للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّيْءُ يَبْقَى بَيْنَ أَسْنَانِهِ فِي بَعْضِ فِيهِ مِمَّا يُدْخِلُهُ الرِّيقُ لَا يَمْتَنِعُ مِنْهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ عِنْدِي خَفِيفٌ فَلَا يَقْضِي، فَأَمَّا كُلُّ مَا عَدَا إدْخَالَهُ مِمَّا يَقْدِرُ عَلَى لَفْظِهِ فَيُفْطِرُهُ عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (وَقَالَ بَعْدُ) نُفَطِّرُهُ بِمَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ، إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى طَرْحِهِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ): إلَّا أَنْ يَغْلِبَهُ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ فَيَكُونُ مُكْرَهًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيُّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأُحِبُّ تَعْجِيلَ الْفِطْرِ وَتَرْكِ تَأْخِيرِهِ وَإِنَّمَا أَكْرَهُ تَأْخِيرَهُ إذَا عَمَدَ ذَلِكَ كَأَنَّهُ يَرَى الْفَضْلَ فِيهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ وَلَمْ يُؤَخِّرُوهُ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانَا يُصَلِّيَانِ الْمَغْرِبَ حِينَ يَنْظُرَانِ اللَّيْلَ اسْوَدَّ ثُمَّ يُفْطِرَانِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): كَأَنَّهُمَا يَرَيَانِ تَأْخِيرَ ذَلِكَ وَاسِعًا لَا أَنَّهُمَا يَعْمِدَانِ الْفَضْلَ لِتَرْكِهِ بَعْدَ أَنْ أُبِيحَ لَهُمَا وَصَارَا مُفْطِرَيْنِ بِغَيْرِ أَكْلٍ وَلَا شُرْبٍ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصْلُحُ فِي اللَّيْلِ وَلَا يَكُونُ بِهِ صَاحِبُهُ صَائِمًا، وَإِنْ نَوَاهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْتَجِمَ الصَّائِمُ وَلَا يُفْطِرُهُ ذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَحْتَجِمُ وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ تَرَكَ ذَلِكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَرَ أَبَاهُ قَطُّ احْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَهَذَا فُتْيَا كَثِيرٍ مِمَّنْ لَقِيت مِنْ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَرُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ احْتَجَمَ صَائِمًا».

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَا أَعْلَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثَابِتًا وَلَوْ ثَبَتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قُلْت بِهِ فَكَانَتْ الْحُجَّةُ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ تَرَكَ رَجُلٌ الْحِجَامَةَ صَائِمًا لِلتَّوَقِّي كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ، وَلَوْ احْتَجَمَ لَمْ أَرَهُ يُفْطِرُهُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ تَقَيَّأَ وَهُوَ صَائِمٌ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَمَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَمَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا: فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ بَلَغَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَدْ رَفَعَهُ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ لَيْسَ بِحَافِظٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَقْضِي وَلَسْنَا نَأْخُذُ بِقَوْلِهِ، وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ بِمِثْلِ قَوْلِنَا لَا يَقْضِي وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ فِي الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ سَاهِيًا وَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ فِي الصَّوْمِ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي الصَّلَاةِ بَلْ الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَثْبَتُ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ فَرَّقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ فِي الصَّوْمِ؟ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَرَ عَلَى مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ قَضَاءً فَرَأْيُ أَبِي هُرَيْرَةَ حُجَّةٌ فَرَّقَ بِهَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ وَهُوَ عِنْدَنَا حُجَّةٌ ثُمَّ تَرَكَ رِوَايَةَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ وَطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ فِي الصَّلَاةِ فَهَذَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَابِتٌ وَمَا جَاءَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبُ مِمَّا جَاءَ عَنْ غَيْرِهِ فَتَرَكَ الْأَوْجَبَ وَالْأَثْبَتَ وَأَخَذَ بِاَلَّذِي هُوَ أَضْعَفُ عِنْدَهُ وَعَابَ غَيْرَهُ إذْ زَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ فِي الصَّوْمِ وَالنِّسْيَانِ سَوَاءٌ ثُمَّ قَالَ بِمَا عَابَ فِي الصَّلَاةِ فَزَعَمَ أَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ سَوَاءٌ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِذَلِكَ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): مَنْ احْتَلَمَ فِي رَمَضَانَ اغْتَسَلَ وَلَمْ يَقْضِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَصَابَ أَهْلَهُ ثُمَّ طَلَعَ الْفَجْرُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَمَّ صَوْمَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ مَجَامِعُ فَأَخْرَجَهُ مِنْ سَاعَتِهِ أَتَمَّ صَوْمَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْجِمَاعِ إلَّا بِهَذَا، وَإِنْ ثَبَّتَ شَيْئًا آخَرَ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>