِ يَقْتُلُهُ مُسْلِمٌ وَمُسْتَأْمَنٌ إذَا كُنْت تَحْكُمُ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ وَتَجْعَلُ عَلَى الْمُسْلِمِ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ رَأَيْت أَبَا رَجُلٍ وَرَجُلًا أَجْنَبِيًّا قَتَلَا رَجُلًا لَمْ تَقْتُلْ الْأَجْنَبِيَّ وَتَجْعَلْ عَلَى الْأَبِ نِصْفَ الدِّيَةِ إذَا كَانَ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يَعْقِلُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَلَا يَكُونُ الْقَلَمُ عَنْهُ مَرْفُوعًا وَتَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَتَجْعَلُ عَمْدَهُ عَمْدًا لَا خَطَأً وَتُفَرِّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْمَعْتُوهِ فَتَزْعُمُ أَنَّ عَمْدَ أُولَئِكَ خَطَأٌ وَأَنَّ عَمْدَهُمَا عَلَى عَاقِلَتِهِمَا فَمَا الْحُجَّةُ فِي أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ مَا فَرَّقْت بَيْنَهُ؟، فَإِنْ زَعَمَ أَنْ حُجَّتَهُ أَنَّ عَمْدَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ خَطَأٌ تَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهُ وَعَمْدَ الْأَبِ يَقْتُلُ ابْنَهُ مَعَهُ غَيْرُهُ أَوْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ عَمْدٌ يَزُولُ عَنْهُ الْقَوَدُ لِمَعْنًى فِيهِ وَيَجْعَلُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ، وَكَذَلِكَ عَمْدُ الْمُسْتَأْمَنِ يَقْتُلُ الْمُسْتَأْمَنَ مَعَ الْمُسْلِمِ إذَا حَكَمَ عَلَيْهِ فَإِذَا زَعَمَ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا شَرِكَ الْأَبَ وَالْمُسْتَأْمَنَ إذَا شَرِكَ الْمُسْلِمَ فِي الْقَتْلِ قُتِلَ الَّذِي عَلَيْهِ الْقَوَدُ فَقَدْ تَرَكَ الْأَصْلَ الَّذِي إلَيْهِ ذَهَبَ فَأَمَّا مَا أُدْخِلَ عَلَى أَصْحَابِنَا فَأَكْثَرُهُ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الرَّجُلِ تُقْطَعُ يَدُهُ فِي الْحَدِّ أَوْ الْقِصَاصِ
، ثُمَّ يَقْطَعُ آخَرُ رِجْلَهُ فَيَمُوتُ هَذَا لَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَاتَ مِنْ جِنَايَةِ حَقٍّ وَجِنَايَةِ بَاطِلٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مِنْ قَطْعِ الْيَدِ لَمْ يَكُنْ لَهُ دِيَةٌ لِأَنَّ يَدَهُ قُطِعَتْ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا كَانَ لِلْإِبَاحَةِ فِيهِ مَوْضِعٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْتَلَ بِهِ مَنْ قَتَلَهُ وَقَتْلُهُ غَيْرُ مُنْفَرِدٍ بِهِ وَلَا شَرِكَةَ فِيهِ بِتَعَدٍّ وَعَلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا قَوَدَ قَالَ، وَكَذَلِكَ لَوْ ضَرَبَهُ السَّبُعُ فَجَرَحَهُ وَضَرَبَهُ آخَرُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَوَدٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ جِنَايَةَ السَّبُعِ لَا عَقْلَ فِيهَا وَلَا قَوَدَ فَأَمَّا جِنَايَةُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ فَثَابِتَةٌ عَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَكُنْ بِقَوَدٍ فَبِعَقْلٍ وَإِذَا كَانَتْ جِنَايَتُهُمَا غَيْرَ لَغْوٍ وَالنَّفْسُ مَقْتُولَةً قَتْلَ عَمْدٍ وَمِنْ قَوْلِهِ أَنْ تُقْتَلَ الْعَشَرَةُ بِوَاحِدٍ إذَا قَتَلُوهُ عَمْدًا وَيَجْعَلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَأَنَّهُ قَاتِلٌ عَلَى الِانْفِرَادِ حَتَّى لَوْ أَزَالَ الْقَوَدَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَخَذَ الْقَوَدَ مِنْ الْبَاقِينَ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَتْلِ كَانَ عَمْدًا فَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لَمْ يُقْتَلْ، فَإِنْ قَالَ فَقَتْلُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ خَطَأٌ قِيلَ لَهُ هَذَا مُحَالٌ أَنْ تَزْعُمَ أَنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ عَمْدٌ وَلَكِنْ قَدْ كَانَتْ فِيهِمَا عِلَّةٌ يُمْنَعُ بِهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ أَجْعَلُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا أَجْعَلُ خَطَأَهُ قِيلَ وَهَذَا إنْ رُدَّ عَلَيْك وَجُعِلَ فِي أَمْوَالِهِمَا لَمْ تَجِدْ فِيهِ حُجَّةً وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ كَانَتْ عَلَيْك فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ ابْنَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute