مِنْ شَعِيرٍ فَلَمْ نَزَلْ نُخْرِجُ ذَلِكَ حَتَّى قَدِمَ مُعَاوِيَةُ حَاجًّا، أَوْ مُعْتَمِرًا فَخَطَبَ النَّاسَ فَكَانَ فِيمَا كَلَّمَ النَّاسَ بِهِ أَنْ قَالَ إنِّي أَرَى: مُدَّيْنِ مِنْ سَمْرَاءِ الشَّامِ تَعْدِلُ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ فَأَخَذَ النَّاسُ بِذَلِكَ».
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُخْرَجُ مِنْ الْحِنْطَةِ فِي صَدَقَةِ الْفِطْرِ إلَّا صَاعٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَالثَّابِتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ وَلَا أَرَى أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ عَزَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَضَهُ، إنَّمَا عَزَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُخْرِجُونَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ مِمَّا يَقْتَاتُ الرَّجُلُ وَمِمَّا فِيهِ زَكَاةٌ (قَالَ): وَأَيُّ قُوتٍ كَانَ الْأَغْلَبَ عَلَى رَجُلٍ أَدَّى مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُسَلِّفُهُ، فَإِذَا أَفْلَسَ لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَلَوْ أَيْسَرَ مِنْ يَوْمِهِ، أَوْ مِنْ بَعْدِهِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إخْرَاجُهَا مِنْ وَقْتِهَا؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا كَانَ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِ، لَوْ أَخْرَجَهَا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الْعَبْدَ بَيْعًا فَاسِدًا فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ مِلْكِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَهَنَهُ رَجُلًا، أَوْ غَصَبَهُ إيَّاهُ رَجُلٌ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ فِي مِلْكِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِالْخِيَارِ فَأَهَلَّ شَوَّالٌ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ إنْفَاذَ الْبَيْعِ ثُمَّ أَنْفَذَهُ كَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وُقِفَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ، فَإِنْ اخْتَارَهُ فَهُوَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَدَّهُ فَهُوَ عَلَى الْبَائِعِ.
(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ): وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ، أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِهِ، أَوْ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ):: وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ أَمَتَهُ الْعَبْدَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ، فَإِنْ زَوَّجَهَا حُرًّا فَعَلَى الْحُرِّ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا فَعَلَى سَيِّدِهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهَا، لَوْ زَوَّجَهَا حُرًّا فَلَمْ يُدْخِلْهَا عَلَيْهِ، أَوْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى السَّيِّدِ
وَإِذَا وَهَبَ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ عَبْدًا، أَوْ أَمَةً وَلَا مَالَ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَبِينُ أَنَّ عَلَى أَبِيهِ فِيهِمْ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَلَيْسُوا مِمَّنْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُرْضِعًا، أَوْ مِمَّنْ لَا غِنَى لِلصَّغِيرِ عَنْهُ فَتَلْزَمُ أَبَاهُ نَفَقَتُهُمْ وَزَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْهُمْ (قَالَ): فَإِنْ حَبَسَهُمْ أَبُوهُ لِخِدْمَةِ نَفْسِهِ، فَقَدْ أَسَاءَ وَلَا يَبِينُ أَنَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ صَدَقَةَ الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِكُلِّ حَالٍ إنَّمَا تَلْزَمُهُ بِالْحَبْسِ لَهُمْ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ لِابْنِهِ مُرْضِعًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِيهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ وَلَا يَكُونُ لِمَنْ لَيْسَ بِوَلِيٍّ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ مَالِهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَإِنْ أَخْرَجَهَا، أَوْ زَكَاةً غَيْرَهَا بِغَيْرِ أَمْرِ حَاكِمٍ ضَمِنَ وَيُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَ مَنْ يُخْرِجُهَا عَنْهُ إنْ كَانَتْ الْحِنْطَةُ، أَوْ الذُّرَةُ، أَوْ الْعَلْسُ، أَوْ الشَّعِيرُ، أَوْ التَّمْرُ، أَوْ الزَّبِيبُ وَمَا أَدَّى مِنْ هَذَا أَدَّى صَاعًا بِصَاعِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لَهُ عِنْدِي أَنْ يُنْقِصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا تُقَوَّمُ الزَّكَاةُ، لَوْ قُوِّمَتْ كَانَ لَوْ أَدَّى صَاعَ زَبِيبِ ضُرُوعٍ أَدَّى ثَمَانَ آصُعَ حِنْطَةً
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا يُؤَدِّي مِنْ الْحَبِّ غَيْرَ الْحَبِّ نَفْسِهِ وَلَا يُؤَدِّي دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا وَلَا قِيمَتَهُ وَأُحِبُّ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنْ لَا يُؤَدُّوا أَقِطًا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُمْ قُوتًا فَأَدَّوْا مِنْ قُوتٍ فَالْفَثُّ قُوتٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ يَقْتَاتُونَ الْحَنْظَلَ وَاَلَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ أَنْ يَتَكَلَّفُوا أَدَاءَ قُوتِ أَقْرَبِ أَهْلِ الْبُلْدَانِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ يَقْتَاتُونَ مِنْ ثَمَرَةٍ لَا زَكَاةَ فِيهَا فَيُؤَدُّونَ مِنْ ثَمَرَةٍ فِيهَا زَكَاةٌ صَاعًا عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ وَالْقَرْيَةِ فِي هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ دُونَ أَحَدٍ، لَوْ أَدَّوْا أَقِطًا لَمْ يَبِنْ لِي أَنْ