للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي حَدِيثِ نَافِعٍ دَلَالَةُ سُنَّةٍ بِحَدِيثِ جَعْفَرٍ إذْ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ، وَبَيَّنَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا فَرَضَهَا عَلَى سَيِّدِهِ وَمَا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ عَلَى السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ وَأَمَتِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهُمَا مِمَّنْ يُمَوِّنُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَعَلَى كُلِّ رَجُلٍ لَزِمَتْهُ مُؤْنَةُ أَحَدٍ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهُ تَرْكُهَا أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ، وَذَلِكَ مَنْ جَبَرْنَاهُ عَلَى نَفَقَتِهِ مِنْ وَلَدِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَآبَائِهِ وَأُمَّهَاتِهِ الزَّمْنَى الْفُقَرَاءِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمٍ لَهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ خَادِمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُزَكِّيَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُ وَلَزِمَهَا تَأْدِيَةُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَمَّنْ بَقِيَ مِنْ رَقِيقِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي رَقِيقِهِ الْحُضُورِ وَالْغُيَّبِ رَجَا رَجْعَتَهُمْ، أَوْ لَمْ يَرْجُ إذَا عَرَفَ حَيَاتَهُمْ؛ لِأَنَّ كُلًّا فِي مِلْكِهِ، وَكَذَلِكَ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَالْمُعْتَقُونَ إلَى أَجَلٍ مِنْ رَقِيقِهِ وَمَنْ رَهَنَ مِنْ رَقِيقِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ فِي مِلْكِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَنْ يُمَوِّنُ كَافِرٌ لَمْ يَلْزَمْهُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَطْهُرْ بِالزَّكَاةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَرَقِيقُ رَقِيقِهِ رَقِيقُهُ، فَعَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُمْ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ فِي وِلَايَتِهِ لَهُمْ أَمْوَالٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ عَنْهُمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ فَيُخْرِجَهَا مِنْ مَالِهِ عَنْهُمْ فَتُجْزِي عَنْهُمْ، فَإِذَا تَطَوَّعَ حُرٌّ مِمَّنْ يُمَوِّنُ الرَّجُلُ فَأَخْرَجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ نَفْسِهِ، أَوْ امْرَأَتِهِ كَانَتْ، أَوْ ابْنٍ لَهُ، أَوْ أَبٍ، أَوْ أُمٍّ أَجْزَأَ عَنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْهُمْ ثَانِيَةً، فَإِنْ تَطَوَّعُوا بِبَعْضِ مَا عَلَيْهِمْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُتِمَّ الْبَاقِيَ عَنْهُمْ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ

(قَالَ): وَمَنْ قُلْت يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، فَإِذَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ كَانَ أَحَدٌ فِي مِلْكِهِ، أَوْ عِيَالِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ نَهَارِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ فَغَابَتْ الشَّمْسُ لَيْلَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَإِذَا غَابَتْ الشَّمْسُ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ ثُمَّ وُلِدَ بَيْنَهُمْ، أَوْ صَارَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي عِيَالِهِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي عَامِهِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَكَانَ فِي سُقُوطِ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ كَالْمَالِ يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْحَوْلِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ مِنْهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ وَلَمْ يَخْتَرْ إنْفَاذَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْبَائِعِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ): وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ وَالْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ إجَازَةَ الْبَيْعِ، أَوْ رَدَّهُ فَهُمَا سَوَاءٌ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْبَائِعِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): لَوْ بَاعَ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ هِلَالُ شَوَّالٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ، أَوْ الْأَخْذَ كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّ الْبَيْعِ إلَّا أَنْ يَخْتَارَهُ قَبْلَ الْهِلَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْبَائِعِ إنَّمَا أَنْظُرُ إلَى مَنْ يَمْلِكُهُ فَأَجْعَلُ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَيْهِ

(قَالَ): لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدَ رَجُلٍ كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ فِي الْعَبْدِ عَلَى مَالِكِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ نَفَقَتَهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ رَقِيقِهِ الَّذِي اشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَيُؤَدِّي عَنْهُمْ زَكَاةَ التِّجَارَةِ مَعًا وَعَنْ رَقِيقِهِ لِلْخِدْمَةِ وَغَيْرِهَا وَجَمِيعِ مَا يَمْلِكُ مِنْ خَدَمٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ وَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ حَتَّى أَهَلَّ شَوَّالٌ وَقَفْنَا زَكَاةَ الْفِطْرِ، فَإِنْ أَقْبَضَهُ إيَّاهُ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ، لَوْ قَبَضَهُ قَبْلَ اللَّيْلِ ثُمَّ غَابَتْ الشَّمْسُ، هُوَ فِي مِلْكِهِ مَقْبُوضًا لَهُ كَانَتْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ، لَوْ رَدَّهُ مِنْ سَاعَتِهِ (قَالَ): وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا مَلَكَ بِهِ رَجُلٌ رَجُلًا عَبْدًا، أَوْ أَمَةً

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا أَعْتَقَ رَجُلٌ نِصْفَ عَبْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَلَمْ يَكُنْ مُوسِرًا فَبَقِيَ نِصْفُهُ رَقِيقًا لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ فِي نِصْفِهِ نِصْفُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، وَإِنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَا يَقُوتُ نَفْسَهُ لَيْلَةَ الْفِطْرِ وَيَوْمَهُ وَيُؤَدِّي النِّصْفَ عَنْ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ زَكَاةِ النِّصْفِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>