للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ دُونَ أَهْلِ النَّسَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَهْلُ النَّسَبِ بِالْقَرْيَةِ وَكَانُوا مِنْهَا بَعِيدًا، وَكَذَلِكَ نَخْلُهُمْ وَزَكَاةُ أَمْوَالِهِمْ، وَلَا يَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى غَيْرِهَا وَفِيهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا، وَلَا مِنْ مَوْضِعٍ إلَى غَيْرِهِ، وَفِيهِ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ، وَأَوْلَى النَّاسِ بِالْقَسْمِ أَقْرَبُهُمْ جِوَارًا مِمَّنْ أُخِذَ الْمَالُ مِنْهُ، وَإِنْ بَعُدَ نَسَبُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ ذُو قَرَابَةٍ، وَإِذَا وَلِيَ الرَّجُلُ إخْرَاجَ زَكَاةِ مَالِهِ فَكَانَ لَهُ أَهْلُ قَرَابَةٍ بِبَلَدِهِ الَّذِي يَقْسِمُهُ بِهِ وَجِيرَانٌ قَسَمَهُ عَلَيْهِمْ مَعًا، فَإِنْ ضَاقَ فَآثَرَ قَرَابَتَهُ فَحَسَنٌ عِنْدِي إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ السُّهْمَانِ مَعًا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَأَمَّا أَهْلُ الْفَيْءِ فَلَا يَدْخُلُونَ عَلَى أَهْلِ الصَّدَقَاتِ مَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الْفَيْءِ، فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي الْعَطَاءِ فَضُرِبَ عَلَيْهِ الْبَعْثُ فِي الْغَزْوِ وَهُوَ بَقَرِيَّةٍ فِيهَا صَدَقَاتٌ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا، فَإِنْ سَقَطَ مِنْ الْعَطَاءِ بِأَنْ قَالَ لَا أَغْزُو وَاحْتَاجَ، أُعْطِيَ فِي الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ بِالْبَادِيَةِ وَالْقُرَى مِمَّنْ لَا يَغْزُو عَدُوًّا فَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ، فَإِنْ هَاجَرَ وَأُفْرِضَ وَغَزَا صَارَ مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ وَأَخَذَ مِنْهُ، وَلَوْ احْتَاجَ وَهُوَ فِي الْفَيْءِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الصَّدَقَاتِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الْفَيْءِ وَعَادَ إلَى الصَّدَقَاتِ فَذَلِكَ لَهُ. الِاخْتِلَافُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا مُؤَلَّفَةً فَيَجْعَلُ سَهْمَ الْمُؤَلَّفَةِ وَسَهْمَ سَبِيلِ اللَّهِ فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ فِي ثَغْرِ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ يَرَاهُ الْوَالِي، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ابْنُ السَّبِيلِ مَنْ يُقَاسِمُ الصَّدَقَاتِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي بِهِ الصَّدَقَاتُ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَقَالَ أَيْضًا: إنَّمَا قَسْمُ الصَّدَقَاتِ دَلَالَاتٌ فَحَيْثُ كَانَتْ الْكَثْرَةُ أَوْ الْحَاجَةُ فَهِيَ أَسْعَدُ بِهِ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ السُّهْمَانَ لَوْ كَانَتْ أَلْفًا وَكَانَ غَارِمٌ غُرْمُهُ أَلْفٌ وَمَسَاكِينُ يُغْنِيهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ، وَفُقَرَاءُ مِثْلُهُمْ يُغْنِيهِمْ مَا يُغْنِيهِمْ، وَابْنُ السَّبِيلِ مِثْلُهُمْ يُغْنِيهِمْ مَا يُغْنِيهِمْ، جُعِلَ لِلْغَارِمِ سَهْمٌ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَكَانَ أَكْثَرُ الْمَالِ فِي الَّذِينَ مَعَهُ، لِأَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ عَدَدًا وَحَاجَةً، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَنَّ الْمَالَ فَوْضَى بَيْنَهُمْ فَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى الْعَدَدِ وَالْحَاجَةِ لَا لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْهُمْ سَهْمٌ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: إذَا أُخِذَتْ صَدَقَةُ قَوْمٍ بِبَلَدٍ وَكَانَ آخَرُونَ بِبَلَدٍ مُجْدِبِينَ فَكَانَ أَهْلُ السُّهْمَانِ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِينَ أُخِذَتْ صَدَقَاتُهُمْ إنْ تُرِكُوا تَمَاسَكُوا وَلَمْ يَجْهَدُوا جَهْدَ الْمُجْدِبِينَ الَّذِينَ لَا صَدَقَةَ بِبِلَادِهِمْ، أَوْ لَهُمْ صَدَقَةٌ يَسِيرَةٌ لَا تَقَعُ مِنْهُمْ مَوْقِعًا، نُقِلَتْ إلَى الْمُجْدِبِينَ إذَا كَانُوا يُخَافُ عَلَيْهِمْ الْمَوْتُ هُزْلًا إنْ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْهِمْ، كَأَنَّهُ يَذْهَبُ أَيْضًا إلَى أَنَّ هَذَا الْمَالَ مَالٌ مِنْ مَالِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَسَمَهُ لِأَهْلِ السُّهْمَانِ لِمَعْنَى صَلَاحِ عِبَادِ اللَّهِ فَيَنْظُرُ إلَيْهِمْ الْوَالِي فَيَنْقُلُ هَذِهِ إلَى هَذِهِ السُّهْمَانِ حَيْثُ كَانُوا عَلَى الِاجْتِهَادِ، قَرُبُوا أَوْ بَعُدُوا، وَأَحْسِبُهُ يَقُولُ: وَتُنْقَلُ سُهْمَانُ أَهْلِ الصَّدَقَاتِ إلَى أَهْلِ الْفَيْءِ إنْ جَهَدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>