أَوَجَبَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهَا الْغُسْلَ وَكَذَلِكَ كُلُّ فَرْجٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ بَهِيمَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ إذَا غَيَّبَ الْحَشَفَةَ فِيهِ مَعَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي إتْيَانِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ امْرَأَتِهِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ إتْيَانُ امْرَأَتِهِ فِي دُبُرِهَا عِنْدَنَا وَكَذَلِكَ لَوْ غَيَّبَهُ فِي امْرَأَتِهِ وَهِيَ مَيِّتَةٌ وَإِنْ غَيَّبَهُ فِي دَمٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ غَيْرِ ذَاتِ رُوحٍ مِنْ مُحَرَّمٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غُسْلٌ حَتَّى يَأْتِيَ مِنْهُ الْمَاءُ الدَّافِقُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا إنْ اسْتَمْنَى فَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غُسْلٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَّ لَيْسَ بِفَرْجٍ وَإِذَا مَاسَّ بِهِ شَيْئًا مِنْ الْأَنْجَاسِ غَسَلَهُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ وَإِذَا مَاسَّ ذَكَرَهُ تَوَضَّأَ لِلَمْسِهِ إيَّاهُ إذَا أَفْضَى إلَيْهِ فَإِنْ غَسَلَهُ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ ثَوْبٌ أَوْ رُقْعَةٌ طَهُرَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ وُضُوءٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ نَالَ مِنْ امْرَأَتِهِ مَا دُونَ أَنْ يُغَيِّبَهُ فِي فَرْجِهَا وَلَمْ يُنْزِلْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ غُسْلًا وَلَا نُوجِبُ الْغُسْلَ إلَّا أَنْ يُغَيِّبَهُ فِي الْفَرْجِ نَفْسِهِ أَوْ الدُّبُرِ فَأَمَّا الْفَمُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَسَدِهَا فَلَا يُوجِبُ غُسْلًا إذَا لَمْ يُنْزِلْ وَيَتَوَضَّأُ مِنْ إفْضَائِهِ بِبَعْضِهِ إلَيْهَا وَلَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ فِي هَذِهِ الْحَالِ اغْتَسَلَتْ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ حَالٍ أَنْزَلَ فِيهَا فَأَيُّهُمَا أَنْزَلَ بِحَالٍ اغْتَسَلَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ شَكَّ رَجُلٌ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِالْإِنْزَالِ وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يَغْتَسِلَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَاءً دَافِقًا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ جَاءَ مِنْهُ مَاءٌ دَافِقٌ بِاحْتِلَامٍ وَلَا بِغَيْرِهِ أَحْبَبْت أَنْ يَغْتَسِلَ وَيُعِيدَ الصَّلَاةَ وَيَتَأَخَّى فَيُعِيدَ بِقَدْرِ مَا يَرَى أَنَّ ذَلِكَ الِاحْتِلَامَ كَانَ أَوْ مَا كَانَ مِنْ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ نَوْمٍ رَأَى فِيهِ شَيْئًا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ احْتَلَمَ فِيهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يَبِينُ لِي أَنْ يَجِبَ هَذَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رَأَى فِي الْمَنَامِ شَيْئًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَنْزَلَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَلْبَسَ ثَوْبَهُ غَيْرُهُ فَيَعْلَمَ أَنَّ الِاحْتِلَامَ كَانَ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي لَا يَشُكُّ أَنَّ الِاحْتِلَامَ كَانَ قَبْلَهُ وَكَذَلِكَ إنْ أَحْدَثَ نَوْمَةً نَامَهَا، فَإِنْ كَانَ صَلَّى بَعْدَهُ صَلَاةً أَعَادَهَا وَإِنْ كَانَ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَهُ صَلَاةً اغْتَسَلَ لِمَا يُسْتَقْبَلْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ زُبَيْدِ بْنِ الصَّلْتِ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْت مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إلَى الْجَرْفِ فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ قَدْ احْتَلَمَ وَصَلَّى وَلَمْ يَغْتَسِلْ فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَرَانِي إلَّا قَدْ احْتَلَمْت وَمَا شَعَرْت وَصَلَّيْت وَمَا اغْتَسَلْت قَالَ فَاغْتَسَلَ وَغَسَلَ مَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ وَنَضَحَ مَا لَمْ يَرَ وَأَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ارْتِفَاعِ الضُّحَى مُتَمَكِّنًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ أَنَّهُ اعْتَمَرَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَعْلَمُهُ يَجِبُ الْغُسْلُ مِنْ غَيْرِ الْجَنَابَةِ وُجُوبًا لَا تُجْزِئُ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ. وَأَوْلَى الْغُسْلِ عِنْدِي أَنْ يَجِبَ بَعْدَ غُسْلِ الْجَنَابَةِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ وَلَا أُحِبُّ تَرْكَهُ بِحَالٍ وَلَا تَرْكَ الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّهِ مُفْضِيًا إلَيْهِ.
ثُمَّ الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يُبَيِّنُ أَنْ لَوْ تَرَكَهُمَا تَارِكٌ ثُمَّ صَلَّى اغْتَسَلَ وَأَعَادَ، إنَّمَا مَنَعَنِي مِنْ إيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنَّ فِي إسْنَادِهِ رَجُلًا لَمْ أَقَعْ مِنْ مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ إلَى يَوْمِي هَذَا عَلَى مَا يُقْنِعُنِي فَإِنْ وَجَدْت مَنْ يُقْنِعُنِي مِنْ مَعْرِفَةِ ثَبْتِ حَدِيثِهِ أَوْجَبْت الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الْمَيِّتِ مُفْضِيًا إلَيْهِ فَإِنَّهُمَا فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا غُسْلُ الْجُمُعَةِ فَإِنَّ الدَّلَالَةَ عِنْدَنَا أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِهِ عَلَى الِاخْتِيَارِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ فَقَالَ عُمَرُ أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute