للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُلُثَ دِينَارٍ فَدَعْهَا وَنُخَالِفُهُ فِي أَنَّهَا إذَا نَقَصَتْ عَنْ عِشْرِينَ دِينَارًا أَقَلَّ مِنْ حَبَّةٍ لَمْ نَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إذَا كَانَتْ مَحْدُودَةً بِأَنْ لَا يُؤْخَذَ إلَّا مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَالْعِلْمُ يُحِيطُ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا بِشَيْءٍ مَا كَانَ الشَّيْءُ ".

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ مَنْ حَفِظْت عَنْهُ وَذَكَرَ لِي عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْبُلْدَانِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالْعُرُوضُ الَّتِي لَمْ تُشْتَرَ لِلتِّجَارَةِ مِنْ الْأَمْوَالِ لَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ بِأَنْفُسِهَا فَمَنْ كَانَتْ لَهُ دُورٌ أَوْ حَمَّامَاتٌ لِغَلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ ثِيَابٌ كَثُرَتْ أَوْ قَلَّتْ أَوْ رَقِيقٌ كَثُرَ أَوْ قَلَّ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ لَا زَكَاةَ فِي غَلَّاتِهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي يَدَيْ مَالِكِهَا، وَكَذَلِكَ كِتَابَةُ الْمُكَاتَبِ وَغَيْرِهِ لَا زَكَاةَ فِيهَا إلَّا بِالْحَوْلِ لَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالٍ مَا كَانَ لَيْسَ بِمَاشِيَةٍ وَلَا حَرْثٍ وَلَا ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ أَوْ يَسْتَغِلُّ مَالَهُ غَلَّةً مِنْهُ أَوْ يَدَّخِرُهُ وَلَا يُرِيدُ بِشَيْءٍ مِنْهُ التِّجَارَةَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِقِيمَةٍ وَلَا فِي غَلَّتِهِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ لَوْ بَاعَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ أَوْ يَسْتَغِلَّهُ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا فَإِذَا حَالَ عَلَى مَا نَضَّ بِيَدِهِ مِنْ ثَمَنِهِ حَوْلٌ زَكَّاهُ، وَكَذَلِكَ غَلَّتُهُ إذَا كَانَتْ مِمَّا يُزَكَّى مِنْ سَائِمَةِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَإِنْ أَكْرَى شَيْئًا مِنْهُ بِحِنْطَةٍ أَوْ زَرْعٍ مِمَّا فِيهِ زَكَاةٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ أَوْ لَمْ يَحُلْ لِأَنَّهُ لَمْ يَزْرَعْهُ فَتَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُؤْتَى حَقُّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ، وَهَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ الزَّكَاةَ عَلَى الزَّرْعِ (قَالَ الرَّبِيعُ) قَالَ أَبُو يَعْقُوبَ: وَزَكَاةُ الزَّرْعِ عَلَى بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الزَّرْعِ فِي قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَ الزَّرْعِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَبْيَضَّ (قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّبِيعُ): وَجَوَابُ الشَّافِعِيِّ فِيهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ بَيْعَهُ فَأَمَّا هُوَ فَكَانَ لَا يَرَى بَيْعَهُ فِي سُنْبُلِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ خَبَرٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُتَّبَعُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ عَلِمْته أَنَّ مَنْ أَدَّى عُشْرَ أَرْضِهِ ثُمَّ حَبَسَ طَعَامَهَا أَحْوَالًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ مَلَكَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْعُرُوضِ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَيِّ وُجُوهِ الْمِلْكِ مَلَكَهَا بِهِ إلَّا الشِّرَاءَ أَوْ كَانَ مُتَرَبِّصًا يُرِيدُ بِهِ الْبَيْعَ فَحَالَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ اشْتَرَى مِنْ الْعُرُوضِ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْت أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِعَيْنِهِ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ بِأَيِّ وُجُوهِ الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ كَانَ أَحْصَى يَوْمَ مَلَكَهُ مِلْكًا صَحِيحًا، فَإِذَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ، هُوَ عَرَضٌ فِي يَدِهِ لِلتِّجَارَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَهُ بِالْأَغْلَبِ مِنْ نَقْدِ بَلَدِهِ دَنَانِيرَ كَانَتْ أَوْ دَرَاهِمَ ثُمَّ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي قَوَّمَهُ بِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ بَاعَ عَرَضًا مِنْهُ بِعَرَضٍ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ قَوَّمَ الْعَرَضَ الثَّانِيَ بِحَوْلِهِ يَوْمَ مَلَكَ الْعَرَضَ الْأَوَّلَ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ مِنْ قِيمَتِهِ وَسَوَاءٌ غُبِنَ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ غُبِنَ عَامَّةً إلَّا أَنْ يُغْبَنَ بِالْمُحَابَاةِ وَجَاهِلًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ لَا اخْتِلَافَ فِيمَا تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا اشْتَرَى الْعَرَضَ بِنَقْدٍ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَوْ عَرَضٍ تَجِبُ فِي قِيمَتِهِ الزَّكَاةُ حَسَبَ مَا أَقَامَ الْمَالَ فِي يَدِهِ وَيَوْمَ اشْتَرَى الْعَرَضَ كَأَنَّ الْمَالَ أَوْ الْعَرَضَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَرَضَ لِلتِّجَارَةِ أَقَامَ فِي يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ، فَأَقَامَ فِي يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالَيْنِ مَعًا، الَّذِي كَانَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَكَانَتْ الزَّكَاةُ وَاجِبَةً فِيهِمَا مَعًا، فَيُقَوِّمُ الْعَرَضَ الَّذِي فِي يَدِهِ فَيُخْرِجُ مِنْهُ زَكَاتَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ عَرَضٌ لَمْ يَشْتَرِهِ أَوْ عَرَضٌ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ تِجَارَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ لَمْ يَحْسُبْ مَا أَقَامَ الْعَرَضَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَرَضَ الْآخَرَ وَحَسَبَ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَى الْعَرَضَ الْآخَرَ، فَإِذَا حَالَ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهُ زَكَّاهُ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ الْأَوَّلَ لَيْسَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِحَالٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ اشْتَرَى عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَوْ شَيْءٍ تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ مِنْ الْمَاشِيَةِ، وَكَانَ أَفَادَ مَا اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْعَرَضَ مِنْ يَوْمِهِ لَمْ يُقَوِّمْ الْعَرَضَ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ يَوْمَ أَفَادَ ثَمَنَ الْعَرَضِ ثُمَّ يُزَكِّيهِ بَعْدَ الْحَوْلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ أَقَامَ هَذَا الْعَرَضُ فِي يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَقَامَتْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>