أُحْرِزَتْ وَعَاشَ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ وَهُوَ يَزْعُمُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنَّ لَهُ سَهْمًا فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَقَدْ خَالَفَهُ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَنِيمَةَ وَأَعْطَى عُبَيْدَةَ سَهْمَهُ وَهُوَ حَيٌّ وَلَمْ يَمُتْ عُبَيْدَةُ إلَّا بَعْدَ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ فَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ وَلِطَلْحَةِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَقَدْ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَسْهَمَ لِسَبْعَةٍ أَوْ ثَمَانِيَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لَمْ يَشْهَدُوا بَدْرًا وَإِنَّمَا نَزَلَ تَخْمِيسُ الْغَنِيمَةِ نَفَلُ الْأَرْبَعَةِ الْأَسْهُمِ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قِيلَ أَعْطَاهُمْ مِنْ سَهْمِهِ كَسُهْمَانِ مَنْ شَهِدَ فَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْمُتَظَاهِرَةُ عِنْدَنَا فَكَمَا وَصَفْت قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} فَكَانَتْ غَنَائِمُ بَدْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَضَعُهَا حَيْثُ شَاءَ وَإِنَّمَا نَزَلَتْ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى} بَعْد بَدْرٍ عَلَى مَا وَصَفْت لَك يَرْفَعُ خُمُسَهَا وَيُقَسِّمُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا وَافِرًا عَلَى مَنْ حَضَرَ الْحَرْبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا السَّلَبَ فَإِنَّهُ سُنَّ أَنَّهُ لِلْقَاتِلِ فِي الْإِقْبَالِ فَكَانَ السَّلَبُ خَارِجًا مِنْهُ وَإِلَّا الصَّفِيَّ فَإِنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ كَانَ يَأْخُذُهُ مِنْ سَهْمِهِ مِنْ الْخُمُسِ وَإِلَّا الْبَالِغِينَ مِنْ السَّبْيِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّ فِيهِمْ سُنَنًا فَقَتَلَ بَعْضَهُمْ وَفَادَى بِبَعْضِهِمْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ فَالْإِمَامُ فِي الْبَالِغِينَ مِنْ السَّبْيِ مُخَيَّرٌ فِيمَا حَكَيْت أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّهُ فِيهِمْ فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ فِدْيَةً فَسَبِيلُهَا سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ اسْتَرَقَّ مِنْهُمْ أَحَدًا فَسَبِيلُ الْمَرْقُوقِ سَبِيلُ الْغَنِيمَةِ وَإِنْ أَقَادَ بِهِمْ بِقَتْلٍ أَوْ فَادَى بِهِمْ أَسِيرًا مُسْلِمًا فَقَدْ خَرَجُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ وَذَلِكَ كُلُّهُ كَمَا وَصَفْت وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي سَبْيِ هَوَازِنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَوْهَبَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَكَمَا قَالَ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُسْلِمُ كَالْمُسْلِمِينَ حُقُوقَهُمْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا طَابُوا عَنْهُ أَنْفُسًا وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضَمِنَ سِتَّ فَرَائِضَ بِكُلِّ سَبْيٍ شَحَّ بِهِ صَاحِبُهُ فَكَمَا قَالَ وَلَمْ يُكْرِهْهُمْ عَلَى أَنْ يَحْتَالُوا عَلَيْهِ بِسِتِّ فَرَائِضِ إنَّمَا أَعْطَاهُمْ إيَّاهَا ثَمَنًا عَنْ رِضًا مِمَّنْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَرْضَ عُيَيْنَةُ فَأَخَذَ عَجُوزًا وَقَالَ أُعَيِّرُ بِهَا هَوَازِنَ فَمَا أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ حَتَّى قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ خَدَعَهُ عَنْهَا أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَك فَوَاَللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتهَا مَا ثَدْيُهَا بِنَاهِدٍ وَلَا بَطْنُهَا بِوَالِدٍ وَلَا جَدُّهَا بِمَاجِدٍ فَقَالَ حَقًّا مَا تَقُولُ؟.
قَالَ إي وَاَللَّهِ قَالَ فَأَبْعَدَهَا اللَّهُ وَأَبَاهَا وَلَمْ يَأْخُذْ بِهَا عِوَضًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً فَهَذَا غَيْرُ ثَابِتٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ فِيمَا أَمَرَ بِهِ أَنْ لَا يَرْوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا مِنْ الثِّقَاتِ وَقَدْ أَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْعَ الْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَاسْتَسْلَفَ بَعِيرًا وَقَضَى مِثْلَهُ وَإِذَا زَعَمَ أَنَّ الْحَيَوَانَ لَا يَجُوزُ نَسِيئَةً لِأَنَّهُ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَلَا يُذْرَعُ وَلَا يُعْلَمُ إلَّا بِصِفَةٍ وَقَدْ تَقَعُ الصِّفَةُ عَلَى الْبَعِيرَيْنِ وَهُمَا مُتَفَاوِتَانِ فَهُوَ مَحْجُوجٌ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يُجِيزُ الْحَيَوَانُ نَسِيئَةً فِي الْكِتَابَةِ وَمَهْرِ النِّسَاءِ وَالدِّيَاتِ وَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا فِي الدِّيَاتِ بِصِفَةٍ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ فَقَدْ أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَسِيئَةً فَكَيْفَ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يُجِيزُهَا نَسِيئَةً وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجَازُوهَا فِي الْكِتَابَةِ وَمُهُورِ النِّسَاءِ نَسِيئَةً فَقَدْ رَغِبَ عَمَّا أَجَازَ الْمُسْلِمُونَ وَدَخَلَ بَعْضُهُمْ فِيهِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يُمْسِكَنَّ النَّاسُ عَلَيَّ بِشَيْءٍ فَإِنِّي لَا أُحِلُّ لَهُمْ إلَّا مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَا أُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ إلَّا مَا حَرَّمَ اللَّهُ» فَمَا أَحَلَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا قَطُّ فِيهِ حُكْمٌ إلَّا بِمَا أَحَلَّهُ اللَّهُ بِهِ وَكَذَلِكَ مَا حَرَّمَ شَيْئًا قَطُّ فِيهِ حُكْمٌ إلَّا بِمَا حَرَّمَ بِذَلِكَ أَمْرٌ وَكَذَلِكَ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فَفَرَضَ عَلَيْهِ الِاسْتِمْسَاكَ بِمَا أُوحِيَ إلَيْهِ وَشَهِدَ لَهُ أَنَّهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَكَذَلِكَ قَالَ {وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فَأَخْبَرَ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَشَهِدَ لَهُ بِأَنَّهُ هَادٍ مُهْتَدٍ.
وَكَذَلِكَ يَشْهَدُ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute