للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لِقَرِينَتِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى أَحَدٌ إلَّا وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ وَاجِبَتَانِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ مَكِّيِّينَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} وَسَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِرَانِ الْعُمْرَةِ مَعَ الْحَجِّ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْعُمْرَةِ تَطَوُّعًا أَشْبَهَ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْرِنَ الْعُمْرَةَ مَعَ الْحَجِّ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُدْخِلُ فِي نَافِلَةٍ فَرْضًا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الْآخَرِ، وَقَدْ يَدْخُلُ فِي أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَأَكْثَرَ نَافِلَةً قَبْلَ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَهُمَا بِسَلَامٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي مَكْتُوبَةٍ وَنَافِلَةٍ مِنْ الصَّلَاةِ فَأَشْبَهَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ بِالتَّمَتُّعِ أَوْ الْقِرَانِ هَدْيٌ إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُمْرَةِ تَطَوُّعًا بِكُلِّ حَالٍ، لِأَنَّ حُكْمَ مَا لَا يَكُونُ إلَّا تَطَوُّعًا بِحَالٍ غَيْرُ حُكْمِ مَا يَكُونُ فَرْضًا فِي حَالٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» «وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَائِلِهِ عَنْ الطِّيبِ وَالثِّيَابِ افْعَلْ فِي عُمْرَتِك مَا كُنْت فَاعِلًا فِي حَجَّتِك» (أَخْبَرَنَا) مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَنَّ الْعُمْرَةَ هِيَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَلَمْ يُحَدِّثْنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ كِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ شَيْئًا إلَّا قُلْت: لَهُ أَفِي شَكٍّ أَنْتُمْ مِنْ أَنَّهُ كِتَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ: لَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً أَنْ تَقْضِيَ الْحَجِّ عَنْ أَبِيهَا وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ أَنْ تَقْضِيَ الْعُمْرَةَ عَنْهُ، قِيلَ لَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْحَدِيثِ فَيُحْفَظُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ وَيُحْفَظُ كُلُّهُ فَيُؤَدَّى بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ، وَيُجِيبُ عَمَّا يَسْأَلُ عَنْهُ وَيَسْتَغْنِي أَيْضًا بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْحَجَّ إذَا قُضِيَ عَنْهُ فَسَبِيلُ الْعُمْرَةِ سَبِيلُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ وَمَا يُشْبِهُ مَا قُلْت؟ قِيلَ رَوَى عَنْهُ طَلْحَةُ «أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ. وَذَكَرَ الصِّيَامَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَجًّا وَلَا عُمْرَةً مِنْ الْإِسْلَامِ وَغَيْرَ هَذَا مَا يُشْبِهُ هَذَا»، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا وَجْهُ هَذَا؟ قِيلَ لَهُ: مَا وَصَفْت مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْخَبَرِ فَيُؤَدَّى بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ أَوْ يُحْفَظُ بَعْضُهُ دُونَ بَعْضٍ أَوْ يُكْتَفَى بِعِلْمِ السَّائِلِ أَوْ يُكْتَفَى بِالْجَوَابِ عَنْ الْمَسْأَلَةِ ثُمَّ يَعْلَمُ السَّائِلُ بَعْدُ وَلَا يُؤَدَّى ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ السَّائِلِ وَيُؤَدَّى فِي غَيْرِهِ

(قَالَ): وَإِذَا أَفْرَدَ الْعُمْرَةَ فَالْمِيقَاتُ لَهَا كَالْمِيقَاتِ فِي الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ كُلِّهَا إلَّا أَنَّا نَنْهَى الْمُحْرِمَ بِالْحَجِّ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِأَنَّهُ مَعْكُوفٌ عَلَى عَمَلِ الْحَجِّ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى الْإِحْرَامِ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ جَمِيعِ عَمَلِ الْإِحْرَامِ الَّذِي أَفْرَدَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلَوْ لَمْ يَحُجَّ رَجُلٌ فَتَوَقَّى الْعُمْرَةَ حَتَّى تَمْضِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ كَانَ وَجْهًا وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَجَائِزٌ لَهُ، لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ نَمْنَعُهُ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ لِإِحْرَامِ غَيْرِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَيُجْزِيه أَنْ يَقْرِنَ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَتَجْزِيهِ مِنْ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ وَيُهَرِيق دَمًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فَالْقَارِنُ أَخَفُّ حَالًا مِنْ الْمُتَمَتِّعِ، الْمُتَمَتِّعُ إنَّمَا أَدْخَلَ عُمْرَةً فَوَصَلَ بِهَا حَجًّا فَسَقَطَ عَنْهُ مِيقَاتُ الْحَجِّ وَقَدْ سَقَطَ عَنْ هَذَا وَأَدْخَلَ الْعُمْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَجِّ وَقَدْ أَدْخَلَهَا الْقَارِنُ، وَزَادَ الْمُتَمَتِّعُ أَنْ تَمَتَّعَ بِالْإِحْلَالِ مِنْ الْعُمْرَةِ إلَى إحْرَامِ الْحَجِّ وَلَا يَكُونُ الْمُتَمَتِّعُ فِي أَكْثَرِ مِنْ حَالِ الْقَارِنِ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْهَدْيِ

(قَالَ): وَتُجْزِئُ الْعُمْرَةُ قَبْلَ الْحَجِّ وَالْحَجُّ قَبْلَ الْعُمْرَةِ مِنْ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ (قَالَ): وَإِذَا اعْتَمَرَ قَبْلَ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى يُنْشِئَ الْحَجَّ أَنْشَأَهُ مِنْ مَكَّةَ لَا مِنْ الْمِيقَاتِ

(قَالَ): وَإِنْ أَفْرَدَ الْحَجَّ فَأَرَادَ الْعُمْرَةَ بَعْدَ الْحَجِّ خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ أَهَلَّ مِنْ أَيْنَ شَاءَ وَسَقَطَ عَنْهُ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَأَحْرَمَ بِهَا مِنْ أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِنْ مِيقَاتِهَا، وَلَا مِيقَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>