بِأَعْيَانِهِمْ، وَهَذَا صَاحِبُ دَيْنِي يَقُولُ لَك: هَذَا مَالُهُ فِي يَدَيَّ لَمْ أُغَيِّرْهُ، وَهَذَانِ ابْنَايَ مَالِي فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ قَدْ صَادَنِي الْآخَرُ فَأَتْلَفَ مَالِي (قَالَ): أَقُولُ لَهُ: قَدْ مَضَى الْحُكْمُ، وَلَا يُرَدُّ غَيْرَ أَنِّي أُعْطِيك الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ ابْنِك الَّذِي لَمْ يُتْلِفْهُ فَقُلْتُ لَهُ فَقَالَ لَك وَلِمَ تُعْطِينِيهِ دُونَ مَالِي (قَالَ): لِأَنَّهُ مَالُك بِعَيْنِهِ فَقُلْتُ لَهُ: فَمُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ، وَدَيْنُهُ الْمُؤَجَّلُ مَالُهُ بِعَيْنِهِ فَأَعْطِهِ إيَّاهُ (قَالَ): لَا أُعْطِيهِ إيَّاهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ مَضَى بِهِ (قُلْت): وَمَضَى مَا أَعْطَيْتَ ابْنَهُ قَالَ نَعَمْ (قُلْت): فَحَكَمْتَ حُكْمًا، وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ إمْضَاءَهُ فَأَمْضِهِ كُلَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ رَدَّهُ فَرُدَّهُ كُلَّهُ (قَالَ): أَرُدُّ مَا وَجَدْتُهُ بِعَيْنِهِ (قُلْت): لَهُ فَارْدُدْ إلَيْهِ دَيْنَهُ الْمُؤَجَّلَ بِعَيْنِهِ وَمُدَبَّرِيهِ، وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ قَالَ: أَرُدُّ عَيْنَ مَا وَجَدْت فِي يَدِ وَارِثِهِ (قُلْت): لَهُ أَفَتَرَى هَذَا جَوَابًا؟ فَمَا زَادَ عَلَى أَنْ قَالَ فَأَيْنَ السُّنَّةُ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ (قُلْت) أَفَيَعْدُو الْمُرْتَدُّ أَنْ يَكُونَ كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا؟ قَالَ بَلْ كَافِرٌ، وَبِذَلِكَ أَقْتُلُهُ (قُلْت): أَفَمَا تُبَيِّنُ لَك السُّنَّةُ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ قَالَ فَإِنَّا قَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ وَرَّثَ مُرْتَدًّا قَتَلَهُ وَوَرَثَتُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ.
(قَالَ): فَقُلْت أَنَا أَسْمَعُك وَغَيْرَك تَزْعُمُونَ أَنَّ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ تَوْرِيثِهِ الْمُرْتَدَّ خَطَأٌ وَأَنَّ الْحُفَّاظَ لَا يَرْوُونَهُ فِي الْحَدِيثِ (قَالَ): فَقَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ، وَإِنَّمَا قُلْنَا خَطَأٌ بِالِاسْتِدْلَالِ، وَذَلِكَ ظَنٌّ (قَالَ): فَقُلْت لَهُ: رَوَى الثَّقَفِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» فَقُلْت فَلَمْ يَذْكُرْ جَابِرًا الْحُفَّاظُ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ أَفَرَأَيْت لَوْ احْتَجَجْنَا عَلَيْك بِمِثْلِ حُجَّتِك فَقُلْنَا: هَذَا ظَنٌّ وَالثَّقَفِيُّ ثِقَةٌ، وَأَنَّ صُنْعَ غَيْرِهِ أَوْشَكَ قَالَ فَإِذًا لَا تُنْصِفُ (قُلْت): وَكَذَلِكَ لَمْ تُنْصِفْ أَنْتَ حِينَ أَخْبَرْتَنِي أَنَّ الْحُفَّاظَ رَوَوْا هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لَيْسَ فِيهِ تَوْرِيثُ مَالِهِ، وَقُلْتَ: هَذَا غَلَطٌ ثُمَّ احْتَجَجْتَ بِهِ، فَقَالَ لَوْ كَانَ ثَابِتًا، قُلْت فَأَصْلُ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ نَحْنُ وَأَنْتَ وَأَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَتَ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ وَلَوْ كَثُرُوا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ؟ قَالَ: أَجَلْ وَلَكِنِّي أَقُولُ: قَدْ يَحْتَمِلُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» الَّذِي لَمْ يُسْلِمْ قَطُّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْت لَهُ: أَفَتَقُولُ هَذَا بِدَلَالَةٍ فِي الْحَدِيثِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَعْلَمُ بِهِ فَقُلْتُ أَيَرْوِي عَلِيٌّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَذَا الْحَدِيثَ فَنَقُولُ لَا يَدَعُ شَيْئًا رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا وَقَدْ عَرَفَ مَعْنَاهُ فَيُوَجَّهُ عَلَى مَا قُلْت؟ (قَالَ): مَا عَلِمْتُهُ رَوَاهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قُلْت): أَفَيُمْكِنُ فِيهِ أَنْ لَا يَكُونَ سَمِعَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقُلْتُ لَهُ: أَفَتَرَى لَك فِي هَذَا حُجَّةً؟ قَالَ: لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ يَخْفَى مِثْلُ هَذَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَقُلْتُ: وَقَدْ وَجَدْتُكَ تُخْبِرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَضَى فِي بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ نِسَائِهَا، وَكَانَتْ نُكِحَتْ عَلَى غَيْرِ صَدَاقٍ فَقَضَى بِخِلَافِهِ، وَقَدْ سَمِعْتُهُ وَقَالَ مِثْلَ قَوْلِ عَلِيٍّ ابْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فَقُلْت: لَا حُجَّةَ لِأَحَدٍ وَلَا فِي قَوْلِهِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقُلْت لَهُ: فَإِنْ قَالَ لَك قَائِلٌ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا قَالَ هَذَا زَيْدٌ وَابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ عَلِمَ أَنَّ زَوْجَ بِرْوَعَ فَرَضَ لَهَا بَعْدَ عُقْدَةِ النِّكَاحِ فَحَفِظَ مَعْقِلٌ أَنَّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ بَعْدَ فَرِيضَةٍ، وَعَلِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ كَانَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute